أبدى علماء المناخ قلقهم من الفيضانات المدمرة التي اجتاحت وسط أوروبا من النمسا إلى رومانيا، وباقي مختلف أنحاء العالم، وألحقت دمارًا هائلًا في البنية التحتية، وأثرت على ملايين الأشخاص، لافتين إلى أن ذلك هو ما توقعوه بالضبط، وأثبت مدى ضعف العالم.
وغمرت مياه الفيضانات بلدات خلابة في وسط أوروبا، بعد أن حولت الأمطار الغزيرة خلال نهاية الأسبوع الجداول الهادئة إلى أنهار هائجة ألحقت دمارًا بالبنية التحتية، وتسببت الفيضانات في مقتل 15 شخصًا على الأقل وتدمير مبان، بينما غمرت المياه قرى بأكملها في ميانمار وهرب ما يقرب من 300 سجين من سجن منهار في نيجيريا.
استعداد العالم
ولم يبد العلماء اندهاشهم بحسب صحيفة الجارديان البريطانية من شدة الفيضانات، إلا أنهم أبدوا قلقهم كون الأمطار الكارثية التي ضربت وسط أوروبا هي بالضبط ما يتوقعه العلماء مع تغير المناخ، حيث يرون أن الوفيات والأضرار التي حدثت في مختلف أنحاء إفريقيا وأوروبا سلطت الضوء على مدى ضعف استعداد العالم لمواجهة مثل هذه الفيضانات.
وتشير التحليلات الفورية للفيضانات في وسط أوروبا إلى أن معظم بخار الماء جاء من البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، وكلاهما أصبح أكثر سخونة نتيجة لانهيار المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان، مما أدى إلى تبخر المزيد من المياه في الهواء.
أكثر شدة
وفي المتوسط، تزداد شدة أحداث هطول الأمطار الغزيرة بنسبة 7% لكل درجة من درجات الاحتباس الحراري العالمي، ووفقًا للعلماء لدينا الآن 1.2 درجة مئوية من الاحتباس الحراري العالمي، وهذا يعني أن أحداث هطول الأمطار الغزيرة في المتوسط أصبحت أكثر شدة بنسبة 8%.
وتبين من بيانات محطة الأرصاد الجوية أن هطول الأمطار في سبتمبر أصبح أكثر غزارة في ألمانيا وبولندا والنمسا والتشيك والمجر وسلوفاكيا منذ عام 1950، حيث في بولندا على سبيل المثال، تسببت الفيضانات في انهيار جسر وجرف منازل.
استعداد المجتمعات
وفي التشيك، أنقذت طائرات الهليكوبتر مواطنين تقطعت بهم السبل من المياه المرتفعة، وفي العاصمة النمساوية فيينا، التي استضافت أكبر مؤتمر للطقس والمناخ في أوروبا منذ عام 2005، تسببت الأمطار في فيضانات على الطريق السريع وإغلاق خطوط المترو.
وتتوقف حصيلة القتلى الناجمة عن الفيضانات على مدى استعداد المجتمعات المحلية للأمطار والاستجابة لآثارها، حيث حث العلماء الحكومات على الاستثمار في التكيف مع الأحداث المناخية المتطرفة من خلال أنظمة الإنذار المبكر والبنية الأساسية الأكثر مرونة وبرامج دعم الضحايا، مع إنهاء اعتمادها على الوقود الأحفوري.
وحذر العلماء من أنه حتى الدول المتقدمة للغاية، ليست في مأمن من تغير المناخ، مشيرين إلى أنه ما دام العالم يحرق النفط والغاز والفحم، فإن هطول الأمطار الغزيرة وغير ذلك من الظواهر الجوية المتطرفة سوف تشتد؛ ما يجعل كوكبنا مكانًا أكثر خطورة وتكلفة للعيش فيه.