تستعد فرنسا لخوض غمار انتخابات برلمانية مصيرية، وسط تصاعد حدة الخلافات والانقسامات بين مختلف القوى السياسية، إذ إنه وفقًا لما ذكرته تقارير صحفية، فإن الساحة الفرنسية تشهد حالة من الفوضى غير المسبوقة، إذ انخرطت الأحزاب الرئيسية في معارك شرسة فيما بينها، وتبادلت الاتهامات والسخرية في محاولة لكسب تأييد الناخبين.
تُجرى الانتخابات الفرنسية على جولتين، في الثلاثين من يونيو الجاري والسابع من يوليو المقبل.
ولتحقيق النجاح، يتعين على القوى السياسية أن تكون قادرة على الاتحاد معًا، خاصة مع استبعاد الأحزاب الصغيرة في الجولة الأولى.
فرصة ماكرون في الانقسامات
وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، أشارت استطلاعات الرأي وتحليل نتائج الانتخابات الأوروبية التي أجريت الأحد الماضي، إلى أن يسارًا موحدًا وتجمعًا وطنيًا يمينيًا متطرفًا قويًا يمكن أن يمحو الائتلاف المؤيد لماكرون من الخريطة، مما يعني أن فرصة الرئيس الوحيدة لتجنب هزيمة ساحقة هي الرهان على الانقسامات بين خصومه.
انهيار اليمين المحافظ
في قلب العاصمة باريس، تحول مقر حزب "الجمهوريين" اليميني إلى ساحة حرب مفتوحة، إذ حبس زعيم الحزب إريك سيوتي نفسه داخل المقر، رافضًا الاستقالة بعد اقتراحه المثير للجدل بالتحالف مع اليمين المتطرف.
وأضافت صحيفة "ليزيكو" الفرنسية أن "سيوتي" واجه انتفاضة داخلية غاضبة من قيادات الحزب، التي عقدت اجتماعًا طارئًا لعزله، رغم احتجاجاته بعدم شرعية الاجتماع.
وفي مشهد درامي، اضطر "سيوتي" للظهور من نافذة مكتبه أمام الصحفيين، معلنًا أنه لا يزال "يعمل لصالح فرنسا"، على الرغم من إقراره بأنه لم يعد يتمتع بالوصول الكامل إلى مرافق الحزب.
ووصفت الصحيفة تصرفات سيوتي بأنها تذكر بمشاهد من فيلم "سكارفيس" الشهير، التي يقاتل البطل فيها حتى آخر رصاصة.
العائلة قبل السياسة
على الجانب الآخر من الطيف السياسي، اندلعت حرب أسرية ضارية داخل اليمين المتطرف، حيث تبادل زعيم حزب "ريكونكويست" إريك زيمور وماريون ماريشال، ابنة شقيقة زعيمة حزب "التجمع الوطني" مارين لوبان، اتهامات قاسية، إذ إنه وبحسب ما نقلت "لوبوان" الفرنسية، اتهم زيمور، ماريشال بـ"تحطيم الرقم القياسي في الخيانة" بعد انضمامها إلى حزب عمتها، معربًا عن "اشمئزازه وجرحه" من تصرفها.
من جهتها، قررت لوبان قطع علاقتها بزيمور ودعت أنصارها للتصويت لمرشحي التحالف بين حزبي "التجمع الوطني" و"الجمهوريين"، في خطوة اعتبرها زيمور "خيانة غير مسبوقة".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه الحرب الأسرية قد تكون ضربة قاضية لآمال اليمين المتطرف في تحقيق نتائج جيدة في الانتخابات.
اليسار يدفع ثمن الخلافات حول أوكرانيا وغزة
بينما حاولت الأحزاب اليسارية لملمة صفوفها من أجل مواجهة الرئيس ماكرون، على الرغم من الخلافات العميقة حول قضايا مثل الحرب في أوكرانيا والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأشارت "بوليتيكو" إلى أن الخلافات بين اليساري المتشدد جان لوك ميلانشون، زعيم حركة "فرنسا الأبية"، والاشتراكي رافائيل جلوكسمان، لا تزال قائمة بشأن تصنيف حركة حماس.
لكن على الرغم من ذلك، اتفقت الأحزاب اليسارية على تشكيل جبهة موحدة مؤقتًا، وترشيح مرشحين منسقين في كل دائرة انتخابية، في محاولة للحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية.
وذكرت الصحيفة أن هذا التحالف قد يكون الأمل الوحيد لليسار في إحباط آمال ماكرون في الحصول على أغلبية برلمانية.
ووفقا لـ"بوليتيكو"، فإنه على عكس المعسكر المؤيد لماكرون، بقيادة رئيس الوزراء جابرييل أتال، وحزب التجمع الوطني، الذي يدعم بارديلا لرئاسة الحكومة، يتجنب اليسار مسألة القيادة في الوقت الحالي.