في الوقت الذي يكافح فيه أرييل هنري، رئيس وزراء هايتي، من أجل العودة إلى البلاد باتت العصابات المسلحة هي أسياد الشوارع، ويستمرون في نهب الشركات العامة والخاصة وحرق السيارات والأقسام وتخريب المستشفيات، على الرغم من حالة الطوارئ وحظر التجول في البلاد، عقب الهجوم المسلح على السجون وهروب ما يزيد على 3 آلاف سجين.
وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أصدر قرارًا بالتدخل المُسلح في هايتي، بهدف كسر القبضة الخانقة التي تفرضها العصابات شبه العسكرية في العاصمة بورت أو برنس، ومن المقرر أن يتولى ألف ضابط شرطة من كينيا زمام المبادرة على الأرض، وهو الأمر الذي بسببه غادر رئيس الوزراء البلاد، وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، فإن العصابات تُسيطر الآن على ما يقدر بنحو 80% من العاصمة بورت أو برنس، مشيرة إلى أنه في العام الماضي، قُتل ما يقرب من 4000 شخص على يد العصابات بجميع أنحاء البلاد، واختطاف 3000 شخص آخرين.
حرب أهلية
وبينما يحاول رئيس الوزراء أرييل هنري، دخول البلاد دون جدوى، منذ الأحد الماضي، هدد زعيم العصابة التي تحتل البلاد، جيمي باربكيو شيريزير بحرب أهلية، وبحسب صحيفة "هايتي تايمز"، فقد عقد شيريزير مؤتمرًا صحفيًا، طالب فيه المجتمع الدولي خاصة أمريكا وفرنسا وكندا، بالتخلي عن هنري وتقديم استقالته، مُهددًا بأن ذلك الدعم المباشر يقود إلى حرب أهلية وإبادة جماعية منتظرة في أنحاء البلاد.
وفي أحدث عملياتهم التخريبية، كثف المسلحون هجماتهم على البنية التحتية للشرطة، وأشعلوا النيران في 9 مراكز للشرطة والسجون، آخرها إشعال النيران في مركز جراند رافين التابع للشرطة، وخربوا المكان بالكامل، الأمر الذي دفع السكان لتقديم نداءات استغاثة، خوفًا من هجوم العصابات على منازلهم.
ضغوط أمريكية
ويبدو أن الإدارة الأمريكية باتت تُغير موقفها تجاه رئيس الوزراء الحالي، إذ كشفت صحيفة ميامي هيرالد، أن رئيس الوزراء الهايتي، المتواجد في أمريكا حاليًا، كان في طريقه للعودة إلى منزله، عندما فوجئ بتغيير الطائرة مسارها، وتعرض إلى ضغوط كبيرة من المسؤولين في إدارة بايدن بهدف تقديم استقالته، إذ يشعر المسؤولون الحكوميون الأمريكيون بالقلق من أن الشرطة الوطنية في هايتي تبدأ في الانهيار في غضون ساعات.
وتحدث مسؤول أمريكي بشرط عدم الكشف عن هويته، لمناقشة تقييم الحكومة حول الوضع في هايتي، أن حكومة هايتي يمكن أن تسقط في أي وقت، مع مخاوف كبيرة من أن المهمة المتعددة الجنسيات المخطط لها منذ فترة طويلة بقيادة كينيا قد لا تكون كافية لإنقاذ البلاد من الانزلاق الكامل إلى سيطرة العصابات، وهو ما يؤكد أنه إذا تم حل الحزب الوطني الهايتي، وإذا رأينا المطار أو القصر الرئاسي يسقطان في أيدي المسلحين فإن الأمر سيكون انتهى للحكومة الحالية.
مجلس رئاسي
وفي خضم الأزمة الحالية، تسعى المعارضة المتزايدة لرئيس الوزراء أرييل هنري، بحسب "هايتي تايمز"، إلى تعيين القاضي "دورين جونيور" من محكمة الاستئناف، كرئيس لمجلس رئاسي مكون من 3 أعضاء، يضم أيضًا السيناتور السابق وزعيم المتمردين جاي فيليب، وفرانسواز سان من المجلس الروحي الوطني للكنائس.
وردت الحكومة على أعمال العنف المميتة التي ارتكبتها العصابات المسلحة، بما في ذلك الهجمات الأخيرة ضد أكبر سجنين في البلاد وهروب أكثر من 3 آلاف سجين وحرق أقسام الشرطة، بإعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة 3 أيام، بجانب فرض حظر التجول في جميع أنحاء المنطقة الغربية، حيث تقع العاصمة، وأكدت الدولة أن تلك الأعمال الإجرامية المتمثلة في الاختطاف والاغتيالات والعنف الجنسي ونهب وسرقة الممتلكات العامة والخاصة، تشكل على وجه التحديد أعمال عصيان وتعرض الأمن القومي للخطر.