في خضم معركة سياسية محتدمة، تنطلق اليوم الاثنين، الحملات الانتخابية للجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، بعد أسبوع حافل بالتطورات المثيرة والخلافات العميقة بين الأحزاب السياسية، إذ تأتي في ظل جو من الغموض وعدم اليقين، وتسعى الأطراف المتنافسة جاهدة لتشكيل تحالفات قوية وطرح مرشحين مناسبين للفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية البالغ 577 مقعدًا.
تُجرى الانتخابات الفرنسية على جولتين، 30 يونيو الجاري و7 يوليو المقبل.
ولتحقيق النجاح، يتعين على القوى السياسية أن تكون قادرة على الاتحاد معًا، خاصة مع استبعاد الأحزاب الصغيرة في الجولة الأولى.
القوائم النهائية للمرشحين
وفقًا لما ذكرته صحيفة "ليزيكو" الفرنسية، فإنه من المتوقع أن يتم الكشف خلال اليوم، عن القوائم الرسمية لجميع المرشحين الذين تقدموا بطلبات ترشحهم قبل الموعد النهائي المحدد في الـ6 مساء أمس الأحد، وسيضع هذا الإعلان حدًا للغموض والتكهنات حول من سيخوض غمار المنافسة الانتخابية.
وبحسب استطلاع للرأي أجرته شركة هاريس إنتراكتيف، قد يحصل حزب "النهضة" الذي يتزعمه ماكرون على 125 إلى 155 مقعدًا فقط في البرلمان الجديد، في حين قد يفوز اليمين المتشدد ممثلًا بحزب "التجمع الوطني" لمارين لوبان بـ235 لـ265 مقعدًا، ما قد يمنحه الأغلبية في البرلمان.
تجاذبات حزبية
في خطوة غير مسبوقة، أعلن حزب الجمهوريين اليميني، ترشيح ما يقرب من 400 مرشح تحت لوائه في 93 دائرة انتخابية محلية، فضلًا عن دوائر ما وراء البحار.
وقرر الحزب ترشيح مرشح منافس لرئيسه إريك سيوتي في دائرته الانتخابية بمدينة نيس، ما زاد الأمر إثارة، في إشارة واضحة إلى الخلافات الداخلية العميقة داخله.
ردًا على هذه الخطوة، أعلن إريك سيوتي، الذي تم تثبيت وضعه القانوني كرئيس للحزب بعد معركة قضائية، أن أنصاره قدموا على الأقل 62 طلب ترشح تحت شعار "تجمع اليمين"، متوعدًا بإعلان المزيد من الأسماء في الساعات المقبلة، في محاولة لإظهار قوته داخل الحزب.
الحكومة تستثني دوائر "اليسار واليمين" من الترشيحات
في محاولة لتبرير قرار الحكومة عدم ترشيح مرشحين للأغلبية الرئاسية فيما يقرب من 60 دائرة انتخابية، أكد رئيس الوزراء الفرنسي جابرييل أتال، أن مرشحي الحكومة مرشحون غير مفيدين ضد المتطرفين، لافتًا إلى أنهم لن يترشحوا في تلك الدوائر التي يسيطر عليها تيارات اليسار واليمين.
وفي تصريحات لإذاعة RTL، قال "أتال" إن الحكومة قررت عدم ترشيح مرشحين في هذه الدوائر لأنها تعلم أن "مرشحيها لن يكونوا الأفضل فيها"، مشيرًا إلى أنهم لن يضيعوا الجهد والموارد في الدوائر التي لا يملكون فيها فرصة حقيقية للفوز.
ترشح هولاند
في تطور مثير للجدل، كشفت الصحيفة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، الذي أثار دهشة الجميع بإعلان ترشحه المفاجئ للانتخابات التشريعية، لن يواجه أي منافس من الأغلبية الحكومية في دائرته الانتخابية بمقاطعة كوريز، تقديرًا لمنصبه السابق كرئيس للجمهورية.
على الرغم من ذلك، شن إريك ديبون-موريتي، وزير العدل السابق، هجومًا لاذعًا على ترشيح هولاند، واصفًا إياه بـ"المُهين" و"المأساوي"، معتبرًا أن تحالفه مع اليسار المتشدد والشيوعي الفرنسي يعد "تآمرًا" مع من كان ينتقدهم بشدة في السابق، في إشارة إلى تحالف هولاند مع حزب فرسنا الأبية وجان-لوك ميلانشون.
السياق الاقتصادي والتحذيرات
في السياق الاقتصادي، حذرت صحيفة ليزيكو من أن حالة عدم اليقين المحيطة بنتائج الانتخابات وبرامج المرشحين من اليمين ممثلًا بحزب الجبهة الوطنية، واليسار الشعبي الجديد بقيادة ميلانشون، قد تؤدي إلى تردد كبير من قبل الشركات في الاستثمار والتوظيف، ما قد يضر بالاقتصاد الفرنسي.
20 نائبًا لن يواجهوا منافسة حكومية
في إشارة إلى محاولات الأغلبية الحكومية التقرب من بعض النواب الحاليين، أشارت الصحيفة إلى أن نحو 20 نائبًا حاليًا من حزب الاشتراكيين أو التجمع الجمهوري أو التحالف المركزي "ليوت" لن يواجهوا منافسة من قبل الأغلبية الحكومية في دوائرهم الانتخابية، وفقًا للقوائم المعلنة من الأحزاب الثلاثة المؤيدة للرئيس ماكرون.
الأغلبية الحكومية تدعم بعض المرشحين المحافظين
ووفقًا لـ"ليزيكو"، فإن الأغلبية الحكومية لن تقدم مرشحين في دوائر بعض النواب المحافظين المنتمين لحزب الجمهوريين.
كما ستدعم المرشح المحافظ جان ديدييه بيرجر، في إحدى دوائر مقاطعة هوتس-دو-سين، التي ينتمي إليها رئيس الوزراء جابرييل أتال.
تنافس حاد بين أحزاب اليسار والمعسكر الرئاسي
في صراع آخر، اتهم أوليفييه فور، الأمين العام لحزب الاشتراكيين، جان-لوك ميلانشون، زعيم اليسار الشعبي، بالانتهازية، معتبرًا أن "الشخصية الانقسامية" لميلانشون لا تتناسب مع الوضع الحالي.
واعتبر "فور" أن "ميلانشون" أقر بذلك بنفسه عندما اعترف بأنه "ليس الحل" ولا يريد أن يصبح "مشكلة".
وانتقد فور قرار ميلانشون عدم ترشيح 5 نواب من حزب فرنسا الأبية للانتخابات المقبلة، معتبرًا أن هذا القرار "يضر" بالتحالف الانتخابي الجديد "الجبهة الشعبية".
لكنه أضاف أن هذا التحالف "لا ينتمي لأحد" وهو ملك لجميع المنضوين تحت لوائه.