في خضمّ الحملات المحتدمة للانتخابات الأوروبية في فرنسا، واجه حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف ردة فعل عنيفة من قِبل القادة العسكريين، بعد محاولته استغلال صورة أحد أفراد الشرطة الفرنسية في إعلاناته للتصويت لمرشح الحزب جوردان بارديلا، إلا أن هذا التصرف المثير للجدل، الذي اعتُبر انتهاكًا لمبدأ الحياد المفروض على القوات المسلحة، ما أشعل موجة من الانتقادات اللاذعة من جميع الأطراف السياسية، وأثار جدلاً حادًا حول العلاقة المعقدة بين اليمين المتطرف وقوات الأمن في البلاد.
تجاوز الحدود
أشارت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى استخدام حزب التجمع الوطني اليميني في فرنسا صورة لأحد أفراد الشرطة في إعلان دعائي له على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" مع رسالة تدعو للتصويت لصالح مرشحه جوردان بارديلا في الانتخابات الأوروبية.
وعلى الرغم من عدم ظهور هوية فرد الأمن في الصورة، إلا أن المدير الوطني للشرطة اتهم اليمين المتطرف بانتهاك مبدأ الحياد الذي يفرضه القانون على جميع العسكريين.
🔵 Je suis gendarme. Le 9 juin, je vote @J_Bardella !
— Rassemblement National (@RNational_off) June 1, 2024
Parce que je souhaite que les Français vivent en sécurité dans un pays où l'ordre est respecté et où on ne risque pas sa vie pour un regard de travers, le 9 juin je vote pour la liste de @J_Bardella !#VivementLe9Juin pic.twitter.com/wu7eaJbuS2
رد فعل عنيف
ووفقًا لما أشارت إليه الصحيفة، فقد أثار هذا التصرف موجة من ردود الفعل العنيفة والانتقادات اللاذعة من قِبل القادة العسكريين ومن جميع الأطراف السياسية في فرنسا، إذ وصف المدير الوطني للشرطة الفرنسية، اللواء كريستيان رودريجز، تصرف الحركة اليمينية بأنه "انتهاك صارخ لمبدأ الحياد المفروض على العسكريين"، مشيرًا إلى أن القانون يمنع أي موظف حكومي أو عسكري من التدخل في الشؤون السياسية أو الترويج لأي حزب أو مرشح معين.
ورد بارديلا على الفور على القائد العسكري، متهماً إياه بخرق مبدأ الحياد نفسه من خلال انتقاده علناً لإعلان حملة سياسية.
وكتب "بارديلا" أن رجال الشرطة "ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية: إنهم يصوّتون، والعديد منهم لصالح حزب الجبهة الوطنية، وهو ما يبدو أنه يزعجك".
كما انتقد وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، بشدة تصرف بارديلا ووصفه بأنه "سياسي مسيء ومتهور" لا يحترم الدولة ومؤسساتها وموظفيها.
وقال دارمانين في منشور له على منصة "إكس": "لو كان لديك أي احترام للدولة وموظفيها، لما تصرفت بهذه الطريقة المسيئة والمستفزة، كسياسي جاهل وغير مسؤول".
كما تساءل رئيس الوزراء الفرنسي، جابرييل أتال، في إحدى المقابلات الإذاعية عن كيفية تجريح بارديلا وإساءته لقائد الشرطة العسكرية، الذي خدم فرنسا لأكثر من 30 عامًا وخاطر بحياته من أجل حماية المواطنين، في الوقت الذي يدعي فيه بارديلا احترام السلطة والقانون.
تعاطف مع قوات الأمن
تكشف هذه الحادثة عن العلاقة المعقدة بين اليمين المتطرف وقوات الأمن في فرنسا، إذ بحسب ما أوضحت "لوفيجارو"، يحظى حزب التجمع الوطني بدعم كبير من قبل القوات الأمنية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2022 أن 81% من أفراد الشرطة صوّتوا لصالح مرشحة الحركة مارين لوبان. ومن ناحية أخرى، يبدو أن هذا التعاطف لا يمتد إلى قادة القوات المسلحة، الذين يرفضون بشدة أي محاولة لاستغلال القوات لأغراض سياسية.
ومن أجل تعزيز هذا التعاطف وكسب المزيد من الأصوات من قوات الأمن، ضم حزب التجمع الوطني إلى قائمته للانتخابات الأوروبية اسم ماتيو فاليه، وهو ناشط سياسي سابق معروف ويترأس إحدى نقابات الشرطة الفرنسية.