مع تصاعد الحرب على قطاع غزة منذ عملية "طوفان الأقصى"، تبنت الصين موقفًا داعمًا لفلسطين، إذ رفضت إدانة المقاومة وطالبت المجتمع الدولي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما أثار غضب إسرائيل.
واستمرارًا لجهودها الدؤوبة لإنهاء الحرب، كشفت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصينية، عن استضافة بكين لحركتي فتح وحماس، في سبيل إنهاء الانقسامات الداخلية، وتحقيق الوحدة الفلسطينية.
وتعتبر الصين من أوائل الدول التي أبدت تضامنها مع الشعب الفلسطيني، ودعمت حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وتجلى هذا الدعم في مواقف الحكومة الصينية وتصريحات قادتها ومبادراتها الدبلوماسية، وكذلك في تغطية وسائل الإعلام الصينية للقضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
حماس وفتح في الصين
بعد دعوة صينية لإنهاء الانقسامات الداخلية وتوحيد الصف الفلسطيني، ذكرت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، أن حركتي حماس وفتح الفلسطينيتين عقدتا محادثات "للمصالحة" في بكين بحضور نائب وزير الخارجية الصيني.
ومن بين المسؤولين الذين حضروا الاجتماع في العاصمة الصينية موسى أبو مرزوق، العضو البارز في الجناح السياسي لحركة حماس، وعزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لفتح، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية الصينية عن لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوله إن ممثلي الحركتين الفلسطينيتين أجروا "مشاورات بشأن تعزيز المصالحة الفلسطينية الداخلية وإجراء حوار متعمق وصريح" في بكين.
وأضاف لين أن الجانبين "عبرا بشكل كامل عن إرادتهما السياسية لتحقيق المصالحة من خلال الحوار والتشاور واستكشفا عددًا من القضايا المحددة، مع إحراز تقدم إيجابي، إذ اتفقا على مواصلة عملية الحوار بهدف تحقيق الوحدة الفلسطينية في وقت مبكر".
وفي بيان صدر أمس الثلاثاء، أشادت حماس بجهود الصين لإعادة توحيد الفصائل الفلسطينية، و"موقفها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، ورفضها للإبادة الجماعية ضد شعبنا"، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.
دعم تاريخي
كانت الصين من أولى الدول غير العربية التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، ورفضت في الوقت نفسه الاعتراف بإسرائيل، كما كانت سياسة الزعيم الصيني ماو تسي تونج تدعم الحركات التحررية الوطنية في العالم الثالث، حسبما ذكر موقع "جلوبال تايمز" الصيني.
وبعد ماو، واصلت الصين دعمها منظمة التحرير الفلسطينية في المنتديات الدولية، واعترفت الصين بدولة فلسطين عام 1988.
ومنذ عام 1992، أقامت الصين أيضًا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ومنذ ذلك الحين حافظت على علاقة ودية مع كلا الكيانين.
نفوذ الصين في الشرق الأوسط
وسعّت الصين بشكل كبير بصمتها الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط، وفي السنوات الأخيرة، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بـ "المساهمة في تعزيز السلام والهدوء في الشرق الأوسط" كجزء من مبادرته للأمن العالمي لتقديم بديل للنظام الأمني الذي يقوده الغرب.
وفي العام الماضي، توسطت بكين في تقارب تاريخي بين المملكة العربية السعودية وإيران، في حدث جذب أنظار العالم أجمع.
الاستعانة بالصين
سعت حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في الحصول على دعم مباشر من الصين للضغط على إيران لعرقلة نشوب حرب إقليمية شاملة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي، التي شنتها الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وفي أعقاب ضربة دمشق، التي قالت إيران إنها أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص، من بينهم اثنان من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي "لتوضيح أن التصعيد ليس أمرًا مقبولًا، ولن يصب في مصلحة الجميع، ويجب على الدول أن تحث إيران على عدم التصعيد"، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها الولايات المتحدة من الصين التأثير على إيران منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في أكتوبر الماضي.
وفي أعقاب هجمات جماعة "الحوثي" على السفن التجارية في البحر الأحمر في أواخر العام الماضي، حاول المسؤولون الأمريكيون حث بكين أيضًا على الضغط على طهران، لكبح جماح الهجمات.