شهدت السجون في إنجلترا وويلز ارتفاعًا غير مسبوق في عدد النزلاء، ما يضع ضغوطًا هائلة على نظام العدالة الجنائية في المملكة المتحدة، إذ وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، وصل عدد السجناء إلى مستوى قياسي جديد، الأمر الذي يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع هذه الأزمة المتصاعدة.
أرقام صادمة
كشفت أحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة العدل البريطانية عن ارتفاع عدد السجناء في إنجلترا وويلز إلى 88,350 شخصًا بحلول 30 أغسطس، ما يمثل زيادة كبيرة بلغت 988 سجينًا خلال أربعة أسابيع فقط، مقارنة بـ 87,362 سجينًا في الثاني من أغسطس.
وتعد هذه الأرقام الأعلى منذ بدء نشر البيانات الأسبوعية لعدد السجناء في عام 2011، وفقًا لتحليل أجرته "أسوشيتد برس"، كما أنها تتجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 88,336 سجينًا، والذي تم تسجيله في نهاية فبراير 2024.
أسباب الارتفاع
يرى المراقبون أن الزيادة الحادة في عدد السجناء ترجع بشكل رئيسي إلى الأحكام القضائية الصادرة بحق المشاركين في أعمال الشغب الأخيرة التي شهدتها البلاد.
واندلعت هذه الاضطرابات، التي أججتها الجماعات اليمينية المتطرفة، عقب حادث طعن ثلاث فتيات صغيرات في مدينة ساوثبورت.
وتزامنت هذه الأحداث مع إعلان حكومة حزب العمال، التي تولت السلطة أخيرًا، عن تدابير طارئة لتخفيف الاكتظاظ في السجون خلال أسبوعها الأول في الحكم.
محاولات للاحتواء
في محاولة للتعامل مع أزمة الاكتظاظ، أعلنت شبانة محمود، وزيرة العدل، عن تشريع جديد يهدف إلى تقليص المدة التي يتعين على السجناء قضاؤها قبل إطلاق سراحهم تلقائيًا، وبموجب هذا القانون، سيتم تخفيض هذه المدة من 50% إلى 40% من مدة الحكم الأصلية.
وحذرت "محمود" من أن امتلاء السجون بشكل مفرط قد يؤدي إلى انهيار القانون والنظام في الشوارع خلال أيام، كما أشارت إلى أن زنازين الشرطة ستمتلئ بالمشتبه بهم الموقوفين والسجناء المدانين؛ ما قد يخلق فرصة يستغلها اللصوص والمجرمون.
ويحرص حزب العمال على توجيه اللوم إلى الحكومات التي قادها حزب المحافظين على مدى السنوات الـ 14 الماضية، إذ اتهم العمال المحافظين بسجن أعداد متزايدة من المجرمين مع الفشل في بناء المزيد من السجون لاستيعابهم.
وشهد عدد السجناء في إنجلترا وويلز ارتفاعًا مستمرًا على مدى السنوات الثلاث الماضية، بعد انخفاضه إلى 77,727 سجينًا في أبريل 2021 خلال جائحة كوفيد-19. وقبل الجائحة، ظل العدد فوق 80,000 سجين منذ ديسمبر 2006.
بناء سجون جديدة
في تصريحات له هذا الأسبوع، أكد رئيس الوزراء كير ستارمر، أن الحكومة ستعمل على بناء المزيد من السجون لمعالجة مشكلة الاكتظاظ بمجرد "وضع يدها على قوانين التخطيط".
وأشار "ستارمر"، خلال حديثه للصحفيين في برلين، إلى أن بطء عملية بناء السجون الجديدة هو أحد الأسباب الرئيسية وراء أزمة السعة الحالية.
وكان أحد الوعود الرئيسية لحزب العمال خلال حملة الانتخابات العامة، إزالة العقبات في نظام التخطيط للسماح للمطورين بالبناء في المناطق المصنفة كـ "الحزام الرمادي".
وأضاف ستارمر قائلًا: "علينا تغيير لوائح التخطيط؛ حتى نتمكن من بناء السجون التي نحتاجها، لأن العملية تستغرق وقتًا طويلًا جدًا وبطيئة للغاية، وهذا من بين الأسباب التي أوصلتنا إلى الوضع الحالي".
في تطور آخر يسلط الضوء على تحديات النظام العقابي، أعلنت الشرطة الأسكتلندية عن هروب سجين يدعى مارتن جاكسون من سجن مفتوح بالقرب من مدينة دندي. وحذرت الشرطة الجمهور من محاولة الاقتراب من جاكسون في حال رؤيته، مطالبة بإبلاغ السُلطات فورًا.