أظهرت الضربات الإيرانية لإسرائيل، التطور الإيراني التكنولوجي، الذي كشف عن ثغرات قاتلة في الدفاعات الجوية الإسرائيلية، أكدتها مشاهد الدمار في وسط إسرائيل، ما يُثير الشكوك حول قدرة القبة الحديدية، بحسب "تليجراف" البريطانية.
أطلقت طهران أكثر من 370 صاروخ على إسرائيل منذ يوم الجمعة، وفقًا لمسؤولين عسكريين إسرائيليين، اخترق العديد منها الدفاعات الجوية الإسرائيلية الشهيرة، ما أجبر الجيش على تحذير شعبه من أن هذه الدفاعات "ليست مُحكمة الإغلاق".
أثارت مشاهد الدمار في شوارع تل أبيب قلقًا بشأن ما اعتقده البعض أنها طبقات الحماية التي لا يمكن اختراقها فوق إسرائيل، بما في ذلك القبة الحديدية.
نجاح الاختراق الإيراني
وأفلتت ما يقرب من 10% من مئات الصواريخ التي أطلقتها إيران من شبكة الدفاعات الجوية الإسرائيلية المعقدة، ولكن لا يقدم الجيش الإسرائيلي أي معلومات قد تساعد طهران في هجمات مستقبلية، ولم يُدلِ بأي تعليق رسمي على عدد الصواريخ التي اخترقته.
كلما زاد عدد الصواريخ، زادت فرصة تسلل صاروخ واحد على الأقل منها وإصابته هدفه، ورجح خبراء أن إيران تستخدم الجزء الأكبر من صواريخها الباليستية "لتشتيت وإغراق" الدفاعات الجوية؛ ما يفتح المجال أمام أسلحة أكثر تطورًا.
يبدو أن هذا الصاروخ هو صاروخ "شاهد حاج قاسم"، الذي أُطلق على إسرائيل لأول مرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، يُقال إن مداه يبلغ حوالي 1600 كيلومتر، ويستخدم وقودًا صلبًا، ما يعني أنه يُمكن تخزينه تحت الأرض لسنوات وتجهيزه للإطلاق.
تركز الصواريخ الإيرانية على "السرعة والمدى، على حساب الدقة"، وفقًا لجاستن كرامب، الرئيس التنفيذي لشركة تحليل المخاطر الجيوسياسية "سيبيلين".
وتُظهر الضربات الجوية الإيرانية الصعوبة التي تواجهها حتى أفضل أنظمة الدفاع الجوي في العالم فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية، ويمكن للصواريخ الباليستية أن تحلق بسرعات تفوق سرعة الصوت، أي أن عددًا قليلًا جدًا من بطاريات صواريخ أرض-جو قادرة على اعتراضها.
ويواجه "مقلاع داوود" الإسرائيلي، وهو أحد هذه الأنظمة، وابلًا من عشرات الصواريخ في وقت واحد، حتى هذا النظام صعوبة في مواكبة هذا التسارع، وهذا يزيد من احتمالية إصابة طهران لأهدافها.
نتائج الضربات الإيرانية
قُتل ما لا يقل عن 24 إسرائيليًا منذ أن بدأت طهران قصفها بعيد المدى في وقت متأخر من مساء الجمعة، أسفرت الصواريخ عن مقتل أربعة أشخاص، في شمال إسرائيل بين ليلة السبت وصباح الأحد، وفقًا للشرطة المحلية.
كما قُتل أربعة آخرون وجُرح العشرات عندما سقط مبنى متعدد الطوابق في بات يام، جنوب تل أبيب مباشرة، وكشفت صور جهود البحث والإنقاذ عن حجم الأضرار، حيث دُمر أحد جوانب المبنى بالكامل تقريبًا نتيجة للقصف، وقورنت مشاهد أكوام ضخمة من الحطام الخرساني وقضبان حديد التسليح البارزة بغزة.
أظهرت لقطات مُتداولة خلال القصف الإيراني ليلة الجمعة صواريخ تسقط داخل وحول مجمع كرياه، التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية والمعروف باسم البنتاجون الإسرائيلي، في تل أبيب، وليس واضحًا هو ما إذا كانت الصواريخ سقطت داخل المنشأة أم في المناطق المدنية المحيطة بها، لكن جنودًا كانوا من بين مئات الأشخاص الذين أكدت السلطات الإسرائيلية إصابتهم.
