تُعد "فرقة رضا" الاستعراضية أحد أشهر الفرق المصرية التي حققت نجاحًا كبيرًا في المحافل الدولية، وحازت على شهرة واسعة في أنحاء العالم، إذ لا يزال يتذكر الجمهور المصري والعربي أسماء أعضاء فرقتها المؤسسين الذين قدموا ملحمة استعراضية ليتركوا بصمة في كل مكان خطت فيه أقدامهم، ومحاولة لتوثيق نجاحات الفرقة الاستعراضية كان فيلم "غرام في الكرنك" الذي لا يزال يحقق أصداءً قوية لدى الأجيال المُختلفة الذين يتذكرون مشاهده ويرددون أغانيه؛ ليصبح اسم الفرقة هو تميمة الحظ التي نقلت أعضاءها لعالم مُختلف، أصبحوا فيه المرادف لكلمة استعراض، ومعها تحول اسم "فرقة رضا" إلى ماركة مُسجلة.
رغم مرور سنوات طويلة تظل فرقة رضا مخزونًا لا ينتهي من الأسرار، وظهور أي من أعضائها سواء من رحلوا أو من هم على قيد الحياة، مثار اهتمام كبير من جانب الجمهور، وانطلاقًا من ذلك حرص قصر ثقافة السينما بحي جاردن سيتي في القاهرة على إقامة ندوة تكريم واحتفاء بالفنانة الكبيرة فريدة فهمي بحضور جماهيري وفني كبير.
حرصت الفنانة الاستعراضية المصرية خلال اللقاء على استعادة ذكرياتها مع الجمهور إذ قالت: "منذ صغري أعشق الحركة كثيرًا، وكنت أفضل الذهاب لحفلات التانجو مع والدتي وفي الوقت نفسه كانت جدتي تشجعني على الرقص البلدي، ومن هنا قررت والدتي تنمية موهبتي وأدخلتني إحدى المدارس الأجنبية، وعلى الرغم من ذلك كنت لا أشعر بسعادة إذ أفضل التعلم في مدارس المصريين وكانت أمنيتي في هذا التوقيت الرقص على خشبة المسرح".
وأضافت: "تعرفنا على عائلة رضا، وتزوجت من علي رضا، بينما تزوج محمود رضا من شقيقتي، واكتشفنا أننا الأربعة طموحنا واحد، ولكن الظروف الاقتصادية لم تكن جيدة حتى نكوّن فرقة ونقوم بتأجير مسرح ونصمم ملابس، ثم تعرفنا على الموسيقي الراحل علي إسماعيل، وهو أول من دمج الآلات الشرقية بطريقة ساحرة، وكان عبقريًا وعندما رحل شعرت بحزن كبير، لأننا تعلمنا منه الكثير، وبذل معنا مجهودًا كبيرًا حتى نتطور".
يعتبر المخرج والفنان الاستعراضي المصري الراحل علي رضا أحد أعمدة فرقة رضا الشعبية، وكشفت الفنانة فريدة فهمي أن زوجها الراحل دخل المجال الفني وعمره ١٦ عامًا، وكان مُجتهدًا وفي الوقت نفسه يواجه الروتين، إذ كان يتصدى للموظفين في وزارة الثقافة في ذلك التوقيت، فكان القوة الدافعة ويملك قدرًا كبيرًا من الشجاعة والإصرار".
حلم الشهرة
على الرغم من أن فرقة رضا الشعبية حققت نجاحات كبيرة في أنحاء العالم، ولكن في الوقت نفسه كانت تواجههم الصعاب للوصول إلى العالمية، وهذا ما أكدته الفنانة فريدة فهمي إذ قالت: "في عام 1962 وصل عدد أفراد الفرقة إلى نحو 120 ألف عضو، وعلى الرغم من ذلك واجهنا صعوبة بالغة في البدايات، ولم نجد مسرحًا نرقص عليه واضطر والدي الذي كان يعمل مهندسًا للاتفاق مع نقابة المهندسين للحصول على الصالة الخاصة بهم، وبدأنا نرقص فيها حتى أقمنا مسرحًا في حديقة منزلنا، وكنا ندخر الأموال من أعمالنا وحاربنا الظروف، ومررنا بالعديد من التحديات والأحداث السعيدة والحزينة".
وتابعت فريدة: "حققنا نجاحًا وشهرة على مستوى العالم، ولكن زوجي كان يحلم بما هو أكثر من ذلك، وهو أن نرقص أمام الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر، وبالفعل تحقق الحلم وحدث ذلك في إحدى حفلات أضواء المدينة ومن هنا ازدادت شهرتنا، ولكن عانينا لفترة من الروتين والصعوبات ازدادت، فبعد النكسة لم نحصل على مكافآت، وبدأ بعضنا يسافر ويهاجر للخارج حتى قل عددنا، ولكننا في الوقت نفسه كنا حريصون على السفر، وأن نجوب العالم كله وعرضنا في أفضل المسارح".
لحظة عتاب
حرص الفنان المصري تامر عبد المنعم، رئيس قصر ثقافة السينما، خلال تكريم الفنانة فريدة فهمي، على أن يُعلن أن الأخيرة طلبت تكريم زوجها الفنان الراحل علي رضا، تقديرًا له على مشواره الفني الثري.
ووجهت بطلة فيلم "غرام في الكرنك" عتابًا للقائمين على إدارة مهرجان القاهرة السينمائي، إذ تساءلت قائلة: "المخرج الراحل علي رضا قدّم مشوارًا فنيًا كبيرًا استمر لـ60 عامًا، فكيف لا يتم تكريمه في مهرجان بلده أو أي مهرجان آخر حتى الآن؟"، كما وجهت عتابًا مماثلًا للقائمين على التليفزيون المصري، وقالت إن فرقة رضا لها تاريخ فني طويل لم يتم الحفاظ عليه.
حب المسرح
عشق الفنانة الاستعراضية فريدة فهمي للمسرح دفعها للاستمرار كراقصة استعراضية حتى وصل عمرها لـ43 عامًا، إذ قالت: "المسرح ساحر وسحرني منذ صغري، حيث درست في أمريكا التي بها أقسام مُختلفة للرقص، وحضّرت رسالة ماجستير قبل أن أعود إلى مصر، ثم اعتزلت الرقص، الذي أرى أنه موهبة مُختلفة في كيفية التعامل مع حركات وتعبيرات الجسد، وهذا يعتبر من الأساسيات في أي فرقة، إذ تدربنا كثيرًا لنصل إلى هذا الإبداع".
لمسة إنسانية
حرص الحضور والقائمون على قصر ثقافة السينما على الاحتفال بعيد ميلاد الفنانة فريدة فهمي الذي يوافق يوم 29 يونيو 1940، إذ حرصت النجمة الاستعراضية على الإعلان عن عمرها بصراحة دون خجل، إذ قالت إن عمرها 83 عامًا، وفي لمسة إنسانية، قام الجمهور بالغناء لها احتفالًا بيوم ميلادها.