في محاولة للتعامل مع أزمة التوظيف في السجون، تنفق الحكومة البريطانية ملايين الجنيهات الإسترلينية على تنقلات ضباط السجون في جميع أنحاء المملكة المتحدة وإقامتهم في الفنادق، التي وصلت إلى 16.2 مليون جنيه إسترليني، ارتفاعًا من 2.3 مليون قبل أربع سنوات.
ووفق صحيفة "الإندبندنت" يتم إرسال الضباط على بُعد مئات الأميال من منازلهم، لبضعة أيام أو أسابيع فقط في كل مرة لـ"سد الشقوق"، بسبب الصعوبات المزمنة في توظيف الموظفين والاحتفاظ بهم.
وقد اعترفت حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك بإنفاق 16.2 مليون جنيه إسترليني على تكاليف الإقامة والنقل والأجور الإضافية في عام 2023، ما سيكلف دافعي الضرائب البريطانيين ما يقرب من 50 ألف جنيه إسترليني لكل ضابط، أي أكثر من الراتب السنوي لموظف كبير.
وارتفع عدد الضباط الذين تم إرسالهم -معظمهم من شمال إنجلترا إلى جنوبها- بنسبة 350% تقريبًا في غضون أربع سنوات فقط، مع تحذير تشارلي تايلور، كبير مفتشي السجون، التابع للملك تشارلز، من أن العديد من السجون أصبحت الآن "تعتمد كليًا" على موظفين مستعارين.
وحذّر الخبراء من أن الاعتماد المتزايد على الموظفين المؤقتين له تأثير مزعزع على استقرار السجون التي ترسل الضباط، وكذلك تلك التي تستقبلهم.
وفي بعض الحالات، يؤدي هذا إلى تأجيج العنف، والتسبب في حبس جميع السجناء في زنازينهم باستثناء ساعتين في اليوم.
1000 لكل ضابط
وفق "الإندنبندنت"، تم نشر أكثر من 350 ضابطًا شهريًا في عام 2023 فيما يسمى "الواجب المنفصل". وتعد هذه قفزة هائلة من 79 ضابطًا فقط شهريًا في عام 2019، بتكلفة 2.3 مليون جنيه إسترليني وفقًا للبيانات الصادرة سابقًا.
كما أظهرت الأرقام الصادرة لوزيرة "سجون الظل" في حزب العمال، روث كادبوري، أن 21 سجنًا متعثرًا -واحد من كل ستة سجون في إنجلترا وويلز- اعتمد على هذه الخدمة المنفصلة في العام الماضي؛ حيث ينفق دافعو الضرائب نحو 1000 جنيه إسترليني لكل ضابط أسبوعيًا.
وتعاني العديد من السجون في الجنوب الإنجليزي، مثل سجن "شيبي إتش إم بي سواليسايد"، وسجن "وودهيل" في ميلتون كينيز، و"لونج لارتين" في ورسيستيرشاير، من صعوبات مزمنة في التوظيف في مواجهة سوق العمل المحلية الأكثر تنافسية، وهي الآن تعتمد بشكل كامل على العاملين المؤقتين، كما يحذّر المفتشون.
وتظهر الأرقام الجديدة أن "سواليسايد -حيث توفي 14 سجينًا في عامين فقط- استعار 45 ضابطًا شهريًا في عام 2023.
وعلى الرغم من استقباله 44 ضابطًا شهريًا، إلا أن "وودهيل" لا يزال يواجه عجزًا بنسبة 36%، ولديه أعلى معدل لإيذاء النفس مقارنة بأي سجن آخر.
كما تفيد التقارير بأن الإحباطات التي تفاقمت بسبب ترتيبات التوظيف المؤقتة، تؤدي إلى تأجيج العنف بين السجناء.
وتصدر سجن "لونج لارتين" الذي يؤوي بعضًا من أكثر المجرمين خطورة في البلاد -ويعاني من أسوأ معدلات الاعتداءات على العاملين- القائمة، حيث يعتمد على 58 موظفًا مؤقتًا شهريًا تقريبًا.
وكانت جميع السجون الأربعة التي صدرت لها تحذيرات طارئة في العام الماضي "بيدفورد، وبريستول، وودهيل، وكوكهام وود" من بين السجون التي تطلب موظفين مؤقتين.
إفراط التجنيد
يرى كبير مفتشي سجون بريطانيا أن الاعتماد المتزايد على الضباط المؤقتين في السجون منذ عقود هو مجرد "تغطية الشقوق بتكلفة باهظة على دافعي الضرائب"، كما نقلت عنه "الإندبندنت".
في الوقت نفسه، حذرت مجالس المراقبة المستقلة في البلاد من أن "الإفراط في تجنيد الضباط" من أجل السماح بإرسال المزيد في مهام منفصلة، أمر له آثار سلبية في ثلاثة سجون على الأقل في يوركشاير، وسجن واحد في ستافورد، وآخر في شروبشاير.
ووجد تحليل أجرته صحيفة "الإندبندنت" أن ثلثي السجون الـ52 التي أرسلت ضباطًا في نوفمبر الماضي كانت في الشمال.
وفي حين أن رواتب الضباط المبدئية زادت من 23.529 جنيهًا إسترلينيًا إلى 32.851 جنيهًا إسترلينيًا منذ عام 2019، فقد جاء ذلك على حساب زيادات الأجور اللائقة للضباط العاملين.
وعلى سبيل المثال، بعض الموظفين في مقاطعة "كينت" صاروا ينتقلون إلى مهام "أقل عنفًا" ضمن قوات الحدود.
وفي الوقت نفسه، تكلف الخدمة المنفصلة أكثر من الراتب المبدئي لضابط كبير.
اعتبارًا من فبراير، حصل الضباط على مكافأة قدرها 500 جنيه إسترليني مقابل أربعة أسابيع من الخدمة المنفصلة، التي ارتفعت إلى 2000 جنيه إسترليني لمدة 12 أسبوعًا، هذا إضافة إلى تعويضهم بـ45 بنسًا لكل ميل في تكاليف السفر، ودفع تكاليف الإقامة، ومنحهم بدل إقامة 25 جنيهًا إسترلينيًا في الليلة.
لذا، تشير كادبوري، وزيرة سجون الظل، إلى أن الأرقام الجديدة توضح "كيف أن سوء إدارة المحافظين لسجوننا يترك دافعي الضرائب يتحملون الفاتورة".
قالت: "لقد أنفقت الحكومة، بالفعل، ما يقرب من 50 مليون جنيه إسترليني لاستئجار زنزانات الشرطة. والآن، تم الكشف عن أنها تنفق الملايين لإرسال ضباط السجون في جميع أنحاء البلاد لسد الفجوات الناجمة عن نقص الموظفين".
وأكدت: "14 عامًا من حكومة المحافظين تركت سجوننا في أزمة".