وسط استمرار معاناة السجون البريطانية، التي تعاني الاكتظاظ ونقص التمويل وعدم القدرة على إعادة تأهيل المجرمين الخطرين، دعا رئيس نقابة مديري السجون الجديد في المملكة المتحدة، إلى التفكير في مدد وأحكام السجن حاليًا، كأحد أكبر أسباب الأزمة.
وفي أول مقابلة صحفية له بعد المنصب، قال توم ويتلي لصحيفة "الإندبندنت"، إن العديد من مديري المؤسسات العقابية يعانون ضائقة مالية، ويواجهون "مهمة مستحيلة" تتمثل في استمرار تشغيل السجون المتداعية، والمكتظة، والعنيفة بشكل متزايد.
وحذّر "ويتلي" السياسيين البريطانيين من أنه يجب عليهم التحلي بالشجاعة الكافية للنظر في إجراء "تغييرات جوهرية على الطريقة التي نستخدم بها السجون".
ومع تزايد حجم عدد السجناء في بريطانيا، قال إن المملكة المتحدة يجب أن تقرر ما إذا كانت تريد إما الاستثمار بشكل صحيح في السجون، أو إرسال عدد أقل من الأشخاص إلى السجن، وإنفاق هذه الأموال على المدارس والمستشفيات والرعاية الاجتماعية بدلًا من ذلك.
وقال: "يمكننا أن نتخذ وجهة نظر مختلفة حول كيفية استخدام العقاب، وما هي الأشياء المناسبة للسجن".
وصمة عار
خلال حديثه، أشار "ويتلي" إلى "وصمة العار في النظام القانوني"، المتمثلة في أحكام "السجن من أجل الحماية العامة" (IPP)، التي شهدت الحكم على أشخاص بأحكام قليلة وليس الحد الأقصى.
وعلى الرغم من إلغاء هذه السياسة منذ أكثر من عقد من الزمن، لا يزال آلاف الأشخاص في السجون لسنوات تتجاوز فتراتهم الأصلية، غالبًا بسبب جرائم بسيطة، ما يساهم في أعلى معدلات الانتحار والأذى بين النزلاء.
وفي تحذير صارخ للحكومة البريطانية هذا الأسبوع بعد وفاة مسجون منتحرًا بعد أن قضى 17 عامًا رغم أن مدته الأصلية كانت 23 شهرًا، دعا كبير قضاة التحقيق، توم أوزبورن، إلى إجراء مراجعة عاجلة لحالات جميع السجناء الذين يقضون عقوبة السجن.
ودعمًا لهذه الدعوة، قال رئيس نقابة مديري السجون الجديد -الذي أدار بنفسه ستة سجون مختلفة- إن هناك قدرًا كبيرًا من الشجاعة السياسية اللازمة للقيام بذلك، لأن الفكرة ستنهار إذا عاد شخص واحد إلى ارتكاب جريمة خطيرة، أو لو تعرض شخص ما للأذى أو فقد حياته.
كان "ويتلي" عمل في السجون لمدة ثلاثة عقود، وخلال هذه الفترة تضاعف عدد النزلاء تقريبًا إلى نحو 88 ألف سجين في مكان تم بناؤه لإيواء نحو 79 ألفًا، ويعود تاريخ أجزاء منه إلى "العصر النابليوني"، حسب تعبير "الإندبندنت".
ومن المتوقع أن تصل هذه الزيادة إلى 106.000 بحلول عام 2027. حيث ترجع زيادة عدد المحكومين -في معظمها- إلى الأحكام الأكثر صرامة، مع ارتفاع متوسط مدة الأحكام بمقدار النصف في الفترة بين 2011- 2021.
مشكلات عدة
على الرغم من خطط بريطانيا الجديدة لإنشاء المزيد من أماكن السجون بسرعة، فإن قدرات الدولة الحالية تفشل في مواكبة ذلك؛ إلى حد أن مجلس الوزراء يضطر إلى إطلاق سراح السجناء في السجون المكتظة قبل موعدها بما يصل إلى 60 يومًا، ويخطط لاقتراح عدم سجن الأشخاص لفترات أقصر من سنة.
وفي الوقت نفسه، أعاقت سنوات من الاكتظاظ ونقص التمويل صيانة السجون المتداعية بشكل متزايد؛ التي -وفق ويتلي- بعضها يجب أن يتم إخراجه من الخدمة، باعتباره أكثر صعوبة في الإدارة ولا يمكن العيش فيه.
وقال: "في عالم محدود الموارد، سيتعين علينا أن نفكر بشكل مختلف حول ما نقوم به، واستخدام السجن كعقوبة نهائية لنا في العدالة الجنائية بطريقة تخدم الجمهور على أفضل وجه".
وأضاف: "قد يعني ذلك أن بعض الأشخاص يقضون وقتًا أقل في السجن، وقد يعني أن البعض الآخر يقضي وقتًا أطول. لكن يتعين علينا أن نكون واضحين حقًا بشأن الغرض من السجن وكيف ندفع ثمنه. لا يمكن أن يكون لديك عدد متزايد من نزلاء السجون وتستمر في تمويله بهذه الطريقة".
وأشار إلى أنه في ظل الوضع الحالي "حيث لا يقدر حكام المقاطعات على توفير خدمة سجون فعالة للجمهور، ستكون هناك آثار لذلك بلا شك. سيكون هناك من يرتكبون المزيد من الجرائم الخطيرة عندما يخرجون".
وأكد: "إذا لم نوفر إعادة التأهيل، إذا أبقينا السجناء محبوسين في زنازينهم لمدة 22 أو 23 ساعة في اليوم، فلن يكون لنا تأثير إيجابي عليهم. قد يكون لدينا تأثير ضار حقًا عليهم، ما يجعلهم أكثر خطورة وليس أقل خطورة".