رغم أن عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر الماضي، كانت من بين أكثر الهجمات الموثقة في التاريخ، حيث التقطت أحداثها عشرات من كاميرات الهواتف الذكية، وكاميرات المراقبة. لكن، بدأت "نظريات المؤامرة" حول ما حدث في كسب أرضية على وسائل التواصل الاجتماعي.
ففي الولايات المتحدة، بدأ إنكار 7 أكتوبر ينتشر، وظهرت مجموعة صغيرة -ولكن متنامية- تدفع بمجموعة من الأكاذيب والروايات المضللة، ويؤكد بعضهم أن الولايات المتحدة تقف وراء المؤامرة.
فيرى بعض هؤلاء أن الهجوم هو "كمين" نصبه الجيش الإسرائيلي لتبرير العدوان على قطاع غزة.
ويقول آخرون إن حوالي 240 إسرائيليًا ممن أسرتهم حماس "اختطفتهم إسرائيل" بالفعل.
وتم زرع هذه الروايات غير الصحيحة والمضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تضاعفت علامات التصنيف التي تربط إسرائيل بـ "العلم الكاذب" ثلاث مرات على عدد من تطبيقات التواصل الاجتماعي في الأسابيع التي تلت العدوان، وفقًا لما ذكره "معهد أبحاث عدوى الشبكة"، وهو مؤسسة غير ربحية لتتبع المعلومات المضللة.
علم زائف
لأن الأكاذيب الإسرائيلية التي أغرقت وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي منذ بداية العدوان، قد فضحتها صور الضحايا الفلسطينيين، صار كثيرون في الغرب مستعدين لتصديق النظريات المُعادية لدولة الاحتلال، بغض النظر عن صحتها.
من الواقفين على إحدى نظريات المؤامرة الجديدة "حقائق بلا رقابة/ Uncensored Truths"، وهي مجموعة على تطبيق تيليجرام/ Telegram، تضم 2958 عضوًا نشطًا ومتفاعلًا، يتبادلون الآراء في السياسة الخارجية.
وبحسب المنتدى، فإن التقارير الإخبارية المتداولة في وسائل الإعلام كانت خاطئة، وأن "إسرائيل كانت وراء الهجوم سرًا".
بل، يزعم هؤلاء أيضًا أن الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي، كان بمثابة إنذار كاذب، أو "علم زائف" رفعه الإسرائيليون -بمساعدة من الأمريكيين على الأرجح- لتبرير الإبادة الجماعية في غزة.
ونقلت إليزابيث دوكسين، محررة واشنطن بوست، Washington Post، عن واحدة من رواد المجموعة قولها: "إنه شر خالص، إسرائيل مثل كلب مسعور مقيد".
أيضًا، يرى بعض رواد منتدى r/LateStageCapitalism، وهم مجموعة من الناشطين اليساريين، أن إسرائيل خلقت ذريعة لاحتلال غزة وإبادة الشعب الفلسطيني.
خطر على إسرائيل
أوضحت "دوكسين" أن انتشار هذه النظريات يُشكل خطرًا على أحد أهم أسلحة الصهيونية وهو "مُعاداة السامية"، حيث بدأ هؤلاء المنكرون في الحديث حول عدم حقيقة "المحرقة اليهودية" في الحرب العالمية الثانية.
لذلك، تربط بين الذين يشككون في المحرقة وأصحاب نظريات المؤامرة حول "طوفان الأقصى"، في محاولة لجعل إسرائيل ضحية في الحالتين.
وبدا انحياز محررة الصحيفة الأمريكية لوجهة نظر تل أبيب؛ لأنها -في الوقت نفسه- صمتت حول ما يقوم به جيش الاحتلال من قصف للمدنيين في قطاع غزة.
لذلك، أرسل لها علي أبو نعمة، وهو صحفي فلسطيني- أمريكي، رسالة إلكترونية، قال فيها إن التحقيق، الذي نشرته أمس الأحد "سبّب ما يكفي من القلق لدرجة أنك تم تكليفك بعمل مقال ناجح، حيث سيتم نشر مسميات مثل "اليسار المتطرف" و"معاداة إسرائيل"، لمحاولة تضليل القراء".
وأشار أبو نعمة في رسالته إلى "الدعاية المؤيدة لإسرائيل التي تنشرها صحيفة واشنطن بوست بشكل روتيني".