الأعمال التاريخية ضرورة للأجيال الجديدة.. والدراما السورية لا تزال قوية رغم التحديات
ما بين البساطة والتعقيد والدراما الاجتماعية والتاريخية، استطاع الفنان السوري سامر المصري تقديم الكثير من الشخصيات التي صنعت اسمًا مميزًا، فقدرته على تقمّص أدوار متنوّعة تركت بصمة قوية في ذاكرة الجمهور. وفي تجربته الأخيرة من خلال مسلسل "آسر"، الذي شارك في بطولته إلى جانب باسل خياط، وباميلا الكيك، وخالد القيش، جسّد دور "عزت"، وهو شخصية مركّبة تحمل بداخلها تناقضات الألم والشر.
وفي حواره مع موقع "القاهرة الإخبارية"، تحدّث سامر المصري عن كواليس العمل، والتحديات التي واجهها في هذا الدور، كما تحدّث عن رؤيته للدراما السورية والمشتركة، وأسباب غيابه عن الساحة المصرية، وأمنيته الكبيرة بتجسيد شخصية صلاح الدين الأيوبي، وتفاصيل أخرى تحدث عنها في هذه السطور:
ما الذي دفعك للمشاركة في المسلسل المعرّب "آسر"؟
السبب الأساسي كان النص الذي أعجبني كثيرًا؛ لأنه محكم الصياغة ويطرح صراعات إنسانية حقيقية وعميقة، كما أن وجود أسماء كبيرة مثل باسل خياط وباميلا الكيك وخالد القيش زاد من حماسي، فهم نجوم محترفون والعمل معهم يضيف لأي فنان، إلى جانب أن الإنتاج كان محترفًا والأجواء مشجعة.
حدثنا عن كواليس تجهيزك لشخصية "عزت" المعقّدة؟
"عزت" شخصية مركبة جدًا، فيها مزيج من القسوة والوجع الداخلي، وقد قرأت النص عدة مرات لفهم بيئة الشخصية وخلفيتها النفسية والاجتماعية، كما جلست مع الكاتب والمخرج مطولًا لمناقشة كل تفصيلة، من النبرة إلى لغة الجسد، لأن التفاصيل الدقيقة هي التي تصنع الفارق وتُقنع المشاهد.
وما أبرز التحديات التي واجهتك أثناء تجسيد "عزت"؟
أكبر تحدٍ كان تقديم الشر بطريقة إنسانية دون مبالغة أو تحويله إلى كاريكاتير، إذ إن "عزت" شخصية قاسية ومؤلمة في الوقت نفسه، وكان لابد من الحفاظ على هذا التوازن بين الانفعال والكتمان، وبين الغضب والألم الداخلي. التحدي كان في جعل المشاهد يتعاطف مع شخصية مؤذية لأنه يرى عمق جرحها.
هل شعرت بتعاطف شخصي مع "عزت"؟
نعم، تعاطفت معه جدًا. لا يوجد شر مطلق في الحياة. الإنسان ابن بيئته وتجربته. لو وُضع "عزت" في ظروف مختلفة، ربما كان ليصبح إنسانًا آخر، فهو ضحية مجتمع قاسٍ لم يحتويه، وأنا أؤمن أن كل شخصية، حتى الشريرة، تحمل بُعدًا إنسانيًا يستحق الفهم.
العمل يتناول موضوعات مثل الحب والصداقة والخيانة.. ما الرسالة التي شعرت بها؟
الرسالة الأساسية تتمحور حول هشاشة العلاقات الإنسانية، وكيف أن لحظة واحدة من الخيانة قد تغيّر كل شيء، فالخيانة لا تدمر علاقة فقط، بل تترك أثرًا في النفس والروح، العمل يدعو للتأمل في النوايا والقرارات، لأنه ليس كل ما يبدو في ظاهره بسيطًا.
"آسر" عمل معرّب مقتبس عن مسلسل تركي شهير يحمل اسم "إيزل".. كيف ترى فكرة الاقتباس؟
لا مانع لدي من الاقتباس طالما أنه يتم بذكاء ويُحترم فيه خصوصية البيئة الجديدة، ولا يجب أن يكون مجرد نقل حرفي، بل إعادة صياغة تناسب ثقافتنا وقيمنا، النجاح في بلد معين لا يعني أن العمل سينجح لدينا بالشكل نفسه إلا إذا تمّت معالجته بوعي.