ومع ذلك، وصف جيش الدفاع الإسرائيلي الغارات على تل أبيب يوم الجمعة الماضي بأنها هجوم على المدنيين، بدلاً من تفصيل أي أضرار محتملة لمجمعه، قال المقدم نداف شوشاني، المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي: "إيران تطلق صواريخ عمدًا على منازل وشقق إسرائيلية، وتطلق النار باتجاه مركز السكان المدنيين".
وتأكد أن هدفًا آخر ضُرب في ساعة مبكرة من صباح الأحد هو معهد وايزمان، وهو مركز أبحاث وعلوم مدني في رحوفوت، بالقرب من تل أبيب، والذي يعتبر منشأة أكاديمية، غالبًا ما ساهم باحثوه في التطورات العسكرية الإسرائيلية، ووقعت ضربات مماثلة في مدينة حيفا الساحلية، موطن أكبر مصفاة نفط في إسرائيل.
تضررت خطوط الأنابيب وخطوط النقل التي تخدم المنشأة جراء الغارات، وفقًا لبيان تنظيمي مقدم إلى بورصة تل أبيب.
إلى متى تستطيع إيران الاستمرار؟
قبل أن تبدأ إيران قصف إسرائيل، كان يُعتقد أن إيران تمتلك ما يصل إلى 2000 صاروخ قادر على ضرب الدولة اليهودية في ترسانتها.
ووفقًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كثّف النظام في طهران إنتاجه بشكل كبير لتعزيز ترسانته في السنوات الأخيرة، وصرح المقدم شوشاني يوم الأحد: "كان التقييم عند دخول هذا الصراع أن إيران تمتلك حوالي 2000 صاروخ، ونعلم أن لديهم خطة لزيادة هذا العدد بشكل كبير - إلى 8000 صاروخ في المستقبل القريب".
وفي وقت سابق، زعم نتنياهو أن إنتاج إيران المتسارع يعني أنها تأمل في بناء 300 صاروخ شهريًا، ما يعني أنها ستمتلك 20 ألف صاروخ في غضون ست سنوات.
وبناءً على هذه التقديرات، بالإضافة إلى معدل إطلاق النار الحالي، من المرجح أن تنفد ذخيرة إيران في غضون ثلاثة أسابيع بالمعدلات الحالية، لكن هذا لا يأخذ في الاعتبار العمل الذي يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي داخل إيران لتحييد برنامجها للصواريخ الباليستية.
نشرت إسرائيل لقطات، بعضها مدعوم بصور أقمار صناعية، لضربات على منصات إطلاق ومستودعات ومحطات وقود صواريخ إيرانية، قد يُقصّر هذا بشكل كبير المدة التي يستطيع فيها النظام الإسلامي مواصلة قصفه بعيد المدى.
الهجوم الإسرائيلي على إيران
ولا تزال هناك شكوك حول مدى فعالية إسرائيل في ضرب البرنامج النووي الإيراني، الذي يُدفن جزء كبير منه تحت الأرض، وتحتفظ إيران أيضًا بالمواد الانشطارية في مجمع تحت جبل في فوردو وفي خزائن في أصفهان، وتظاهرت إسرائيل بنجاح الضربات الأولية ضد موقع تخصيب اليورانيوم الرئيسي في نطنز، لكنها ضربات غير كافية لإجهاض المشروع النووي الإيراني.
بعد انسحاب ترامب من الاتفاق عام 2018 خلال ولايته الأولى وإعادة فرض العقوبات الأمريكية، بدأت طهران بإنتاج وتخزين اليورانيوم عالي التخصيب، وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تمتلك الآن مخزونًا من الوقود يبلغ 900 رطل، لتكون بذلك على بُعد خطوة واحدة فقط من صنع سلاح نووي.
وخلصت الوكالة أيضًا إلى أن إيران نفّذت أنشطة سرية ذات صلة بالمجال النووي منذ أكثر من عقدين من الزمن باستخدام مواد نووية غير معلنة في ثلاثة مواقع داخل البلاد.