جددت إيران ضرباتها، اليوم الأحد، ردًا على الهجوم الإسرائيلي على طهران، في تبادل للقصف بين الجانبين، ونفّذت طهران ضرباتها من خلال صواريخ باليستية على تل أبيب، شملت نحو 50 صاروخًا، بحسب "تايمز أوف إسرائيل"
تخوض إسرائيل وإيران الآن صراعًا يختبر مدى تحمّلهما للألم واستعدادهما للتصعيد، ودعم الحلفاء للجانبين، في الوقت الذي يملك فيه الجانبان مخزونات محدودة من الأسلحة الرئيسية، فبالنسبة لجيش الاحتلال يمتلك قنابل خارقة للتحصينات وصواريخ اعتراضية لحماية مجالها؛ إما إيران فصواريخها أكثر فعالية، لكن بمجرد استنفاد هذه الأسلحة سيدور الصراع حول مَن يستطيع تحمل الألم لفترة أطول؟.. بحسب "تايمز البريطانية".
على مدى عقدين من الزمن، بنت وكالة الاستخبارات الإسرائيلية شبكةً هائلة، قادرة على الوصول إلى عشرات المصادر الموثوقة داخل النظام الإيراني، ثم تنفيذ مهام ميدانية، استخدمتها في عمليات اغتيال سابقة لعلماء نوويين.
وشملت عمليات، ليلة أمس الأول الجمعة، استخدام طائرات بدون طيار وأسلحة مضادة للدبابات بعيدة المدى لمهاجمة الصواريخ الباليستية الإيرانية الجاهزة على مركبات الإطلاق.
تضمن رد إيران، الذي أُطلق عليه "الانتقام بلا حدود"، خلال الساعات الـ48 الماضية إطلاق موجة من الطائرات بدون طيار، التي تم إسقاطها معظمها، تلاها وابل من 200 صاروخ باليستي.
وتحلق تلك الصواريخ في الفضاء بسرعة آلاف الأميال في الساعة يصعب إيقافها بشكل كبير، وقد وصل اثنان منها إلى وسط تل أبيب، وهبطا بالقرب من وزارة الدفاع، وأفادت إسرائيل بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 60 آخرين، بينما أفادت وسائل الإعلام الإيرانية بسقوط العشرات.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن إسرائيل لديها الأفضلية في تحمل الضربات، ولديها القدرة على إلحاق ضرر كبير بإيران، ويمكنها أن تفعل أكثر من ذلك بكثير باستهداف البنية التحتية الرئيسية مثل محطات النفط، أو في نهاية المطاف، بالتلويح بترسانتها النووية.
على النقيض تقتصر ضربات إيران على ضربات صاروخية، رغم أن دقة هذه الضربات أقل من دقة أسلحة إسرائيل، وقد تصعّد إيران هجماتها لضرب البنية التحتية الاقتصادية الإسرائيلية مثل محطات الطاقة أو مصافي النفط، أي أنها ببساطة ستستدعي ضربات أشد قسوة ردًا على ذلك.
وقالت الصحيفة البريطانية عن رويترز، إن في حال ضربت إيران أهدافًا أمريكية في الخليج، كما هدد قادتها، فإن حسابات طهران تبدو أيضًا ضعيفة، لأن استفزاز الولايات المتحدة للانضمام إلى الضربات الإسرائيلية من شأنه أن يفتح المجال أمام قدرات إضافية، مثل قاذفات بي-2 المُجهزة بقنابل "خارقة للتحصينات"، وحتى الآن استخدم الأمريكيون الطائرات والسفن الحربية للمساعدة في إحباط الهجمات الإيرانية، لكنهم امتنعوا عن توجيه ضربات بأنفسهم.
بدوره قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الولايات المتحدة ليست متورطة في الصراع بين إيران وإسرائيل، لافتًا إلى أنه منفتح على وساطة بوتين في النزاع بين إيران وإسرائيل، وأنه من الممكن أن التدخل لمساعدة إسرائيل للقضاء على البرنامج النووي الإيراني.
مع استمرار الحرب لفترة أطول، قد يتضاءل تأثير الضربات الإسرائيلية، فمع اقتراب الأهداف التي أمضوا شهورًا في إعدادها، تُعيد القوات الإيرانية تنظيم صفوفها بعد الضربات الأولية، وتصبح الصورة أكثر ديناميكية، وقد تعلمت الدول الغربية خلال صراعي عامي 1991، و2003 مع العراق أن منصات إطلاق الصواريخ المتنقلة المراوغة قد يصعب التعامل معها.
لا تزال هناك شكوك حول مدى فعالية إسرائيل في ضرب البرنامج النووي الإيراني، الذي يدفن جزءًا كبيرًا منه تحت الأرض، وتحتفظ إيران أيضًا بالمواد الانشطارية في مجمع تحت جبل في فوردو وفي خزائن في أصفهان، وقد تظاهرت إسرائيل بنجاح الضربات الأولية ضد موقع تخصيب اليورانيوم الرئيسي في نطنز، لكنها ضربات غير كافية لإجهاض المشروع النووي الإيراني.
بعد انسحاب ترامب من الاتفاق عام 2018 خلال ولايته الأولى وإعادة فرض العقوبات الأمريكية، بدأت طهران بإنتاج وتخزين اليورانيوم عالي التخصيب، وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تمتلك الآن مخزونًا من الوقود يبلغ 900رطل، لتكون بذلك على بُعد خطوة واحدة فقط من صنع سلاح نووي.
وخلصت الوكالة أيضًا إلى أن إيران نفّذت أنشطة سرية ذات صلة بالمجال النووي منذ أكثر من عقدين من الزمن باستخدام مواد نووية غير معلنة في ثلاثة مواقع داخل البلاد.
قالت هيئة الرقابة على الطاقة الذرية إن إيران بدأت بتشغيل موقع تخصيب آخر مخفي، وإن إيران ترفض الإجابة على أسئلة حول آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في ثلاث منشآت غير مُعلنة مرتبطة ببرنامجها النووي السابق.
وقال بيت هيجسيث، وزير الدفاع الأمريكي، عن جهود إيران من قِبل لجنة في مجلس الشيوخ: "هناك الكثير من المؤشرات على أنهم يتجهون نحو شيء يُشبه إلى حد كبير السلاح النووي".
بدروه قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في خطاب تلفزيوني في وقت مبكر من أمس الأول الجمعة: "في الأشهر الأخيرة، اتخذت إيران أخيرًا خطوات لم تتخذها من قبل.. خطوات لتحويل هذا اليورانيوم المُخصب إلى سلاح"، وقال نتنياهو عن قدرة إيران في إنتاج قنبلة نووية: "قد يكون ذلك في غضون بضعة أشهر - أقل من عام".
قبل السابع من أكتوبر2023، كانت إسرائيل تعلم أن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيُقابل بردٍّ واسع النطاق، يشمل إطلاق آلاف الصواريخ من قِبل حلفائها في محور المقاومة (حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وحماس في غزة) وذلك قبل أن تردّ إيران بترسانتها الواسعة من الصواريخ الباليستية، لكن حكومة نتنياهو غيّرت الحسابات بعد القضاء على أذرع إيران.