شُيعت ظهر اليوم جنازة الإعلامية المصرية فايزة واصف، من أحد مساجد منطقة مصر الجديدة بالقاهرة، وحرص على وداعها عدد كبير من تلاميذها وزملائها، إذ لعبت هذه الأيقونة الإعلامية دورًا بارزًا في تشكيل وعي المواطنين والقدرة على حل مشكلاتهم وقضاياهم لسنوات طويلة.
"حياتي" لم يكن اسمًا لبرنامج عابر على الشاشة الصغيرة، لكنه شكّل جزءًا من ذاكرة المواطن المصري على مدار أكثر من 35 عامًا قضتها الراحلة فايزة واصف في تقديم هذا البرنامج، قادت من خلاله حركة تنوير ساهمت في حل الكثير من مشكلات المشاهدين الذين راسلوها عبر البريد لتفندها وتعرضها مع محاولة الوصول لحلول.
سعادة غامرة كانت تنتاب فايزة واصف أثناء كتابة سيناريو برنامجها "حياتي" الذي كان متنفسًا للمواطنين في التعبير عن واقعهم اليومي، فلا تكتفي الراحلة بعرض المشكلة ولكن يجسدها فنانون في قالب درامي قبل أن يُعقّب عليها مفكرون ورجال دين وأطباء نفسيون وخبراء في القانون، ليلعب البرنامج دورًا كبيرًا في حياة المصريين لعقود طويلة.
يبدو أن دراسة "واصف" لعلم النفس - تخرجت في كلية الآداب جامعة القاهرة- ساهمت في تكوين شخصيتها وقدرتها على تحليل الموضوعات وإيجاد حلول لها، فطبّقت دراستها على البرامج التي قدمتها وكانت تستعين بمتخصصين وأطباء نفسيين لحل المشكلة بجانب آخرين، وفقًا لطبيعة كل موضوع.
تشكلت شخصية فايزة واصف منذ الصغر، وظهرت عليها علامات الشغف الكبير بالإعلام منذ نعومة أظافرها، وتقول عن ذلك في أحد لقاءاتها: "كنت أمسك فنجان القهوة في طفولتي وأتخيل أنني مذيعة راديو، لم أكن أشعر بإرهاق، وبعد أن كبرت وأصبحت مذيعة كانت تنتابني حالة من السعادة أثناء كتابة سيناريو برنامج حياتي".
كانت الإذاعة المصرية بوابة عبور "فايزة واصف" لمجال الإعلام، إذ التحقت بالعمل في إذاعة صوت العرب في الستينيات ثم انتقلت إلى التلفزيون لتطل على الجمهور الذي أحبها وارتبط ببرنامجها لعقود.
بصمة لا يمحوها الزمان
تؤكد الإعلامية القديرة سناء منصور، أن مصر فقدت رمزًا إعلاميًا مهمًا، إذ كان لها دور كبير في دعم القيم الإيجابية ببرنامجها "حياتي" الذي ساهمت من خلاله في تناول عدد كبير من قضايا المجتمع آنذاك.
وتضيف سناء منصور لموقع "القاهرة الإخبارية" أن الراحلة فايزة واصف كانت حريصة على الوجود في مصر وتقديم برنامجها الذي ارتبط به الجمهور في المنازل رغم سفرها بحكم عمل زوجها كسفير، مؤكدة أن الراحلة قدمت بصمة لا يمكن أن يمحو الزمان أثرها، ولعبت الدور الأكبر في تعزيز كل الإيجابيات وحل المشكلات، فلم يكن برنامجها يطرح القضية فقط، لكنها حرصت على الاستعانة بمتخصصين تساعد في حلها.
تشير سناء منصور إلى أن الراحلة فايزة واصف كانت تعد من الرعيل الأول للإعلاميين الملهمين، موضحة أن بدايتها كانت من خلال الإذاعة، لكن نظرًا لأن برنامجها احتوى على ضيوف وتمثيل للمشكلة كان التلفزيون هو الشكل الأنسب له، فحفظه المشاهدون وتفاعلوا معه على مدار سنوات طويلة.
اختتمت بأن رحيل فايزة واصف خسارة كبيرة للاعلام المصري، فهي نموذج مؤثر في المجتمع، متمنية لها المغفرة ولأسرتها الصبر والسلوان.
عصب الإعلام المصري
يقول الإعلامي عمر بطيشة، إن مصر فقدت إعلامية كبيرة كانت تمثل عصب الإعلام المصري في فترة طويلة، وقدمت برنامجًا متميزَا ونادرًا من نوعه ووقته في حقبة الستينيات وهو برنامج "حياتي" الذي أدى رسالة اجتماعية مهمة جدًا، وقدّم دروسًا وعِبر نفعت المصريين الذين تابعوا هذا البرنامج وقامت بحل العديد من المشكلات، واقترحت حلولًا جديدة للأسرة المصرية.
وأضاف عمر بطيشة لموقع "القاهرة الإخبارية" أن الراحلة كانت تتسم بالمصداقية والإخلاص في عملها والإبداع في فن التقديم التلفزيوني، فكانت رائدة من جيل تربى على الإجادة والتجويد والإتقان.
مشيرًا إلى أن الراحلة قدمت برنامجًا آخر يدور حول رسالة من المشاهد تترجم إلى دراما في البرنامج، وكانت تعرض المشكلة وتستضيف خبراء نفسيين واجتماعيين لتحليل المشكلة، وطرح الحلول التي وردت في رسالة المواطن، وأوضح بطيشة أننا نفتقد لهذه النوعية من البرامج الاجتماعية التي تقدم القيمة والمُثل العُليا التي ينبغي أن نسير عليها.