بينما تعرضت المواقع التي حددها رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، لإيواء طالبي اللجوء تمهيدًا لنقلهم إلى رواندا لانتقادات، باعتبارها "باهظة الثمن" و"سيئة الإدارة" و"غير مناسبة"، أشارت تقارير صحفية إلى خروج مئات المهاجرين منها بعد أوضاع "شديدة السوء".
وحسب صحيفة "الإندبندنت"، هناك أكثر من 400 طالب لجوء غادروا قاعدة "ويذرسفيلد" التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، والسفينة "بيبي ستوكهولم" في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
وتعرضت حكومة سوناك لانتقادات شديدة؛ بسبب إنفاقها 145.7 مليون جنيه إسترليني على القاعدة الجوية، و15.8 مليون جنيه إسترليني على السفينة، وسط ظروف "شبيهة بالسجن"، وفق الصحيفة.
بينما لفتت صحيفة "التليجراف" إلى أن تسكين المهاجرين في "بيبي ستوكهولم" يكلف أكثر من استئجار منزل في منتجع "ساندبانكس" الفاخر.
بلا فائدة
في نهاية يناير 2024، كانت سفينة "بيبي ستوكهولم" تؤوي 321 شخصًا، في حين كانت وزارة الداخلية البريطانية تتوقع أن تستوعب 430 شخصًا.
وفي "ويذرسفيلد"، تم إيواء 576 شخصًا فقط في يناير الماضي، على الرغم من توقع الحكومة توفير مكان يتسع لـ 1445 شخصًا.
ووفق البيانات، تم نقل 74 شخصًا من قاعدة "ويذرسفيلد" من قبل وزارة الداخلية؛ حفاظًا على سلامتهم، كما غادر 170 شخصًا طوعًا، بعد أن شهدت "محاولة مهاجرين يائسين الانتحار والإضراب عن الطعام".
وأظهرت البيانات أنه تم "تفريق" 162 مهاجرًا من سفينة "بيبي ستوكهولم"، حيث توفي أحد طالبي اللجوء.
وكان النائب المحافظ السير إدوارد لي، الذي قام بحملة ضد استخدام موقع عسكري آخر لطالبي اللجوء، وهو موقع القاعدة الجوية "سكامبتون"، قال إن عدد الأشخاص الذين يغادرون الموقع "يظهر فقط مدى عدم فائدة هذه القواعد العسكرية للمهاجرين".
ووصف ستيفن كينوك، وزير الهجرة في حكومة الظل العمالية ما يحدث بأنه "فوضى المحافظين في نظام اللجوء"، كما ذكرت "الإندبندنت".
وأشار كينوك إلى أنه كان الهدف من المراكب والقواعد العسكرية هو خفض التكاليف، ولكنها بدلًا من ذلك تكلف دافعي الضرائب أكثر من المبالغ الباهظة التي تنفق على فنادق اللجوء.
كما خلص تحليل حديث أجراه مكتب التدقيق الوطني(NAO)، إلى أن تكلفة إيواء طالبي اللجوء على متن السفينة المثيرة للجدل، وفي المواقع العسكرية، ستكون أكثر تكلفة بكثير من دفع تكاليف الفنادق؛ حسب "الإندبندنت".
أيضًا، أظهرت إحدى الوثائق التي تم الكشف عنها في طعن قانوني ضد "ويذرسفيلد" أن موظفي الخدمة المدنية، استمروا في المشروع "على الرغم من معرفتهم بأن القيمة مقابل المال بالنسبة لدافعي الضرائب ستكون هامشية".
ولتخفيف الضغط، يتم إرسال طالبي اللجوء من "بيبي ستوكهولم" إلى أماكن أخرى في المملكة المتحدة، عندما يجرون مقابلات اللجوء أو عندما يحصلون على المنحة. على عكس ويذرسفيلد، التي تؤوي المهاجرين الذين وصلوا أخيرًا إلى البلاد.
أغلى من المليونيرات
تُشير الأرقام إلى أن إسكان طالبي اللجوء على متن السفينة "بيبي ستوكهولم" أغلى من توفير منزل مستأجر لكل مهاجر في منتجع "ساندبانكس".
وتكلف السفينة الراسية في ميناء بورتلاند دافعي الضرائب 6000 جنيه إسترليني لكل مهاجر شهريًا، وفقًا لتحليل مكتب التدقيق الوطني وبيانات حرية المعلومات.
وبينما تبلغ تكلفة استئجار شقة مكونة من ثلاث غرف نوم في منتجع ساندبانكس الخاص بالأثرياء -مع إطلالات خلابة على البحر- 2850 جنيهًا إسترلينيًا شهريًا، بما يعادل 950 جنيهًا إسترلينيًا لكل شهر؛ تظهر أرقام مكتب التدقيق الوطني، بناءً على الوصول إلى حسابات وزارة الداخلية، أن تكلفة الحصول على السفينة وتأجيرها وإعدادها وتشغيلها -التي تبلغ سعتها 430 فردًا- ستبلغ 34.8 مليون جنيه إسترليني للفترة 2023 و2024، ما يعادل 4500 جنيه إسترليني شهريًا للفرد تقريبًا.
لكن الأرقام تظهر أيضًا أنه اعتبارًا من نهاية شهر يناير، كان على متن السفينة 321 طالب لجوء فقط، أي ما يعادل 6022 جنيهًا إسترلينيًا للشخص الواحد شهريًا. كما نقلت "التليجراف".
وبلغت تكاليف التشغيل من أغسطس من العام الماضي إلى أبريل 12.9 مليون جنيه إسترليني، وهذا لا يشمل المنح المقدمة لشرطة مدينة دورست، أو هيئة الخدمات الصحية الوطنية المحلية، أو مجلس دورست لتمويل الخدمات لطالبي اللجوء.
وتأتي هذه الإفصاحات في أعقاب تقرير أصدره مكتب المحاسبة الوطنية، والذي خلص إلى أن إيواء المهاجرين على المراكب وفي القواعد العسكرية السابقة، كان يكلف دافعي الضرائب عشرات الآلاف أكثر مما لو بقوا في الفنادق.
كما انتقد مكتب المحاسبة الوطني وزارة الداخلية لتقليلها بشكل كبير من تكاليف إنشاء الموقعين.
ونقلت "التليجراف" عن متحدث باسم وزارة الداخلية: "نحن لا نعترف بهذه التكاليف. يتكلف إيواء المهاجرين في الفنادق 8 ملايين جنيه إسترليني يوميًا، ونحن نبحث باستمرار عن فرص لتقليل هذه التكلفة على دافعي الضرائب؛ لهذا السبب تحركنا بسرعة لنقل طالبي اللجوء إلى مواقع بديلة، مثل بيبي ستوكهولم".