في أجواء سياسية متوترة تشهد صعود التيارات اليمينية المتشددة في أوروبا، تتصاعد حدة العنف السياسي والهجمات العنصرية من قبل الجماعات اليمينية المتشددة ضد الخصوم السياسيين والأقليات الضعيفة.
ووفقًا لتقرير مشروع بيانات أحداث النزاعات المسلحة "ACLED"، فإن هذا العنف يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الهجمات على المسؤولين المنتخبين في فرنسا، حيث يمثل 60% من جميع الحالات في الاتحاد الأوروبي.
ويُشير التقرير إلى أن "دورات الانتخابات تُظهر زيادة مخاطر العنف ضد المسؤولين المحليين، إذ في عام 2023، ارتبطت الانتخابات الحكومية والبلدية وغيرها من الانتخابات بارتفاع العنف ضد المسؤولين المحليين في عدة دول."
هجمات على السياسيين في ألمانيا
في ألمانيا، سجلت السُلطات الأمنية ما يقرب من 10500 هجوم على السياسيين وحوالي 2500 هجوم على مباني الأحزاب الممثلة في البوندستاج خلال السنوات الخمس الماضية، حسبما ذكرت صحيفة دي فيلت الألمانية.
وكان السياسيون من حزب الخضر والحزب المسيحي الديمقراطي أكثر تضررًا في السنتين الأخيرتين، وتعرض عدد من السياسيين والمرشحين الألمان للهجوم بشكل مباشر، ففي مدينة دريسدن، تعرض ماتياس إيكه، مرشح البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، للضرب المبرح من قبل أربعة شبان تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عامًا في المساء يوم 3 مايو، أثناء تحضيره لحملته الانتخابية بتعليق اللافتات، مما أدى إلى كسور في عظامه واضطر إلى إجراء جراحة، ويُعتقد أن الجماعة اليمينية المتشددة "إلبلاندريفولت" مسؤولة عن الهجوم.
كما تعرضت عمدة برلين السابقة فرانزيسكا جيفي، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي لضربة على رأسها بحقيبة ممتلئة بأشياء صلبة في مايو أيضًا.
كما تعرض أحد أعضاء حزب الخضر للهجوم في دريسدن من قبل شخصين كانا جزءًا من مجموعة شوهدت وهي تؤدي التحية النازية أثناء تعليقه لافتات الحملة.
كما تعرضت إيفون موسلر، سياسية محلية من حزب الخضر، للبصق عليها أثناء مقابلة تلفزيونية مباشرة مع قناة دويتشه فيله، من قبل مؤيدي حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني، وكانوا يهتفون بشعارات نازية محظورة.
العنف اليميني في فرنسا
فيما يتعلق بفرنسا، أشار التقرير إلى أن العنف والإرهاب اليميني المتشدد في ازدياد واضح في البلاد، إذ إنه حسب أندرس رافيك يوبسكاس، نائب مدير مركز أبحاث التشدد، "هاجمت جماعات الشوارع اليمينية المتشددة المسؤولين المنتخبين المحليين على نحو متزايد، كما تجلى في حادثة إضرام النار العام الماضي في منزل رئيس بلدية سان بريفان يانيك موريز من قبل أعضاء في جماعات النازية الجديدة".
كما شهدت فرنسا عددًا من حوادث العنف الأخرى المرتبطة بالمجموعات اليمينية المتشددة.
في مارس 2024، هاجمت مجموعة يمينية متشددة كانت ترتدي أغطية للرأس مجموعة من المعلمين النقابيين في مطعم بمدينة لوريان، بعد أن احتجوا على إصلاحات التقاعد الأخيرة في البلاد، ووجه أحد أفراد المجموعة المتشددة مسدسًا في وجه أحد المعلمين، وفقًا لما ذكرته صحيفة لوموند الفرنسية.
وفي فبراير من نفس العام، تم اعتقال سينيشا ميلينوف، وهو عضو في المجموعة "ليه رامبارتس" اليمينية في ليون، بتهمة هجوم بالسكين، وكان الأخير مرشحًا سابقًا عن حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد في انتخابات 2020 البلدية، حسبما ذكرت صحيفة لوبروجريه.
ويوضح التقرير أن الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة في فرنسا تستغل هذا المناخ العنيف لتعزيز شعبيتها، فعلى سبيل المثال، تتمتع منظمة "لا كوكارد إيتوديانت" الطلابية اليمينية المتشددة، التي تتداخل عضويتها مع جماعات الشوارع العنيفة، بروابط وثيقة مع حزب التجمع الوطني لمارين لوبان، وتوفر لها تدفقًا مستمرًا من النشطاء لحملاتها الانتخابية.
كما أن مجموعات اليمين المتشدد المحلية مثل الجماعات النازية الجديدة والقومية لديها روابط قوية مع حزب "ريكونكويت" المعادي للمسلمين والمهاجرين، بزعامة إريك زيمور وماريون ماريشال لوبان.
وقد عملت هذه المجموعات معًا على نشر الدعاية المعادية للمهاجرين والمسلمين.
عنف في دول أوروبية أخرى
ليست ألمانيا وفرنسا وحدهما اللتين تشهدان هذا العنف، ففي بولندا أيضًا صدم سائق سيارة ناشطين من ائتلاف المواطن في مهرجان في مدينة فينجروف، بحسب ما ذكرته صحيفة رزيتشبوسبوليتا البولندية.
أما في السويد، فقد قامت مجموعة من المتطرفين الملثمين، وصفهم موقع "إكسبو" المعني بمراقبة الجماعات النازية الجديدة بأنهم نازيون جدد، بهجوم بقنابل دخانية على فعالية مناهضة للفاشية، نظمها حزب اليسار وحزب الخضر في مسرح جوباجن؛ مما أدى إلى نقل ثلاثة أشخاص إلى المستشفى، وفقًا لصحيفة إكسبرسن السويدية.
وفي أيرلندا، أثارت مظاهرة لمجموعة معادية للمهاجرين كانت تحمل لافتات "الحياة الأيرلندية مهمة"، شغبًا في منطقة مكتظة بالمهاجرين في دبلن في 24 نوفمبر 2023، بعد هجوم طعن أسفر عن مقتل عدة أشخاص، كما ذكرت صحيفة ذا إيرش تايمز،
وأدت الاشتباكات إلى أضرار في الممتلكات واعتقال 34 شخصًا من قبل الشرطة.
في البرتغال، هاجمت مجموعة من متشددي اليمين المتصلين على ما يبدو بالمجموعة النازية الجديدة "جروبو 1143" شققًا سكنية للمهاجرين؛ مما أدى إلى إدانة من قادة جميع الأحزاب السياسية، بحسب ما نقلته وكالة لوسا البرتغالية للأنباء.