يعد حادث انفجار البيجر في لبنان ضربة أخرى لآمال السلام الأمريكية، وتحطم جديد لدبلوماسية واشنطن في الشرق الأوسط، والتي تسعى جاهدة لاحتواء أي تصعيد محتمل يمكن أن يجر المنطقة إلى صراعات لا تنتهي.
وشهد لبنان عشرات الانفجارات المتزامنة في بيروت وضواحيها وأماكن أخرى وحتى في سوريا، تسببت في أكثر من 4000 إصابة بينهم 200 في حالة خطيرة ووفاة 11 منهم طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات وآخرين بينهم أبناء قادة، فيما عرف باسم انفجارات أجهزة البيجر.
الجهود الاحتوائية
وتسعى الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط، بحسب تحليل صحيفة الجارديان البريطانية، إلى منع إشعال شرارة التصعيد، إلا أن الهجوم الاستثنائي في لبنان الذي أدى إلى تفجير مئات أجهزة البيجر التي يستخدمها أعضاء حزب الله في وقت واحد، لم يكن ليأتي في وقت أكثر مثالية لضرب جهود البيت الأبيض الاحتوائية.
وجاء الحادث في الوقت الذي يحاول فيه المسؤولون الأمريكيون تهدئة التوترات بين الجانبين، وقد يعرقل الجهود الأمريكية لمنع إيران من الرد على إسرائيل بسبب التفجير الذي وقع في طهران في يوليو والذي أسفر عن مقتل الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وقبل تلك التفجيرات المنسقة كان آموس هوششتاين، أحد كبار مستشاري جو بايدن، في دولة الاحتلال الإسرائيلي يحث بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، وغيره من كبار المسؤولين الإسرائيليين على عدم التصعيد في الجبهة الشمالية في لبنان.
ذريعة للحرب
أيضًا حذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت من أن الوقت ينفد لإيجاد تسوية تفاوضية بين إسرائيل وحزب الله خلال حديثهما عن الأوضاع، بينما اعتبرت الصحيفة إعلان حكومة نتنياهو بتوسيع أهداف الحرب لتشمل عودة الآلاف إلى الشمال بأنه يمكن أن يستخدم كذريعة للحرب.
وحذرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، من أن انفجارات أجهزة البيجر في جميع أنحاء البلاد تمثل "تصعيدًا مقلقًا للغاية في سياق متقلب بشكل غير مقبول، وفي بيان لها، حثت جميع الجهات المعنية على الامتناع عن أي إجراء آخر، أو خطاب عدائي، من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع حريق أوسع نطاقًا لا يستطيع أحد تحمله.
التفجير المتزامن
وانتشرت روايات حول كيفية ارتكاب إسرائيل التي حملها حزب الله المسؤولية عن الحادث للتفجير المتزامن، حيث أرجعه خبراء إلى التكنولوجيا القديمة للبيجر التي تفتقر إلى الحماية من الهجمات السيبرانية، مما جعلها عرضة لثغرات أمنية وتصبح هدفًا سهلًا لأي جهة تحاول اختراقها.
وتمكن الموساد من وضع يده على أجهزة الاتصال اللاسلكي "البيجر"، التي استوردها حزب الله اللبناني قبل نحو 5 أشهر، بحسب القناة الـ13 الإسرائيلية، وزرع في كل جهاز بيجر ما يصل 20 جرامًا من مادة PETN ذات الكفاءة الانفجارية العالية، مُخبأة داخل مكون إلكتروني مزيف، والتي انفجرت بعد تسخين البطارية.
وحمّل حزب الله اللبناني، دولة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن انفجارات أجهزة البيجر، وأكد في بيان أن الشهداء والجرحى هم عنوان الجهاد والتضحيات على طريق القدس، واصفًا إياه بالانتصار لأهالي غزة والضفة الغربية.