في خطوة غير متوقعة، أوصت أجهزة المخابرات الفرنسية بإلغاء حفل الافتتاح الضخم المخطط له لأولمبياد باريس 2024، وسط مخاوف أمنية متصاعدة بعد الهجوم الإرهابي الدامي في روسيا.
وألقت هذه التوصية بظلالها على الاستعدادات الجارية لاستضافة أكبر حدث رياضي عالمي، إذ حولت التركيز من التحضيرات اللوجستية إلى التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجهها السلطات الفرنسية، وفي ظل هذه الظروف المتقلبة، تضطر فرنسا إلى إعادة تقييم خططها بعناية لضمان سلامة الحدث وإنجاحه على الرغم من المخاطر المحدقة.
توصية باستبدال حفل افتتاح الأولمبياد
أوصت أجهزة المخابرات الفرنسية بإلغاء خطط حفل الافتتاح الكبير لأولمبياد باريس 2024 بسبب مخاوف أمنية، حسبما أفادت إذاعة "أوروبا 1" نقلًا عن مصادر أمنية.
وبموجب الخطة الحالية، من المقرر أن يكون الحفل في العاصمة الفرنسية يوم 26 يوليو حدثًا فخمًا على نهر السين، يتضمن عرضًا بالقوارب للرياضيين وعشرات الآلاف من المتفرجين الذين يشاهدون الإجراءات على طول ضفتيه.
ومع ذلك، تفيد التقارير بأن المديرية العامة للأمن الخارجي في فرنسا(DGSE) تشعر بالقلق من أن نطاق الحدث كبير جدًا، وأنه يمثل الكثير من المخاطر الأمنية في مواجهة المؤامرات الإرهابية المحتملة.
وقال مصدر استخباراتي للإذاعة الفرنسية: "علينا أن نتحول إلى الخطة البديلة".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ذكر لأول مرة وجود احتمالية لحفل الافتتاح في ديسمبر الماضي، في حين أنه من غير الواضح حاليًا ما تنطوي عليه الخطة بالضبط، فيما تكهنت وسائل الإعلام الفرنسية بأنها قد تتضمن أي شيء بدءًا من تقليص نطاق المكان إلى إلغاء موكب الرياضيين على نهر السين بالكامل ونقله إلى مساحة داخلية.
إعادة تقييم التهديد
وفقًا لإذاعة "أوروبا1"، اضطرت أجهزة الأمن الفرنسية إلى إعادة تقييم التهديد الذي يواجه الألعاب الأولمبية بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم الجمعة الماضي في روسيا، بعد أن اقتحم مسلحون قاعة حفلات الموسيقية بالقرب من موسكو، ما أسفر عن مقتل أكثر من 140 شخصًا وإصابة كثيرين آخرين.
وتم القبض على المسلحين المسؤولين عن المذبحة، وهم مواطنون طاجيكيون، بعد ساعات من الهجوم الذي وقع في منطقة روسية على الحدود مع أوكرانيا. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجناة بأنهم "إسلاميون متطرفون".
ورفعت فرنسا مستوى التهديد الإرهابي في البلاد إلى الحد الأقصى بعد الهجوم في روسيا.
وأشار مصدر استخباراتي للإذاعة الفرنسية إلى أنه "خلال الأسبوع الماضي، كان هناك الكثير من التحركات بين مواطني آسيا الوسطى الذين نتابعهم عادة".
وأضاف أن الجهاز كثف عمليات مراقبة التركمان والقرغيز والكازاخ والإسلاميين المشتبه بهم، من أجل الكشف عن مخططات محتملة لاستهداف الأولمبياد.
وكان من المقرر أن تناقش المديرية العامة للأمن الخارجي في فرنسا مخاوفها بشأن حفل الافتتاح والأمن العام للألعاب مع وزير الداخلية جيرالد دارمانين.
تحدٍ أمني
وتمثل دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024 في باريس تحديًا أمنيًا كبيرًا للغاية للسلطات الفرنسية، إذ ستجمع آلاف الرياضيين والمشجعين من مختلف أنحاء العالم في العاصمة الفرنسية لفترة زمنية محدودة، ما يجعلها هدفًا محتملًا للجماعات الإرهابية المتشددة.
ومن المقرر أن تستمر دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024 من 26 يوليو إلى 11 أغسطس، ومن المقرر تعبئة قوة أمنية ضخمة لتأمينها تصل إلى نحو 45 ألف عنصر شرطة و18 ألف جندي و22 ألف حارس أمن خاص، وفقًا للإحصاءات الرسمية. ويعكس حجم هذه القوة الأمنية المخاوف الفرنسية من احتمال استهداف هذا الحدث العالمي الكبير بهجمات إرهابية.
ولهذا السبب، تسعى فرنسا جاهدة لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الدعم الأمني الدولي لضمان سلامة الحدث وإنجاحه، فالتحديات الأمنية لا تقل أهمية عن الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية، بل قد تكون أكثر تعقيدًا في ظل بيئة إقليمية مضطربة تشهد تصاعدًا في نشاط الجماعات المتطرفة.