يُمثل تجسيد شخصية أم كلثوم في عمل فني تحديًا كبيرًا لأي ممثلة، نظرًا للقيمة الفنية الكبيرة لواحدة من أهم رموز الثقافة المصرية والعربية، وبعد أن قُدّمت سيرتها الذاتية في أكثر من عمل فني لعب بطولته نجوم كبار، مثل الفنانة صابرين في المسلسل الذي حمل اسم "أم كلثوم"، عام 1999، وحققت به نجاحًا كبيرًا، وكذلك الفنانة فردوس عبد الحميد التي قدمت فيلمًا حمل اسم "كوكب الشرق"، وفي مطلع الألفية ظهرت شخصية أم كلثوم في العديد من الأفلام والمسلسلات، لتنضم أخيرًا الفنانة المصرية منى زكي إلى قائمة التحدي، بعد الإعلان عن بدء تصوير أول مشاهدها في فيلم سينمائي عن السيرة الذاتية لكوكب الشرق، بمشاركة الفنان محمد فراج، تحت قيادة المخرج المصري مروان حامد.
حول فكرة تجسيد السيرة الذاتية لأم كلثوم مرة أخرى على يد النجمة منى زكي، علقت أسرة كوكب الشرق على ذلك، إذ قالت حفيدة شقيقة أم كلثوم لـ موقع "القاهرة الإخبارية": "لا نمانع من تقديم السيرة الذاتية لكوكب الشرق، خصوصًا أن الفنانة منى زكي ممثلة موهوبة وكبيرة ونتوقع أن تقدم الدور بشكل يليق بمكانة كوكب الشرق، ونتمنى لها كل التوفيق".
الجانب الإنساني
يشير الناقد المصري طارق الشناوي لـ موقع "القاهرة الإخبارية"، إلى أنه لا توجد قاعدة مطلقة لنجاح السير الذاتية أو فشلها، إذ يقول: "في السنوات الأخيرة لم تنجح السير الذاتية، وابتعد الجمهور عنها، لذا ابتعدت الدراما عن تقديمها، ولكن لا توجد قاعدة مطلقة لنجاح أو فشل العمل الفني، وفكرة تنفيذ عمل فني عن أم كلثوم يعد أمرًا ليس بجديد، فقد سبق وقدمته صابرين وحقق نجاحًا كبيرًا، وأيضًا قدمته فردوس عبدالحميد وفشل في تقديم معالجة جيدة للعمل".
ويضيف: "إقدام الفنانة منى زكي على تجسيد شخصية أم كلثوم يعد تحديًا كبيرًا، ولكن هي ممثلة موهوبة ولديها إمكانات خاصة تميزها عن غيرها من الممثلات، كما يمتلك هذا العمل عوامل النجاح، كونه من إخراج مروان حامد وتأليف أحمد مراد، ولكن لا بد من التركيز على الجانب الإنساني في حياة كوكب الشرق، لأن الأعمال التي قُدمت سابقًا ركزت على الجانب المضيء في حياتها".
الصورة الذهنية
بينما أوضحت الناقدة المصرية سامية حبيب، وكيل معهد النقد الفني بمصر، لـ موقع "القاهرة الإخبارية"، أن مسلسلات السير الذاتية تنجح حينما تتوافر فيها وجهة نظر مختلفة في تقديم تاريخ المشاهير.
وتضيف: "بعض مسلسلات السير الذاتية نجح مثل مسلسل "أم كلثوم"، والسيرة الذاتية التي قدمت للعالم المصري، مصطفى مشرفة، وبعضها فشل؛ لأنه لم يطرح وجهة نظر عن الشخصية التي يتناولها، فلا بد من الوقوف على حياة الشخصية الاجتماعية والعلامات المضيئة والمظلمة في حياتها، وتقاليد العصر التي يعيش فيها والظروف التي ساعدت على نشأته الإبداعية، والابتعاد عن التفاصيل الشخصية التي تخص زواجه وطلاقه والتركيز عليها، لأن المشاهد ينفر من تغيير الصورة الذهنية التي وضعها للشخصية".
وتابعت: "المُشاهد يرتبط نفسيًا بالفنان أو الشخصية التي يحبها؛ لذا لا بد من الحفاظ على صورته الذهنية أمام الجمهور وتقديمها بجانب إنساني، حتى يتعرف على أحزان وآلام هذه الشخصية، والتركيز على العوامل التي قادته للنجاح ورحلة كفاحه، وتقديمها بشكلٍ متزنٍ حتى يتقبلها ويتفاعل معها".