عمّت العاصمة الفرنسية باريس حالة من الفزع، اليوم الجمعة، بعدما تلقت القنصلية الإيرانية تهديدًا من مشتبه به يحمل سترة ناسفة، وشهدت منطقة "تروكاديرو" الراقية حالة تأهب قصوى وإجراءات أمنية مشددة، حيث انتشرت قوات كبيرة من الشرطة وأُغلقت الشوارع المحيطة بالقنصلية؛ تمهيدًا لمواجهة أي تهديد إرهابي محتمل.
وساد القلق في صفوف المواطنين وعناصر الأمن على حد سواء، قبل أن يتم توقيف المشتبه به، الذي تبين لاحقًا أنه لا يحمل أي متفجرات حقيقية.
ملثم يرتدي سُترة مريبة
وفقا لصحيفة "التليجرام" الفرنسية، بدأت أحداث هذا اليوم الدامي في نحو الساعة 11 صباحًا، عندما اتصل شاهد عيان بالسلطات، وأبلغهم عن رجل ملثم يدخل مبنى القنصلية الإيرانية وهو يرتدي سُترة مريبة تشير إلى احتمال كونها ناسفة.
وعلى الفور، تحركت قوات الشرطة الفرنسية وحاصرت المبنى بأعداد كبيرة من رجال الأمن المدربين على التعامل مع مثل هذه الحالات الحرجة.
كما تم إخلاء المنطقة المحيطة بالقنصلية من المارة والسكان، وإغلاق جميع الشوارع والممرات المؤدية إليها، في محاولة لعزل أي تهديد محتمل وحماية المدنيين.
علاوة على ذلك، تم إيقاف حركة قطارات الأنفاق على خطي المترو 9 و6 اللذين تخدم محطاتهما المنطقة، كإجراء احترازي إضافي للحفاظ على سلامة الركاب.
التحقيقات والتوقيف
استمرت عمليات التحري والتأهب الأمني لساعات عدة، قبل أن تتمكن قوات البحث والتدخل، وهي وحدة نخبة من الشرطة الفرنسية، من توقيف المشتبه به دون أي مقاومة.
وتبين أن المشتبه به رجل إيراني الجنسية يبلغ من العمر 60 عامًا، كان يرتدي سترة بها جيوب كبيرة تحتوي على 3 قنابل يدوية، إلا أنها كانت قنابل وهمية وغير حقيقية.
الخلفية والسوابق
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يثير فيها هذا الرجل القلق لدى السلطات الفرنسية، إذ أكدت النيابة العامة الفرنسية أن المشتبه به هو نفس الشخص الذي حُوكم في أكتوبر 2023 بتهمة إحراق إطارات السيارات أمام بوابة السفارة الإيرانية في باريس، على خلفية احتجاجه على السياسات التي ينتهجها النظام الإيراني.
وصدر ضده في ذلك الحين حكم بالسجن لمدة 8 أشهر مع وقف التنفيذ، إضافة إلى منعه من الاقتراب من الحي الدبلوماسي لمدة عامين، وحظر حمل السلاح.
مستوى التهديد "مرتفع للغاية"
في أعقاب هذا الحادث الخطير، رفعت السلطات الفرنسية مستوى التأهب الأمني إلى أعلى مستوياته وهي حالة "الخطر الإرهابي الوشيك"، وذلك للمرة الأولى منذ الهجوم الإرهابي الدامي الذي استهدف مسرحًا في موسكو، الشهر الماضي.
في مارس الماضي، حذّر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، من أن مستوى التهديد الإرهابي في الغرب لا يزال "مرتفعًا للغاية".
وفصّل "دارمانان" التهديد إلى نوعين: التهديد الداخلي، الذي وصفه بأنه "التهديد الرئيسي، وهو من بين أوساطنا، من أشخاص يشاهدون محتوى جهادي ثم ينتقلون إلى مرحلة التنفيذ الفعلي".
أما النوع الثاني، فهو التهديد الخارجي، "القادم من الخارج، مثل هجمات باتاكلان وهذا الهجوم الأخير في روسيا"، والذي يشهد -وفق دارمانان- "نهضة كاملة"، بعد أن أظهر "فعاليته" في موسكو.
هجمات دامية
تعرضت فرنسا لسلسلة من الهجمات الإرهابية الدامية من قبل الجماعات المتشددة في السنوات الأخيرة، ومنذ بداية العام الحالي، تم إحباط محاولتين لشن هجمات جديدة.
ففي إحدى هذه المحاولات، تم اعتقال رجل في الثانية والستين من العمر واحتجازه في مارس الماضي، كان ينوي "شن عمل عنيف ضد مبنى كاثوليكي ديني"، وفقًا لما ذكرته النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب، التي وصفت الرجل بأنه كان "ملتزمًا بشكل واضح بالأيديولوجية الجهادية".
كانت الضربة الأقسى للسلطات الأمنية الفرنسية سلسلة الهجمات الدامية التي نفذها عناصر "داعش" في باريس وضواحيها في نوفمبر 2015، وأسفرت عن سقوط 130 قتيلًا. ومنذ ذلك الحين، ظلت فرنسا في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي تهديد إرهابي جديد.