الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد حل البرلمان.. فرنسا في انتظار "خطاب توضيح المسار" من ماكرون

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في قرار مفاجئ أقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على خطوة جريئة بحل البرلمان، معلنًا إجراء انتخابات تشريعية مبكرة 30 يونيو الجاري و7 يوليو المقبل، في محاولة لإعادة تشكيل المجلس النيابي بعد الهزيمة القاسية التي تكبدتها حركته "النهضة" في الاستحقاق الأوروبي الأخير.

ووراء هذا القرار الاستثنائي، الذي يكشف عن رهان كبير من قبل ماكرون، تكمن كواليس درامية ومشاورات سرية عقدها الرئيس مع حلقته المقربة قبل ساعات قليلة من إلقاء خطابه التلفزيوني المثير للجدل مساء أمس الأحد.

في هذا الاجتماع الطارئ الذي جمع كبار مستشاريه وأبرز وزرائه، لم يكن الغرض مناقشة أو التشاور، فقد كان قرار ماكرون اتُخذ بالفعل، ولكنه حرص فقط على إبلاغ المقربين ببرنامجه الجديد، في خطوة أثارت موجة من الصدمة والارتباك داخل صفوف حركته السياسية.

نتائج صادمة تهز الأرضية السياسية

لم يكن قرار ماكرون بحل البرلمان عفويًا أو ارتجاليًا، بل كان نتيجة تفكير معمق عقب إعلان نتائج الانتخابات الأوروبية الصادمة، فقد أظهرت استطلاعات الرأي مسبقًا تقدمًا لافتًا لليمين المتطرف ممثلًا بحزب التجمع الوطني، في حين تراجعت حركة "النهضة" الحاكمة بشكل كبير، لتحصل على أقل من ربع الأصوات.

وفي محادثات مع مقربيه، اعترف ماكرون بأن "هذه ليست نتيجة جيدة للأطراف التي تدافع عن أوروبا"، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع التصرف وكأن شيئًا لم يحدث، بهذه الكلمات، كشف الرئيس عن حالة القلق التي تملكته إزاء المستقبل السياسي لفرنسا في ظل تنامي التيارات المتطرفة.

الاجتماع السري

ووفقًا لصحيفة "لو باريزيان"، عقد ماكرون اجتماعًا سريًا في قصر الإليزيه مع حلقته المقربة، قبل ساعات من إلقاء خطابه التلفزيوني المفاجئ، إذ التقى كلًا من جابرييل أتال، رئيس الوزراء، ووزراء رئيسيين مثل جيرالد دارمانان، وزير الداخلية، والدفاع سيباستيان ليكورنو، والمالية برونو لومير، والخارجية ستيفان سيجورني، إلا أن هذا الاجتماع لم يكن الغرض منه التشاور أو المناقشة، فقراره كان اتُخذ بالفعل.

وحرص ماكرون على إبلاغ هؤلاء المقربين ببرنامجه، كما اتصل برئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشر، قبل الخطاب مباشرة لإعلامه بالقادم.

وحسب الصحيفة الفرنسية، لم يكن أحد يتوقع أن ماكرون سيذهب إلى هذا الحد، حتى إن أحد الوزراء البارزين صرح في وقت سابق "لن يفعل ذلك أبدًا".

ردود فعل متباينة

كان خطاب ماكرون بحل البرلمان بمثابة صاعقة لمعظم المحيطين به، حسبما أشارت "لو باريزيان"، إذ أثار موجة من الصدمة والارتباك في صفوف حركته السياسية، بينما رأى البعض أن القرار ينسجم مع فلسفته القائمة على الخروج إلى الناس، فيما عبّر آخرون عن شكوكهم حول جدوى هذه الخطوة.

وكانت الأجواء ملتهبة في القصر الرئاسي، إذ ساد مزيج من الصدمة والقلق إزاء هذا المقامرة الخطيرة، كما وصفتها الصحيفة، فبينما رأى البعض في القرار شجاعة، شكك آخرون جديًا في حكمة مثل هذه المناورة الخطيرة، إلا أن الجميع تساءل عن العواقب المترتبة على هذا الزلزال السياسي.

في تلك الأثناء، كان بعض النواب المنتهية ولايتهم وصفوا الانتخابات التشريعية المقبلة، بأنها ستكون "مذبحة" لحركة النهضة.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن القصر الرئاسي لم ينظر إلى الأمور بهذا المنظور القاتم، إذ قال أحد المستشارين في هذا السياق "نحن سنذهب لنفوز.. إرادتنا هي الحصول على أغلبية للعمل بقوة أكبر".

البحث عن تحالفات

وفي محاولة يائسة لتوسيع قاعدته الانتخابية وجمع أكبر عدد ممكن من الأصوات، أعلن ماكرون أن حركته ستمنح ترشيحات لجميع المرشحين "الذين ينتمون إلى الحقل الجمهوري"، في إشارة إلى فتح الباب أمام مرشحين محتملين من اليسار واليمين المعتدلين للانضمام إلى مشروعه السياسي.

رسالة ماكرون المنتظرة

وأوضحت "لوباريزيان" أنه في محاولة لتهدئة هذه المخاوف وشرح رؤيته الجديدة للناخبين، من المتوقع أن يلقي ماكرون خطابًا آخر "في الأيام المقبلة"، كما أعلن مستشاره ستيفان سيجورني، فيما سيكون على الرئيس الفرنسي في هذا الخطاب أن يقدم برنامجًا واضحًا وموحدًا يجمع تحت لوائه جميع شركائه السياسيين الجدد.

كما سيتعين عليه التطرق إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة التي تشغل بال الفرنسيين، وتقديم حلول مقنعة لمعالجتها، وتوضح الصحيفة أنه من المرجح أن تركز حملته على مواضيع مثل معالجة أزمة الغلاء المعيشي، وإصلاح نظام الضمان الاجتماعي، والحفاظ على الاستقرار المالي للبلاد.