وماذا عن كواليس التعاون مع فريق العمل في "آسر"؟
التجربة كانت ممتعة جدًا. باسل خياط فنان ملتزم وذكي، وباميلا الكيك لديها طاقة تمثيلية قوية، أما خالد القيش فهو صديق قديم، والتفاهم بيننا كان كبيرًا، أجواء التصوير كانت إيجابية، وهذا انعكس بشكل واضح على أداء كل منا.
قدّمت شخصية عمر بن الخطاب رمضان الماضي.. ما الذي جذبك لهذا الدور؟
شخصية عمر بن الخطاب من أعظم الشخصيات في التاريخ الإسلامي، وتحمل قيمًا عالية من العدالة والحكمة والرحمة، هذا الدور كان مسؤولية كبيرة، واستعددت له جيدًا من خلال قراءة المصادر التاريخية الموثوقة والاعتماد على مراجع دقيقة لأداء الشخصية بأمانة وصدق.
ما أبرز الشخصيات التاريخية التي تتمنى تجسيدها؟
أتمنى تجسيد شخصية صلاح الدين الأيوبي، إلى جانب الإمام علي ويوسف بن تاشفين. هذه شخصيات عظيمة صنعت التاريخ العربي والإسلامي، ولديها أبعاد إنسانية وروحية وفكرية غنية جدًا، كما أنني أحب الأدوار التي تطرح تساؤلات وتثير الفكر.
هل ترى أن غياب الدراما التاريخية أثّر على وعي الأجيال الجديدة؟
بالتأكيد، غياب الدراما التاريخية ترك فراغًا كبيرًا. الجيل الجديد يعتمد بشكل أساسي على السوشيال ميديا كمصدر للمعلومة، وهذا خطر. الدراما التاريخية تلعب دورًا مهمًا في التوعية والتربية وتعريف الناس بجذورهم وهويتهم. يجب أن نعيد الاهتمام بهذا النوع من الدراما.
ما المعايير التي تعتمدها في اختيار أدوارك؟
أبحث دائمًا عن التحدي والاختلاف، فأنا لا أحب أن أكرر نفسي أو أقدّم ما يشبه أدواري السابقة، بل أختار الدور الذي يمثل حالة جديدة بالنسبة لي، ويضيف للمشاهد، والنص والمخرج وفريق العمل عناصر رئيسية في قراري.
كيف ترى واقع الدراما السورية في الوقت الحالي؟
الدراما السورية لا تزال قوية رغم التحديات، نعم هناك صعوبات على مستوى الإنتاج والتسويق، لكن لا تزال هناك طاقات شبابية ومبدعون يفرضون أنفسهم.
الجيل الجديد لديه وعي وطموح، والأمل دائمًا موجود في التجديد والتطوير.
ما رأيك في الدراما العربية المشتركة؟
الدراما المشتركة فتحت آفاقًا واسعة للتعاون بين الفنانين العرب، وهي فرصة ممتازة للتقارب بين الثقافات. لكنها تحتاج إلى معالجة ذكية توازن بين الخصوصية الثقافية والإنتاج المشترك، عندما يتم التعامل معها بحرفية، تكون النتائج مذهلة.
ما سبب غيابك عن الدراما المصرية أخيرًا؟
أعتز كثيرًا بكل تجاربي السابقة في مصر، فهي بلد الفن والتاريخ، والعمل فيها له طابع خاص، وغيابي لم يكن قرارًا، لكن ربما الظروف أو النصوص المعروضة لم تكن مناسبة أخيرًا. لكن إذا عُرض عليّ عمل قوي في مصر، لن أتردد لحظة.
وما مشروعاتك الفنية المقبلة؟
أقرأ حاليًا نصًا لمسلسل اجتماعي نفسي عميق، وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور عند خروجه للنور. كما أن هناك مشروعًا سينمائيًا عربيًا قيد الدراسة، وإذا تم تنفيذه، سيكون خطوة جديدة ومهمة لي في عالم السينما.