قبيل انتخابات الاتحاد الأوروبي، دعت زعيمة اليمين المُتطرف الفرنسية، مارين لوبان، رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، إلى التعاون وتشكيل تجمع يميني، ما من شأنه أن يشكل ثاني أكبر كتلة حزبية في البرلمان الأوروبي.
ورغم أنه من المتوقع أن يحقق اليمين المتطرف أداءً جيدًا في الانتخابات التي ستُجرى في الفترة من 6 إلى 9 يونيو المقبل، لكن لا تزال هناك شكوك شديدة حول الأحزاب التي ستكون قادرة على العمل معًا كمجموعات سياسية عابرة للحدود.
ويرجع السبب الأكبر للانقسام إلى أن العديد من الأحزاب الداخلية في البلدان الأوروبية منقسمة بشكل حاد، خاصة حول العملية العسكرية التي تشنها روسيا في أوكرانيا منذ أكثر من عامين.
فرصة كبيرة
يبدو عرض "لوبان" لـ"ميلوني" بسيطًا. بل، ومن الممكن أن يكون ذا أهمية كبيرة. أو كما وصفته لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية يوم الأحد، قائلة: "هذه هي اللحظة المناسبة للتوحد، سيكون ذلك مفيدًا حقًا. إذا نجحنا، فسنصبح الكتلة الثانية في البرلمان الأوروبي. أعتقد أنه لا ينبغي لنا أن ندع مثل هذه الفرصة تفوتنا".
في الوقت نفسه، ردت ميلوني، التي تتودد إليها أيضًا رئيسة المفوضية الأوروبية، الألمانية، أورسولا فون دير لاين، لتوحيد الجهود مع "حزب الشعب" الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط، بأنها "منفتحة على التعاون مع أي حزب على اليمين"، كما قالت صحيفة "بوليتيكو".
حاليًا، يجلس حزب "التجمع الوطني" -بزعامة لوبان- مع مجموعة الهوية والديمقراطية، بينما يجلس حزب "أخوة إيطاليا" -بزعامة ميلوني- مع حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين.
ويأتي نداء لوبان بعد أيام فقط من طرد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، من كتلة الهوية والديمقراطية، بعد سلسلة من الفضائح التي جعلت الحزب منبوذًا.
وتضم المجموعة، أيضًا، حزب "الرابطة" المناهض للمهاجرين، وهو حزب يتحالف مع ميلوني في الحكومة الإيطالية.
أغلبية بديلة
في مقابلتها مع "كورييري ديلا سيرا"، نفت لوبان أن قطع العلاقات مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" كان خطوة تهدف إلى تسهيل تحالفات جديدة في أوروبا.
وعن ميلوني، قالت: "أعتقد أننا متفقتان على القضايا الأساسية، بما في ذلك استعادة السيطرة على بلدينا"، وفي وقت لاحق الأحد، لم تستبعد ميلوني قبول عرض لوبان.
وفي مقابلة على قناة "راي تي في"، قالت الزعيمة الإيطالية إنها ليس لديها أي خطوط حمراء، عندما يتعلق الأمر بالتحالفات المحتملة مع القوى السياسية الأخرى في البرلمان الأوروبي الجديد.
وقالت: "هدفي الرئيسي هو بناء أغلبية بديلة لتلك التي حكمت في السنوات الأخيرة. أغلبية يمين الوسط التي من شأنها أن ترسل اليسار إلى المعارضة في أوروبا"، نافية أن تكون مستعدة لأن تصبح جزءًا من الأغلبية مع اليسار.
وقالت: "بالنسبة لكل شيء آخر، سنرى".
انقسام اليمين المتطرف
حاليًا، تنقسم أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية إلى أربع مجموعات. وتُشير أحدث التوقعات إلى 68 مقعدًا لـ "الهوية والديمقراطية" و71 لمجموعة اليمين المحافظ، مما يجعل هناك 139 نائبًا في الغرفة المكونة من 720 مقعدًا.
ويسعى حزب "البديل من أجل ألمانيا" للحصول على 17 مقعدًا، بينما يمتلك حزب "فيدس" المجري حاليًا 12 مقعدًا في البرلمان الأوروبي.
وفي المحصلة، يبدو أن هناك ما يزيد على 165 مقعدًا في صالح اليمين المتطرف، المفكك حاليًا.
ويضع استطلاع "بوليتيكو" مجموعة "حزب الشعب" الأوروبي في طريقها للفوز بـ 174 مقعدًا، بينما يتجه الاشتراكيون والديمقراطيون نحو 144 مقعدًا.
وتشير الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء البولندي السابق، ماتيوس مورافيتسكي -من حزب "القانون والعدالة" المحافظ- ترك الباب مفتوحًا أمام تحالف كبير على اليمين، وهناك تكهنات واسعة النطاق بأن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان سوف ينضم إلى حزبه "فيدس" بعد الانتخابات.
في الوقت نفسه، تعتبر كل عمليات الاندماج وإعادة التشكيل هذه معقدة وعرضة للصفقات والخلافات في مرحلة ما بعد الانتخابات.
يبدو الأمر معقدًا، حيث لا يرغب التشيك والرومانيون في المنطقة الأوروبية الشرقية في التعاون مع المجريين القوميين المتعاطفين مع الكرملين. بينما سيتم بذل جهود كبيرة؛ من أجل استعادة قبول حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي أضعف من أوراق "الهوية والديمقراطية".
لكن ما حدث فتح الأبواب أمام لوبان، التي لا يمكن لحزبها "التجمع الوطني" التعاون مع "البديل من أجل ألمانيا"، خارج ما يسمى بالطوق الأمني الذي أنشأه التيار الرئيسي المؤيد لأوروبا.
وقد يشكل التعاون مع ميلوني فوزًا مزدوجًا للوبان، ويمكنهما بناء كتلة تصويتية ضخمة تستطيع التأثير على الأجندة الأوروبية، وإدخال حزب لوبان بشكل أكبر في التيار اليميني السائد، "وهو الأمر الذي تتوق إليه لوبان قبل انتخابات فرنسا عام 2027"، كما تقول "بوليتيكو".