الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بينها تخفيض العقوبات.. إجراءات "استثنائية" لمنع انهيار السجون في بريطانيا

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في خطوة غير مسبوقة تعكس عمق الأزمة التي تواجهها المملكة المتحدة في نظامها العقابي، أعلنت الحكومة البريطانية الجديدة عن إجراءات طارئة تهدف إلى تخفيف الضغط على السجون المكتظة، وهذه الخطوة، التي وصفتها وزيرة العدل بأنها "الطريقة الوحيدة لتجنب الكارثة"، تأتي في ظل تحذيرات من انهيار وشيك للنظام القضائي وتهديد حقيقي لسيادة القانون في البلاد.

على شفا الانهيار

نقلت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، تصريحات مثيرة لوزيرة العدل الجديدة شبانة محمود، التي وصفت الوضع في السجون البريطانية بأنه على وشك الانهيار.

وفقًا لـ"محمود"، تعمل السجون بنسبة 99% من طاقتها منذ بداية عام 2023، ما يشكل ضغطًا هائلًا على النظام العقابي بأكمله، وهذا الوضع الحرج دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لتفادي ما وصفته الوزيرة بـ "انهيار تام للقانون والنظام".

حل مؤقت

في محاولة للتعامل مع الأزمة، أعلنت الحكومة عن خطة للإفراج المبكر عن آلاف السجناء، وفقًا للتفاصيل التي نشرتها "ذا جارديان"، وسيتم تخفيض نسبة قضاء العقوبة في السجن من 50% إلى 40% لبعض الجرائم في إنجلترا وويلز، ابتداءً من سبتمبر المقبل.

ومع ذلك، شددت الوزيرة على أن هذا الإجراء سيكون مؤقتًا، وسيتم تنفيذه مع ضمانات واستثناءات للحفاظ على سلامة الجمهور.

استثناءات وضمانات

وحرصت الحكومة على طمأنة الرأي العام بأن الخطة لن تشمل المجرمين الخطرين، إذ أوضحت "ذا جارديان" أن الأحكام المتعلقة بالجرائم العنيفة الخطيرة التي تزيد على أربع سنوات والجرائم الجنسية ستُستثنى تلقائيًا من هذا النظام، كما سيتم استبعاد المدانين بجرائم متعلقة بالعنف المنزلي، بما في ذلك جرائم المطاردة والسلوكيات المسيطرة أو القسرية في العلاقات الحميمة أو الأسرية.

عواقب وخيمة

حذرت وزيرة العدل من أن عدم التصرف سيؤدي إلى عواقب وخيمة تتجاوز نطاق السجون، فوفقًا لما نقلته "ذا جارديان"، فإن امتلاء السجون قد يؤدي إلى تأخير المحاكم في سجن المجرمين، وعجز الشرطة عن اعتقال المجرمين الخطرين.

وصرحت "محمود": "إذا فشلنا في التصرف الآن، فإننا نواجه انهيار نظام العدالة الجنائية، وانهيارًا تامًا للقانون والنظام."

خطوة إضافية

إلى جانب خطة الإفراج المبكر، أعلنت الحكومة عن خطط لتوظيف أكثر من 1000 ضابط مراقبة متدرب إضافي بحلول مارس 2025.

هذه الخطوة، بحسب "ذا جارديان"، تهدف إلى تعزيز الإشراف وإدارة المجرمين بعد خروجهم من السجن، وأكدت الوزيرة أن أي شخص يتم الإفراج عنه بموجب النظام الجديد سيخضع لمراقبة صارمة من قبل دائرة المراقبة، والتي قد تشمل الوسم الإلكتروني وحظر التجول.

انتقادات وتحديات

رغم الإجراءات الطارئة التي أعلنتها الحكومة البريطانية لمواجهة أزمة السجون، فإن هذه الخطوات قد أثارت موجة من الانتقادات والتساؤلات حول فعاليتها وتداعياتها المحتملة على المجتمع، ونقلت صحيفة "ذا جارديان" عددًا من هذه الانتقادات والمخاوف من جهات مختلفة.

في مقدمة المنتقدين جاء مارتن جونز، كبير مفتشي المراقبة، الذي عبر عن قلقه العميق بشأن قدرة خدمة المراقبة واستعدادها للتعامل مع العدد الإضافي من المفرج عنهم.

وصرح جونز لإذاعة "تايمز" قائلًا: "من المهم جدًا القول إن خدمة المراقبة لديها حاليًا عدد حالات يكاد يصل إلى ثلاثة أضعاف عدد السجناء".

وأضاف متسائلًا: "هل هناك وقت كافٍ للحصول على المعلومات الصحيحة وضمان التعامل مع هؤلاء الأشخاص بفعالية عند خروجهم من السجن؟".

ومن جهتها، أعربت النقابات العمالية عن مخاوفها بشأن قدرة خدمة المراقبة على التعامل مع الزيادة المتوقعة في أعداد المفرج عنهم.

ونقلت "ذا جارديان" عن بن بريستلي، رئيس قسم المراقبة في نقابة يونيسون، قوله: "ستكون خدمة المراقبة حاسمة في تنفيذ هذا النظام للإفراج المبكر لأن هؤلاء الأفراد سيحتاجون إلى إشراف، لكن الخدمة ليست مجهزة بشكل كافٍ لهذا في الوقت الحاضر"، وطالبت النقابات برفع الأجور لجذب المزيد من الموظفين المؤهلين وتحفيز العاملين الحاليين.

الثقة في نظام العدالة

من ناحية أخرى، أثار بعض المحللين والخبراء القانونيين تساؤلات حول التأثير المحتمل لهذه الإجراءات على ثقة الجمهور في نظام العدالة، وعبروا عن مخاوفهم من أن الإفراج المبكر عن المجرمين قد يرسل رسالة خاطئة مفادها أن الجريمة لا تستتبع العقاب الكافي، مما قد يؤدي إلى تقويض الردع العام.

كما أثيرت أسئلة حول الآثار طويلة المدى لهذه السياسة على معدلات الجريمة وإعادة التأهيل، فبينما تهدف الخطة إلى تخفيف الضغط الفوري على نظام السجون، يتساءل البعض عما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي في النهاية إلى زيادة معدلات العودة إلى الإجرام نتيجة لعدم اكتمال برامج التأهيل داخل السجون.