تسيطر على سماء أوروبا حالة من الفوضى والاضطراب، اليوم الخميس، إذ ينفذ مراقبو الحركة الجوية في فرنسا إضرابًا من شأنه أن يؤدي إلى إلغاء المئات من الرحلات وتأخير أخرى، مما يتسبب في معاناة عشرات الآلاف من المسافرين حول القارة العجوز.
ووفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية، تكمن مطالب النقابات المُمثِلة للمراقبين الفرنسيين في زيادة رواتبهم بنسبة 25% على مدى الخمس سنوات المقبلة، وذلك مقابل الموافقة على خطط إعادة هيكلة نظام الملاحة الجوية في البلاد التي تجري مناقشتها منذ أكثر من عام.
دعوة للإضراب واحتجاجات قوية
وفي محاولة لممارسة المزيد من الضغط على السلطات الفرنسية، أطلقت النقابة الوطنية لمراقبي حركة الطيران المدني، -تعد الأكبر في القطاع- دعوة للإضراب الواسع، فيما هددت نقابة أخرى بالإضراب طوال شهر يونيو المقبل، في الوقت الذي تصل فيه تكلفة إضراب يوم واحد للمراقبين إلى 10 ملايين يورو بحسب الصحيفة الفرنسية، مما يجعل هذه الإضرابات المزمعة أزمة حقيقية تهدد بشل حركة الطيران الفرنسي في ذروة موسم السفر والعطلات الصيفية.
ويبرر مراقبو الحركة الجوية مطالبهم بأنهم يتقاضون رواتب أقل بمرتين من نظرائهم في الدول الأوروبية الأخرى.
تأثير الإضراب على حركة الطيران
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه من المتوقع أن يكون للإضراب تأثير كبير على حركة الطيران في فرنسا، إذ أعلن رئيس اتحاد الطيران التجاري الوطني، باسكال دي إزاجير، أن 75% من الرحلات ستلغى في مطار أورلي و65% في مطار رويسي شارل ديجول، مما سيؤدي إلى "تأثير هائل".
ومع ذلك، تعهدت النقابة الوطنية لمراقبي حركة الطيران المدني بعدم الإضراب خلال فترة الألعاب الأولمبية في باريس في صيف 2024.
خطط الإصلاح وزيادة الإنتاجية
ولا تقتصر مطالب النقابات على زيادة الرواتب فحسب، بل تشمل أيضًا رفض خطط تحديث نظام المراقبة الجوية في فرنسا، إذ تخطط السلطات الفرنسية لتقليص عدد مراكز ومحطات مراقبة الحركة الجوية بنسبة 50% تقريبًا، لتبلغ 16 مركزًا فقط للمراقبة عند الهبوط مقابل 30 حاليًا، ناهيك عن إغلاق ربع محطات المراقبة الأرضية، وهو ما سيضطر مئات المراقبين للانتقال إلى مواقع عمل جديدة.
تهدف هذه الخطوات إلى رفع كفاءة وإنتاجية المراقبين الجويين ومواكبة الزيادة المتوقعة في حركة الطيران بنسبة 20 إلى 30% بحلول عام 2030، لكن النقابات ترفض هذه الإجراءات وتصفها بأنها ستفرض مزيدًا من الضغوط والأعباء على المراقبين دون تحسين ملموس لظروفهم.
تضرر 50 ألف مسافر
وتشير شركة الطيران الأيرلندية الشهيرة "راين اير" إلى أن الإضراب المزمع اليوم اضطرها لإلغاء أكثر من 300 رحلة جوية عبر القارة العجوز.
ووفقًا لتصريحات "راين اير"، تأثر ما يقرب من 50 ألف مسافر بشكل مباشر جراء فشل السلطات الفرنسية في ضمان حماية الرحلات الجوية العابرة لأجوائها، التي لا تهبط على الأراضي الفرنسية خلال فترات الإضراب.
وأوضحت الشركة أن غالبية الركاب المتضررين كانوا يسافرون فقط عبر الأجواء الفرنسية في رحلات متجهة إلى وجهات أخرى مثل اليونان أو إسبانيا، ما يعني أن فرنسا لم تكن المقصد النهائي لرحلاتهم على الإطلاق، وبالتالي تعرضت رحلات لا علاقة لها بالنزاع القائم بين مراقبي الحركة الجوية الفرنسيين والسلطات المحلية للإلغاء أو التأخير الكبير.