شهدت الضاحية الجنوبية، أمس الجمعة، سلسلة من الانفجارات الضخمة التي هزّت العاصمة اللبنانية بيروت بشكل كامل، إثر قصف إسرائيلي استهدف مقر القيادة المركزية لحزب الله، الذي يوجد فيه عادة كبار القادة والمسؤولين، في أكبر هجوم منذ التصعيد الدائر بين الجانبين، منذ ما يقرب من عام.
وذكرت إذاعة جيش الاحتلال، أن طائرات "إف-35" نفذت الغارات بواسطة قنابل خارقة للحصون بزنة طن (2000 رطل) والهدف كان مقر هيئة أركان حزب الله والمستهدف الرئيسي هو الأمين العام للحزب حسن نصر الله، والذي أعلن الاحتلال، صباح اليوم السبت، اغتياله.
وزعم جيش الاحتلال في بيان صباح اليوم السبت: "تم القضاء على حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله وأحد مؤسسيها، إلى جانب علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية للحزب، وقادة آخرين من حزب الله".
وكان جيش الاحتلال شنّ سلسلة من الغارات خلال ساعات الليل بين الجمعة والسبت على مناطق في الضاحية الجنوبية، وأعلن أنه قتل في الغارات الجوية على الضاحية الجنوبية لبيروت محمد علي إسماعيل قائد الوحدة الصاروخية التابعة لحزب الله في جنوب لبنان، ونائبه حسين أحمد إسماعيل.
وبحسب قناة المنار التابعة لحزب الله، استهدفت الغارات الإسرائيلية مناطق الكفاءات، والحدث، والليلكي، والشويفات، وبرج البراجنة، وتسببت الهجمات في اندلاع حرائق كبيرة، وتصاعدت أعمدة الدخان في عدة أحياء ضمن الضاحية.
وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن مستشفيات الضاحية الجنوبية ستجلي مرضاها بعد الغارات الإسرائيلية.
وقبل هذه الهجمات، دعا المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاجاري، السكان إلى مغادرة مواقع محددة، زاعمًا أن "حزب الله يخفي صواريخ استراتيجية فيها"، مشيرًا إلى أن طائرات سلاح الجو تحلق فوق مطار بيروت، وأن "إسرائيل لن تسمح لأي طائرات عدائية محملة بالعتاد العسكري الهبوط فيه".
وكذلك دعا المتحدث باسم جيش الإحتلال أفيخاي أدرعي، السكان في مناطق محددة من الضاحية الجنوبية إلى إخلاء المباني والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر.
وأفاد شهود عيان لوكالة "رويترز" بسماع أكثر من 20 غارة جوية منفصلة قبل فجر السبت، كما لوحظ تجمع الآلاف من اللبنانيين في الساحات والمتنزهات وعلى الأرصفة في وسط بيروت والمناطق المطلة على البحر، بعد أن نزحوا من منازلهم في الضاحية الجنوبية.
وتعد الضاحية الجنوبية معقلًا لحزب الله، خاصة حارة حريك، حيث استهدفت الضربات الإسرائيلية ما قالت إنه "المقر المركزي لحزب الله".
وتتبع للضاحية عدة أحياء: حارة حريك، والليلكي، والشياح، والغبيري، وبرج البراجنة، وبئر العبد، وحي السلم، والأوزاعي، والمرجية، وتحويطة الغدير.
وتبعد حارة حريك التي تعرضت لضربات الجمعة عن مركز العاصمة، بيروت، بنحو خمسة كيلومترات، فيما تقل مساحتها الإجمالية عن 2 كيلومتر مربع، وفي عام 2006، تضررت بضربات إسرائيلية، حيث تم تدمير نحو 256 مبنى سكنيا تضم أكثر من 3 آلاف وحدة سكنية، بحسب ورقة بحثية لموقع "ميدل إيست للبحث والمعلومات".
وتشير الورقة البحثية إلى أن "حارة حريك لم تكن قاعدة عسكرية يختبئ فيها مقاتلو حزب الله.. بل كانت حيّا سكنيّا يقع على طول شريان رئيسي للضاحية، حيث تربط الغبيري ببرج البراجنة، والذي تطورت حوله الضاحية الجنوبية لبيروت بداية من أوائل ستينيات القرن الماضي".
وتم تصميم هذه المنطقة وفقًا لرؤية مخطط المدن الفرنسي، ميشيل إيكوشار، الذي أراد تقليص كثافة العاصمة اللبنانية وتحويل ضواحيها إلى مناطق مجهزة بالخدمات والبنية التحتية، لاجتذاب الطبقة المتوسطة المتعلمة.
وفي عام 2006، بعد تعرض حارة حريك وأحياء من الضاحية الجنوبية للدمار، تركت الحكومة اللبنانية لحزب الله مهمة إعادة إعمار الضاحية الجنوبية، ليعزز من وجوده في المنطقة التي بدأ يسيطر عليها منذ مطلع الثمانينيات. واكتسب الحزب المزيد من السيطرة في تلك المنطقة، وذلك يعود لبنائه قاعدة دعم قوية بترسيخ وجوده في المؤسسات الرئيسية مثل المدارس والمستشفيات.