في خضم التحضيرات الجارية على قدم وساق لاستضافة باريس لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2024، يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتحقيق هدف طموح قد يبدو للوهلة الأولى صعب المنال، إلا أنه يعكس روح الألعاب الأولمبية ومبادئها السامية.
وفي مقابلة تلفزيونية أجراها اليوم الاثنين، على شبكة "بي إف إم تي في" الفرنسية، أعلن ماكرون نيته العمل على إرساء "هدنة أولمبية"، خلال فترة إقامة الدورة الأولمبية في باريس، تنادي بتوقف جميع النزاعات والحروب في مختلف بقاع العالم احترامًا للروح الرياضية.
وفي هذا السياق، قال ماكرون "سأفعل كل شيء من أجل تحقيق هدنة أولمبية في جميع ساحات المعارك"، مشيرًا إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا والنزاع بين إسرائيل وحركة حماس، فضلًا عن الصراع في السودان.
وأضاف: "سأطلب من الرئيس الصيني، الذي سيزور باريس قريبًا، مساعدتي في ذلك، نحن بحاجة إلى هذه الهدنة".
وأشارت صحيفة "لو موند" الفرنسية إلى أن جذور فكرة "الهدنة الأولمبية" تعود إلى العصور القديمة في اليونان، إذ كانت الحروب تتوقف خلال إقامة الدورات الأولمبية القديمة في أولمبيا، وأحيت الحركة الأولمبية الحديثة هذه الفكرة، إذ تسعى اللجنة الأولمبية الدولية إلى تشجيع الحكومات والمجتمع الدولي على وقف الأعمال العدائية طوال فترة الألعاب من أجل السماح بمشاركة جميع الرياضيين.
ورغم صعوبة تحقيق هذا الهدف في ظل الأوضاع الراهنة بالعالم، إلا أن ماكرون يأمل في استغلال منصة باريس 2024 الأولمبية لإرسال رسالة سلام عالمية وإشاعة روح التآخي والتسامح بين الشعوب، في محاولة لتخفيف حدة التوترات الدولية على الأقل خلال فترة الدورة الأولمبية.
وفي سياق متصل بالهدنة الأولمبية التي يسعى إليها ماكرون، تطرق الرئيس الفرنسي إلى احتمال تغيير مسار حفل الافتتاح للدورة الأولمبية المقرر إقامته على نهر السين في باريس، 26 يوليو المقبل، في حال تبين وجود تهديدات أمنية كبيرة.
وقال ماكرون "لدينا خطط بديلة، حتى خطط باء، ونحن نعد لها بالتوازي، يمكننا تقييد الحفل مثلًا في التروكاديرو، أو حتى نقله إلى ملعب فرنسا".
وأكد الرئيس الفرنسي، أنه "إذا كان هناك مكان سيكون فيه ابنك آمنًا، فسيكون هنا بالتأكيد"، ردًا على سؤال من إحدى المشاهدات التي أبدت قلقها على سلامة ابنها في حال حضوره حفل الافتتاح.
وتابع ماكرون حديثه عن الجوانب الأمنية للحدث الرياضي العالمي: "ليس هناك أي تهديد إرهابي محدد موجه ضد الألعاب في الوقت الراهن"، ومع ذلك، أكد وجود وعي كبير بشأن حالة التهديد الأمني بشكل عام.
وعلى صعيد آخر، رحب ماكرون بفكرة مشاركة المغنية الشهيرة أيا نكامورا في حفل افتتاح أولمبياد باريس، معتبرًا أنها "واحدة من أكبر الفنانات الفرنسيات والأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم"، مضيفًا أن نكامورا ستكون واحدة من بين "مئات الفنانين" الذين سيشاركون في الحفل، سواء من الأوبرا أو الموسيقى الشعبية، فرنسيين وأجانب، إلى جانب فرق موسيقية كبيرة.
في شأن متصل بالأولمبياد، دافع ماكرون عن الاستثمارات الضخمة التي خصصتها فرنسا لاستضافة هذا الحدث العالمي، قائلًا إن "هذه الاستثمارات ستكون مربحة لأنها ستستمر في الخدمة"، في إشارة إلى البنية التحتية الرياضية والسكنية التي سيتم إنشاؤها.
وأشار إلى أن الميزانية المخصصة للمشروعات الأولمبية، البالغة نحو ملياري يورو، "ولدت نشاطات بقيمة 6 مليارات يورو، ووفرت فرص عمل لألفي شركة"، معتبرًا أن هذه الاستثمارات ستحقق عوائد مستقبلية للاقتصاد الفرنسي.