وثّق الشريط السينمائي للفيلم السوري "الحكيم"، الذي بلغت مدته 95 دقيقة، حال المجتمع السوري في إطار اجتماعي نفسي، يرصد آثار الحرب المدمرة على البنيان والنفوس بعد مرور 12 عامًا.
دريد لحام، بطل الفيلم، قرر التخلي عن الأدوار الكوميدية الساخرة التي اشتهر بها، وجسّد خلال العمل دورًا مستنبطًا من اضطرابات الناس وقدرتهم على التكيف مع الخراب دون أن يخسروا إنسانيتهم، من خلال استعراض يوميات الطبيب "جابر" الذي يعيش في ريف حمص مع حفيدته "ياسمين"، بعد أن تخلى عن عمله في المدينة ليداوي المرضى في بلدته، رافضًا أن يحصل منهم على أتعابه، بل ويمنح مرضاه عينات من الأدوية التي يحتاجونها، وفي بعض الأحيان يشتريها لهم من ماله الخاص.
وأكسبته تلك العطاءات النبيلة محبة أهل قريته الذين يبادلونه تلك القيم، لكن الأحداث تتوالى فتكشف أسرارًا عن تداعيات الأزمة النفسية والاقتصادية السورية والتعامل بين السكان وسط الخراب والمباني المُهدمة، وتأثير ذلك على الواقع المعيشي بعد الحرب.
سنوات محفورة بالذاكرة
يؤكد مخرج الفيلم، باسل الخطيب، أن الموضوعات المتعلّقة بالحرب السورية ستستمر طويلًا لتوثيق ما عاشه السوريون خلال الفترة الماضية، خاصة أن قلة دور العرض السينمائي في البلاد تشكل تحديًا أكبر للسينما السورية.
وقال إن :"الحرب التي مررنا فيها والسنوات المؤلمة محفورة بذاكرتنا".
ويرى الخطيب أنه من واجبنا كأشخاص متاح لهم أن يصنعوا مسلسلات وأفلامًا، توثق وتؤرشف كل ذلك للأجيال القادمة، حسبما صرّح لـ"رويترز".
بينما كشفت الفنانة السورية صباح الجزائري أنه يجب أن تكون هناك دور سينما تغطي كل سوريا حتى يتمكن الجميع من مشاهدة ما نفعله.
ووسط تصفيق الجمهور على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق قال دريد لحام: "منذ أربع سنوات تم عرض فيلم "دمشق حلب" ووقفت حينئذ وقلت إن أحلامي الكبيرة انتهت بهذا الفيلم، لكن اكتشفت بعد ذلك أني كاذب بعد ما صار لديّ أحلام صغيرة ورجعت مرة أخرى تكبر وتكبر حتى أصبحت فيلم الحكيم".
التحدي بالإبداع
فيما اعتبرت وزيرة الثقافة السورية لبانة مشوّح، أن الحرب في سوريا فرضت آثارها السلبية على العمل الثقافي والإبداعي، لكن إبداع السوريين تحدى كل الظروف وانتقل لمرحلة جديدة.
"الحكيم"من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وكتابة الإعلامية ديانا جبور وإخراج زوجها باسل الخطيب، ونال ذهبية مهرجان سينمانا العُماني كأفضل عمل متكامل، إضافة إلى تكريم من مهرجان أيام السينما العراقية الثاني في بغداد.
وأعلنت "مشوّح" أن وزارة الثقافة ستطلق مع جهات حكومية وخاصة مشروع الاقتصاد الإبداعي باعتبار أن السينما واحدة من أهم فروعها ليكون الفيلم السوري عربيًا بامتياز وينتقل للعالمية.
وكان من المفترض أن يتم عرض الفيلم بحلول فبراير 2023، لكن الزلزال الكبير الذي ضرب سوريا وتركيا جعل من الصعب على المنتجين إطلاقه بحلول ذلك الوقت في البلاد وسيعرض في دور العرض السينمائية السورية ابتداء من الأسبوع المقبل.