تسبب الاحتباس الحراري في تغيير الحدود المناخية الكبرى لآسيا، حيث تأثرت أنظمة المياه في جبال الهيمالايا وجفت عدة أنهار خلال السنوات الماضية، بجانب حدوث فيضانات وأمطار غزيرة وخاصة انهيار الجليد، الأمر الذي دفع سكان عدة قرى لإخلائها والبحث عن موطن جديد.
ومن المنتظر أن يتجاوز العالم العتبة الحرجة المتمثلة في ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، بحلول نهاية العقد الحالي، مع وصول الانبعاثات ذروتها في العالم المتقدم، وهي الأعلى في التاريخ منذ بدء قياس درجة حرارة الأرض، وأشارت توقعات هيئة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، في تقريرها السنوي لعام 2024 أنه ربما يشهد العالم موجات من الحر أكثر تطرفًا، بجانب العديد من الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات.
إخلاء القرى
وعلى الرغم من الجذور العميقة للقرويين في هذه الأرض، فإن قرية سامدزونج والقرى المجاورة التي تقع بمنطقة موستانج ستصبح قريبًا قوقعة مهجورة، بسبب جفاف النهر الوحيد الذي كان يوفر الماء لجميع السكان لمئات السنين، حيث يقوم السكان، بحسب موقع globalpressjournal، بالانتقال إلى منطقة غير مأهولة على بعد 4 كيلومترات.
ويعتقد سكان المدينة أن أسلافهم التبتيين استقروا في هذه المنطقة، المتاخمة لمنطقة التبت ذاتية الحكم في الصين، منذ حوالي 500 عام.
عواقب متتالية
وفي الوقت نفسه، يتسبب تغير المناخ في حدوث المزيد من الأمطار الغزيرة والثلوج، مع ما يترتب على ذلك من عواقب متتالية محتملة بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية وثوران البحيرات، وبسبب ذلك شهدت قرية سامدزونج مرارًا وتكرارًا فيضانات مفاجئة، وهو سبب آخر من الأسباب التي دفعت العديد من سكانها إلى مغادرة المنطقة.
وأرجع العلماء انخفاض هطول الأمطار والثلوج، إلى التغيرات في أنماط الطقس وارتفاع درجات الحرارة، مما تسبب في جفاف الأنهار مثل نهر سامزونج خولا، وذلك على الرغم من أن منطقة نيبال تنتج كميات صغيرة فقط من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إلا أنها معرضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ العالمي.
الكتلة الجليدية
وأفاد العلماء أن حوالي 40% من الكتلة الجليدية في المنطقة قد فقدت منذ العصر الجليدي الصغير، وهي الفترة التي استمرت من 400 إلى 700 عام مضت، وبحسب موقع channelnewsasia، أصبح معدل الذوبان في العقود الأخيرة أسرع بما يصل إلى 10 مرات مما كان عليه في السابق، والسبب الجذري هو ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويعود سبب الانهيار الجليدي المتسارع إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، التي ترفع درجة حرارة القطبين بسرعة كبيرة، وتؤثر هذه التغيرات على درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار، التي من شأنها أن تغير جغرافية المجتمعات، وتؤثر على الصناعات الزراعية، وتسرع من ارتفاع مستوى سطح البحر على طول الساحل، الذي يؤثر بدوره على النظام الغذائي للحيوانات.
الهجرة المناخية
وأجبر هذا التغيير قرية سامدزونج والقرى الأخرى في منطقة موستانج العليا على الهجرة المناخية والانتقال إلى أماكن أخرى، حيث يتطلع سكان هذه القرى بحسب الموقع، إلى تجديد أنماط حياتهم التقليدية مثل زراعة المحاصيل في الصيف ونسج الصوف في الشتاء في بيئاتهم الجديدة، إلا أنهم يشعرون بالحزن على فقدان أماكنهم الأصلية.
وأكد الخبراء أنه إذا لم تنخفض الانبعاثات العالمية، بمعدلات التلوث الحالية، يمكن أن تفقد منطقة الهيمالايا ثلثي أنهارها الجليدية بحلول نهاية هذا القرن، مشيرين إلى أن فكرة نقل المجتمعات تدريجيًا هو الخيار الوحيد، وسيصبح أكثر شيوعًا.