في محاولة لاستعادة زمام المبادرة في قضايا الأمن قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، أطلق رئيس الوزراء الفرنسي جابرييل أتال حملة مثيرة للجدل لمكافحة العنف المتصاعد بين صفوف الشباب والمراهقين.
وفي خطابه ببلدة فيري-شاتيون، التي شهدت مأساة مروعة بمقتل فتى عمره 15 عامًا على أيدي مجموعة من المراهقين، دعا "أتال" إلى "زخم حقيقي من السلطة"، واتخاذ إجراءات صارمة ضد ما وصفه بـ"إدمان العنف" لدى بعض المراهقين.
ووصف أتال الوضع بأنه "تحدٍ كبير" للمجتمع الفرنسي، مستشهدًا بإحصائيات مثيرة للقلق تظهر ارتفاعًا كبيرًا في معدلات العنف والجرائم المرتكبة من قبل المراهقين، بما في ذلك ضعف عدد المراهقين المتورطين في قضايا الاعتداء وأربعة أضعاف في تجارة المخدرات، وسبعة أضعاف في عمليات السطو المسلح مقارنة بعامة السكان.
إجراءات قاسية تجاه القُصّر المُشاغبين
من بين الإجراءات الصارمة التي اقترحها أتال، فتح باب المعاملة القانونية للقُصّر دون سن 18 عامًا كالبالغين في حالات استثنائية، بما في ذلك إمكانية محاكمة المراهقين البالغين من العمر 16 عامًا بشكل فوري وسريع "كالبالغين" بعد ارتكابهم للمخالفات.
كما اقترح إرسال الأطفال المُشاغبين ومثيري الشغب إلى مدارس داخلية بعيدة عن أحيائهم ومجتمعاتهم المحلية، في خطوة تهدف إلى فصلهم عن البيئة التي قد تشجع سلوكياتهم العنيفة.
ومن المقرر أن يزور أتال مدرسة داخلية، الأسبوع المقبل؛ للترويج لهذه الفكرة ودراسة تنفيذها على أرض الواقع.
قيود على مواقع التواصل
وفي إطار خطته لمكافحة العنف بين صفوف القُصَّر، أعلن رئيس الوزراء أيضًا عن تدابير تهدف إلى مراقبة استخدام الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي من قبل الشباب بشكل أفضل. وتعمل لجنة حاليًا على وضع ضوابط لاستخدام الشاشات الرقمية، ومن المقرر أن تقدم استنتاجاتها قبل نهاية الشهر الجاري.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم تطبيق قانون جديد لمراقبة أعمار المستخدمين المسجلين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ حُدد السن الأدنى للتسجيل بـ15 عامًا. وتهدف هذه الإجراءات إلى حماية القُصَّر بشكل أفضل من المحتويات والسلوكيات الخطرة على الإنترنت والمنصات عبر الإنترنت.
تدابير تثير القلق
على الرغم من أن خطاب أتال واقتراحاته تهدف إلى استعادة السيطرة على الوضع الأمني وردع العنف بين الشباب، إلا أنها أثارت قلق العديد من المنظمات والجهات المعنية بحقوق الطفل، وانتقد الفرع الفرنسي لليونيسف هذه التدابير بشدة، قائلًا إنها تهدد "المبادئ الأساسية" لحقوق الطفل في فرنسا، ويجب أن يكون النهج التربوي والوقائي أكثر أهمية من التدابير القمعية ضد الأطفال والمراهقين.
كما حذرت أديلين هازان، رئيسة "يونيسف فرنسا"، من أن "بعض هذه التدابير قد تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في سن مبكرة بالنسبة للأطفال والشباب الضعفاء".
انتقادات حادة
لم تقتصر الانتقادات على منظمات حقوق الطفل فحسب، بل امتدت لتشمل المحامين والقضاة ونقابات المعلمين أيضًا.
ووصفت نقابة القضاة الفرنسيين هذه التدابير بأنها "مثيرة للقلق بشكل كبير"، قائلة إنها ستؤدي إلى نظام عدالة "يكرس وصمة العار" على المراهقين.
كما انتقدت صوفي فينيتيتاي، الأمينة العامة لنقابة المعلمين، هذه الخطوات باعتبارها "بسيطة" و"غير مسؤولة"، مشيرة إلى أن المدارس بحاجة إلى المزيد من التوظيف والتمويل والدعم طويل الأمد من قِبل الحكومة بدلًا من مجرد الشعارات الرنانة.