الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخاوف من شبح 2006.. حكايات الرعب والترقب من قلب بيروت "الحزينة"

  • مشاركة :
post-title
غارات جوية عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ـ أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، تعيش بيروت "الحزينة" وضواحيها أيامًا عصيبة مليئة بالرعب والترقب، لا سيما بعد اغتيال قيادات حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام للحزب حسن نصر الله جراء غارات إسرائيلة على ضاحية بيروت الجنوبية، وفي هذا الصدد سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على الوضع الراهن في العاصمة اللبنانية وتأثيره على السكان والمآسي التي يعيشونها.

ويتعرض لبنان لاعتداءات إسرائيلية واسعة استهدفت مختلف المحافظات والمناطق اللبنانية، لا سيما قرى وبلدات جنوبي لبنان، ما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف شخص، فيما اندفع سكان المناطق المستهدفة في موجة نزوح واسعة.

خط الدفاع الأول في مواجهة الكارثة

لأشهر عديدة كان الطاقم الطبي في مستشفى رفيق الحريري الجامعي يستعد لمواجهة السيناريو الأسوأ، إذ أجرى الممرضون تدريبات في مواقف السيارات، وتمرنوا على نقل المرضى من الأجنحة إلى الهياكل الخرسانية المضادة للقنابل.

وفي خطوة استباقية، تم ترك مبنى فارغ في حرم المستشفى حتى يتمكن الطاقم الطبي من إحضار عائلاتهم معهم حال حدوث قصف مكثف، ما يسمح لهم بالتركيز على عملهم دون القلق على سلامة أحبائهم.

عندما يصبح التدريب واقعًا

في ليلة الجمعة، تحوّلت هذه التدريبات إلى واقع مرير، عندما بدأ القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، هرع السكان إلى أقرب مكان آمن يمكنهم التفكير فيه، مستشفى رفيق الحريري القريب.

وصلت أعداد كبيرة من الناس إلى بوابات المستشفى، يطلبون البقاء في موقف السيارات حتى يتوقف القصف، إلا أن الطاقم الطبي لم يتمكن من السماح لهم بالدخول، إذ كان عليهم الحفاظ على الطريق مفتوحًا للجرحى القادمين وكانوا يتوقعون وصول المئات من ضحايا الغارات الجوية، بحسب "الجارديان". 

الضاحية الجنوبية تحت النار

على عكس التوقعات، جاء الجرحى من غارة يوم الجمعة على الضاحية بأعداد متفرقة، إذ إنه وفقًا لآخر تحديث من وزارة الصحة، بلغ عدد الضحايا 11 شهيدًا و108 جرحى.

الحفر العميقة التي خلفتها القنابل الخارقة للتحصينات التي ألقتها إسرائيل، وأدت إلى تدمير 6 مبانٍ، جعلت عمليات البحث والإنقاذ صعبة للغاية.

وجد المسعفون اللبنانيون، الذين اعتادوا على التعامل مع الأنقاض على مدار الـ12 شهرًا الماضية من القتال، أنفسهم يواجهون دمارًا لم يسبق له مثيل، حتى بعد يومين من الضربة، استمر عدد الضحايا في الارتفاع بشكل مطرد.

الخوف من المستقبل

رغم نجاح النظام الصحي في تجاوز هذه الأزمة الأخيرة، إلا أن الممرضات والأطباء كانوا منهكين بعد أسبوعين من الأحداث الجماعية المتواصلة، ومع ذلك، لم يكن أحد متفائلًا، إذ كانوا يستعدون لمزيد من التصعيد، بما في ذلك احتمال حدوث غزو بري إسرائيلي.

وعبّرت شوشانا مزراعي، مديرة قسم الطوارئ في مستشفى مرجعيون العام، جنوب لبنان، عن مخاوفها، قائلة: "نواجه تحديًا نفسيًا كبيرًا، نخشى من انقطاع الإمدادات الأساسية، أخاف أنه إذا استمر الوضع على هذا النحو، سننقطع عن كل شيء".

إخلاء القرى الحدودية

في بلدة شبعا الواقعة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بدأت هواتف السكان في الرنين، كان على الخط مسؤول إسرائيلي يخبرهم بإخلاء منازلهم على الفور، حيث سيتم قصفها قريبًا.

ويروي محمد صعب، رئيس بلدية شبعا، تفاصيل ما حدث: "أخبرونا أي طريق نسلك، اتصلوا حتى بالشرطة، الجميع كان مرعوبًا وفر هاربًا، وبعد 10 دقائق فقط من بدء المكالمات بدأوا في قصف البلدة"، مضيفًا أن ثلاثة منازل دُمرت جراء الغارات الإسرائيلية، بحسب الصحيفة البريطانية. 

الشائعات والخوف في بيروت

انتشرت شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي حول تلقي السكان مكالمات مماثلة في مناطق أخرى، ما أدى إلى حالة من الذعر والارتباك.

وفي إحدى الحالات، انتشرت شائعات بأن سكان مبنى يأوي نازحين في بلدة بعقلين في جبال جنوب شرق لبنان، أخلوا المبنى بعد تلقيهم مكالمة، لكن أحد سكان المبنى أكد لاحقًا أن الأمر كان مجرد إشاعة، وأن أحدًا لم يتلق أي اتصال من الإسرائيليين، وفقًا للصحيفة.

المشهد في شوارع بيروت

في شوارع العاصمة بيروت، انتشر الجنود اللبنانيون عند التقاطعات التي خلت من السيارات في معظمها.

وفي السماء، كانت طائرة إسرائيلية دون طيار تحلق فوق المدينة، يتزايد أزيزها ويخفت دوريًا، ما دفع السكان إلى شرفاتهم بحثًا عن أي علامة على وقوع ضربة جديدة.

لم تبدأ فترة الحداد الرسمية على وفاة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله حتى يوم الاثنين.

وبالنسبة لبعض الناس في العاصمة، كان هناك تردد في تصديق أنه قد رحل.

ويقول أمير، صاحب متجر -24 عامًا- في حي الكرخون الدرزي المختلط الطوائف ببيروت: "قالوا إنهم اغتالوا حسن نصر الله، وحتى الآن 90% من الناس لا يصدقون ذلك، هذا ما تريدنا وسائل الإعلام أن نسمعه، هذا ما أعتقده، سيحتاج الأمر فقط إلى بعض الوقت حتى يعود، إذا عاد وكان حيًا، فستصبح الأمور أسوأ بكثير لإسرائيل".

شبح 2006

حتى إذا كان بعض اللبنانيين قد يواجهون احتمال الغزو الإسرائيلي بتحدٍ، فقد كانت هناك شكوك حول ما إذا كانت الدولة اللبنانية مستعدة لذلك.

يقول يوسف، الذي يملك متجرًا بجوار أمير: "قالوا إنهم كانوا يستعدون لمدة عام، لكن انظر إلى ما حدث الجمعة الماضي، لم يكن أحد يتوقع ذلك، أخشى أن يتكرر ما حدث في عام 2006 مرة أخرى، كان الأمر صعبًا للغاية آنذاك: نفدت المخزونات الغذائية، وكانت الإمدادات شحيحة"، وفقًا للصحيفة.