كشف تقرير جديد عن سلسلة من الإخفاقات الكارثية التي أدت إلى واحدة من أسوأ الكوارث الطبية في تاريخ المملكة المتحدة، تتمثل في تعرض عشرات الآلاف من المرضى لعدوى قاتلة نتيجة نقل دم ملوث.
وذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، أنه تم نقل دم ملوث لأكثر من 30,000 شخص في بريطانيا، مما أدى إلى إصابتهم بفيروسات مثل الإيدز والتهاب الكبد، ونتج عن ذلك وفاة حوالي 3,000 شخص.
ويعد هذا التقرير هو نتاج تحقيق دام 6 سنوات أمرت به الحكومة البريطانية في عام 2017، بعد ضغط الضحايا وأسرهم، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
كارثة طبية
وتعود جذور هذه الفضيحة إلى السبعينيات والثمانينيات، عندما تعرض آلاف المرضى للدم الملوث، واحتاجت بعض الحالات من النساء إلى عمليات نقل دم بعد وقوع حوادث أو عمليات جراحية أو مضاعفات أثناء الولادة، إلا أن هذه العينات لم تخضع للتحليل أو الفحص الكافي قبل استخدامها طبيًا.
ويشير التقرير إلى أن الكارثة لم تكن حادثة عرضية، بل كانت نتيجة لسلسلة من القرارات الخاطئة والتغاضي عن المخاطر المعروفة من قبل السلطات الصحية والحكومية.
ووجد التقرير أن هناك محاولات للتستر على الفضيحة، بما في ذلك تدمير الوثائق من قبل مسؤولين في وزارة الصحة عام 1993.
ولفت إلى أن السلطات رفضت في ذلك الوقت الاعتراف بهذه الإخفاقات، بما في ذلك عدم إجراء الفحص المناسب واختبار الدم، كما حاولوا إجراء اختبارات على المرضى دون علمهم، في محاولة لصرفهم عن الدم الملوث، وإسناد حالتهم المرضية إلى سبب طبي آخر.
وفي هذا الصدد، قال بريان لانجستاف، القاضي السابق بالمحكمة العليا الذي قاد التحقيق، في مؤتمر صحفي: "هذه الكارثة لم تكن مصادفة، لقد وضع الناس ثقتهم في الأطباء والحكومة للحفاظ على سلامتهم، وقد تمت خيانة هذه الثقة".
ومن لندن، أعرب ضحايا تلوث الدم وعائلاتهم عن ارتياحهم لنتائج التقرير، ولكنهم أعربوا أيضًا عن غضبهم من استغراقه وقتًا طويلاً، مؤكدين أن الأمر متروك الآن للحكومة البريطانية للاعتراف بإخفاقاتها وتقديم التعويض المناسب للضحايا.
تعويضات مالية
وبدوره وصف ريشي سوناك رئيس الحكومة البريطانية، نتائج التحقيق في فضيحة الدم الملوث بأنها "يوم العار الوطني"، إذ تعهد بدفع تعويضات للضحايا، واعتذر لهم نيابة عن الحكومات المتعاقبة، مضيفًا أنه يريد أن يعتذر عن هذا الظلم الفظيع.
ووعد سوناك أهالي المصابين والضحايا بدفع "تعويضات شاملة"، مشيرًا إلى أنه "مهما كانت تكلفة تنفيذ هذا المخطط، فسوف ندفع".
وكانت الحكومة البريطانية وافقت عام 2022 على توزيع مبلغ مؤقت على كل ضحية قدره 100 ألف جنيه استرليني، أي نحو 127 ألف دولار على أهالي الضحايا والمصابين كتعويض عن الأمراض التي أصيبوا بها بفعل الدم الملوث.