الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الحقيقة المدمرة وراء "ChatGPT".. الذكاء الاصطناعي يلتهم موارد الكوكب

  • مشاركة :
post-title
مراكز البيانات السحابية تتسبب في الانبعاثات الكربونية

القاهرة الإخبارية - مصطفى لبيب

في الوقت الذي يكافح فيه علماء المناخ لتجنب ظاهرة الاحتباس الحراري والوقوف عند هدف 1.5 درجة مئوية، عن طريق الحد من استخدام الوقود الأحفوري، واستخدام الطاقة النظيفة، كان هناك مارد جديد يمثل تحديًا كبيرًا ويعمل على تفاقم المشكلة أكثر فأكثر، يتمثل في الذكاء الاصطناعي وما يُعرف باسم "السحابة".

ويتخيل الجميع، كما تقول ماريانا مازوكاتو، أستاذة الاقتصاد في صحيفة الجارديان البريطانية، إن التكنولوجيا غير موجودة إلا في الفضاء المادي، مثل التطبيقات ومتصفح الإنترنت على الهواتف، لكن البنية الأساسية اللازمة لتخزين كل هذه المعلومات في مراكز البيانات الموجودة في مجمعات الأعمال وضواحي المدن تُدار بتكلفة باهظة على البيئة وتستهلك كميات هائلة من الطاقة.

مراكز البيانات تسبب انبعاثات كبيرة للكربون

وعلى الرغم من أنها تلعب دورًا كبيرًا في الوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات، التي تمنحنا العدادات الذكية والطاقة الشمسية، لكن بصمتها الكربونية على البيئة مدمرة، كما أنها مسؤولة عن انبعاثات غازات دفيئة عالمية، وهو الجانب المظلم والمدمر للبيئة بالنسبة لصناعة التكنولوجيا، وتتهرب شركات التكنولوجيا من التحدث عن تلك الأمور، عن طريق التمجيد العالمي الذي تحظى به بسبب أهميتها في العصر الحديث.

وتتراوح الانبعاثات العالمية الناجمة عن "الحوسبة السحابية" من 2.5% إلى 3.7% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وفقًا لبيانات موقع climatiq المتخصص في قياس انبعاثات الكربون، مشيرين إلى أن تلك الانبعاثات تتجاوز الصادرة عن الرحلات الجوية التجارية - نحو 2.4% - وغيرها من الأنشطة التي تغذي اقتصادنا العالمي.

مراكز الحوسبة السحابية تستهلك طاقة كبيرة
انبعاثات صادمة

تعد نماذج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT من أكثر التقنيات استهلاكًا للطاقة على الإطلاق، بحسب أستاذة الاقتصاد، إذ تشير الأبحاث على سبيل المثال إلى أنه كان من الممكن استخدام نحو 700 ألف لتر من الماء لتبريد الآلات التي دربت ChatGPT-3 في مرافق البيانات التابعة لشركة Microsoft.

ووفقًا لمنظمة The Shift Project، فإن الانبعاثات الناتجة عن مشاهدة 30 دقيقة من منصة Netflix يصل مجموعها نحو 1.6 كجم من ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل القيادة لمسافة 6 كيلومترات تقريبًا - نحو 4 أميال - بالسيارة، ومع ذلك تظهر الأبحاث الحديثة أن الناتج الحقيقي يجب أن يكون أقل بكثير الآن.

على سبيل المثال، استخدمت أغنية "ديسباسيتو" الشهيرة، التي حققت انتشارًا واسعًا على موقع يوتيوب، التي بلغت 5 مليارات، نفس كمية الطاقة اللازمة لتدفئة 40 ألف منزل أمريكي سنويًا، أيضًا تتمتع عملة البيتكوين ببصمة كربونية مثل الموجودة في نيوزيلندا، وتنتج 36.95 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وتستهلك العملة المشفرة كهرباء أكثر من إجمالي استهلاك الطاقة السنوي في هولندا.

استخراج المعادن يستهلك مياهًا كثيرة تؤدي إلى التلوث وتقويض الأمن المائي
استهلاك الطاقة والمياه

بحسب الموقع المتخصص، تأتي الانبعاثات الكربونية لمركز البيانات من ثلاثة عوامل، أولها يعتمد على استهلاك الكهرباء لتشغيل الخوادم، ومن المفترض أن المقياس الرئيسي الذي يجب مراعاته عند حساب استخدام الطاقة لتشغيل أجهزة الحوسبة الفعلية، ما يُسمى بـ"PUE"، التي تبلغ قيمته 1.0، إلا أن أفضل مراكز البيانات بالعالم تحقق معدل 1.2 "PUE".

وكشفت الدراسات أن مراكز البيانات حاليًا تستهلك نحو 3% من إمدادات الكهرباء العالمية وتمثل نحو 2% من انبعاثات الغازات الدفيئة، بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن تستهلك مراكز البيانات 13% من الكهرباء العالمية.

العامل الثاني هو استهلاك المياه لتبريد الخوادم، إذ أشارت الأبحاث إلى أن متوسط ​​البصمة المائية التي يتم استخدامها لا تقل عن 0.74 لتر لكل جيجابايت من استخدام الإنترنت للشبكات، وهو الأمر الذي وصفوه بالمخيف، ولا يقوم مقدمو الخدمات السحابية عادة بالإبلاغ عن استهلاك المياه.

استبدال الخوادم على فترات متباعدة يؤدي لإطلاق الكربون

وأكد موقع الأبحاث أن مراكز البيانات هي من بين أكبر 10 صناعات تستهلك المياه بالولايات المتحدة، في حين أن المعادن مثل الليثيوم والكوبالت ضرورية للبطاريات المستخدمة في مراكز البيانات، وغالبًا ما تتضمن عملية الاستخراج استخدامًا كبيرًا للمياه ويمكن أن تؤدي إلى التلوث وتقويض الأمن المائي.

كما يعد عمر الخادم هو العامل الثالث، التي ينتج عنها تكرار عمليات الاستبدال، إذ عادة ما يتم استبدال الخوادم كل 3 إلى 5 سنوات، وهي فترة طويلة بالنسبة لمراكز البيانات، ما يؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في الانبعاثات.

أجهزة Hyperscalers فائقة التوسعة يمكن أن تقلل من الانبعاثات
حلول سريعة

ومن أجل وضع حل لتلك الأزمة الكبيرة على البيئة والمناخ العالمي، ترى Climatiq أن مقدمي خدمات الحوسبة السحابية عليهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفض الانبعاثات، من خلال الانتقال إلى أجهزة Hyperscalers فائقة التوسعة، التي تتميز بكثافة أقل للكربون بما يصل 5 مرات من مراكز البيانات المحلية وأنظمة تبريد أكثر كفاءة، وزيادة أعباء العمل لكل خادم، واستهلاك مياه أقل.

كما ترى الدكتورة ماريانا مازوكاتو أنه لا بد من تصميم السياسات من جانب الحكومات تجعل الكشف عن الممارسات والتأثيرات البيئية شرطًا للحصول على الدعم الحكومي، التي ستضمن قدرًا أكبر من الشفافية والمساءلة، مشيرة إلى أنه لن نتمكن من التخفيف بشكل فعّال من الآثار البيئية الكبيرة لصناعة التكنولوجيا إلا من خلال تبني منظور شامل يتجنب الأساليب التي عفا عليها الزمن.