تشهد فرنسا حاليًا توترًا مُتزايدًا في الأحداث السياسية والاجتماعية، وتعتقد بعض الشخصيات البارزة في فرنسا أن هذا التوتر قد يؤدي في المستقبل إلى اندلاع حرب أهلية في البلاد، على خلفية ردود الفعل على التصعيد الحاصل بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، وتُعد فرنسا في قلب الصراع العام بين المؤيدين والمعارضين لإسرائيل.
تأثرت أوروبا بشكل كبير بالتوترات في الشرق الأوسط، وخاصة في إسرائيل وفلسطين، وتُشير صحيفة "فزجلياد" الروسية إلى تزايد التحذيرات من احتمالية حدوث حرب أهلية في فرنسا، وذلك بسبب عدة أسباب تؤثر في الرأي العام الفرنسي وقد تؤدي في المستقبل إلى تفاقم الأزمة.
وأشار إيلون ماسك، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، تعليقًا على مقطع فيديو يظهر مهاجرًا يحرق العلم الفرنسي احتجاجًا، إلى أن "أوروبا تتجه نحو حرب أهلية".
تعتبر الحكومة الفرنسية عادةً مؤيدة لإسرائيل، وتوجد في فرنسا جالية يهودية كبيرة، بحسب ما توضح الصحيفة، ومع ذلك، فإن أكبر عدد من المهاجرين في البلاد يأتون من العالم العربي، ويتبنى معظمهم وجهة نظر واحدة تجاه الأحداث في فلسطين. يتجلى ذلك في هتافات المتظاهرين في الشوارع الفرنسية، حيث ينادون بشعارات تنتقد إسرائيل ويطالبون بدعم القضية الفلسطينية.
وعلى الرغم من حظر السُلطات الفرنسية للتظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، إلا أن ذلك لم يمنع بعض السياسيين من المشاركة في مظاهرات الدعم. وقد شهدت مظاهرة في باريس مشاركة عدد من السياسيين اليساريين، بما في ذلك النواب ساندرين روسو وتوما بورت، والسيناتور يانيك جادو. وقد تم تكثيف التدابير الأمنية وإغلاق المحطات المجاورة لمنع تفشي الاحتجاجات.
المظاهر الرئيسية للتوتر الاجتماعي في فرنسا
يشهد المجتمع الفرنسي منذ سنوات تصاعدًا ملحوظًا في حدة الخلافات بين مكوناته المختلفة، وقد تفاقم هذا التوتر بفعل عوامل عدة. فمن جهة، تزايدت الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الفئات الفقيرة والأغنياء، ما أثار الشعور بالإحباط لدى شرائح واسعة. ومن جهة أخرى، شكلت الهجرة غير المنضبطة إلى فرنسا مصدر قلق بالنسبة لكثير من الفرنسيين، لا سيما مع انتشار ظاهرة الجريمة بين المهاجرين.
كما لعب الصراع بين إسرائيل وفلسطين دورًا رئيسيًا في تصاعد التوترات الأخيرة، حيث انقسم الرأي العام في الشارع الفرنسي بين مؤيد لإسرائيل وآخر داعم للقضية الفلسطينية. وقد ظهر ذلك بوضوح في المظاهرات المناهضة لإسرائيل أخيرًا، رغم حظرها.
خطر الانزلاق نحو حرب أهلية
بالنظر إلى هذه المظاهر الكثيرة للتوتر الاجتماعي، يخشى العديد من الخبراء انزلاق فرنسا نحو حرب أهلية، ومن بين هؤلاء الجنرال، بيرتران كافاليه، الذي حذر من خطر نشوء "مجتمع موازٍ" على أراضي فرنسا بسبب تأثير الهجرة غير المنضبطة.
ويشير "كافاليه" إلى أن أحد أسباب الحالة الراهنة للمجتمع الفرنسي هي زيادة "النفوذ الإيديولوجي النشط للغاية والمؤثر للغاية، وخاصة في الأوساط الجامعية، لليسار المُتطرف، الذي ظل ينتهج خطًا مناهضًا لإسرائيل لعقود من الزمن".
كما أبدى الفيلسوف، ميشال أونفر، في مقابلة مع قناة "سي نيوز" تخوفه من أن نزاع الهويات قد ينتقل إلى حرب أهلية مسلحة.
وقد عبر الرئيس ماكرون نفسه عن مخاوف مماثلة، حيث أكد أن تدهور الوضع قد يؤدي إلى "حرب أهلية" خلال اجتماع مع قادة الأحزاب، وقد تم التأكيد على ضرورة حماية الوحدة الوطنية أمام هذا الخطر المُحدق.
وفي بداية الأزمة جمع ماكرون رؤساء الأحزاب ليناقش معهم الوضع الحالي وتأثيره المحتمل على المجتمع الفرنسي، ولم تتم دعوة الصحافة إلى هذا الاجتماع، لكن من المعروف أن الرئيس شدد بشكل خاص على الحاجة إلى "وحدة الشعب".
وبحسب جوردان بارديل، رئيس حزب التجمع الوطني، الذي كان حاضرًا في هذا الاجتماع، فإنه اقترح حل "المنظمات السياسية الدينية" في فرنسا، وهو ما رفضه ماكرون، لأن ذلك قد يقود البلاد إلى "حرب أهلية"، بحسب ما أشار جورنال دو ديمانش الفرنسي.