مع الخطوة التاريخية التي اتخذها زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، المسجون في تركيا، بدعوة الحزب إلى حل نفسه وإلقاء السلاح، موضحًا أنه لم يعد هناك مكان للعنف والسلاح، يرى محللون أن الدعوة شابها بعض القصور في توضيح أسبابها.
وقال "أوجلان"، في دعوته التي جاءت بعد زيارة ثالثة لوفد من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب له في سجن إمرالي: "اعقدوا المؤتمر وحلوا أنفسكم".
من جهته، علق عضو البرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم غالب أنصاري أوغلو، قائلًا: "عندما وجه أوجلان هذه الدعوة، كان ينبغي له أن يوضح أولاً الأسباب وراء النضال المسلح"، بحسب النسخة التركية من "بي بي سي".
ووفقًا لـ"أنصاري أوغلو"، الذي وصف نص الدعوة "بالمعقولة للغاية"، فإن سبب استخدام السلاح كوسيلة للحصول على الحقوق يرجع إلى التطورات التي أعقبت الحربين العالميتين، لكن أوجلان يقول الآن "إن الأسلحة والعنف لم يعد لهما أي شرعية".
فيما ترى أرزو يلماز، الأستاذ المساعد بجامعة كردستان هولير الكردية في أربيل بالعراق، أن هناك ملاحظات في النص بشأن عقلانية الدعوة إلى إلقاء السلاح.
وأوضحت: "هناك ملاحظة مفادها أن الهيمنة استهدفت التحالف الكردي التركي خلال المائتي عام الماضية، وبعبارة أخرى، التغيير في النظام العالمي والتغيير في القرن الثاني للجمهورية".
وبحسب يلماز، من المدهش أن دعوة أوجلان لا تستبعد الفيدرالية أو الحكم الذاتي فحسب، بل حتى "الحكم الذاتي الإداري من كونه نموذج حل بديل".
وتساءلت: "لماذا كان من الضروري الاعتراف في نص قصير وعام بأن الاستقلال الإداري لم يكن حتى يُنظر إليه كبديل أو حل نموذجي؟"، مضيفة أن هذا سيكون أحد أكثر الموضوعات التي سيتم الحديث عنها في المستقبل القريب.
وأشارت "يلماز" أن النص يتضمن بدلاً من ذلك اقتراحات بشأن الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي، ولكن ليس من الواضح ما الذي تتوافق معه هذه التعبيرات بالضبط.
ومن ناحية أخرى، قال الدكتور لقمان رادبيه، الخبير في السياسة الكردية في جامعة إدنبرة في اسكتلندا، إنه "ليس من الواضح نوع الهيكل السياسي الذي تتم مناقشته".
وأضاف: "إذا نظرت إلى النواب الأكراد في البرلمان، فإنهم يملكون صوتًا ولكن تأثيرهم محدود.. ولا أعتقد أن مشاركتهم ذات معنى في هذا السياق"، ويرى أن دعوة أوجلان "ضعيفة" لأنها لا تتضمن أي مطالب ملموسة.
وتضمنت مذكرة أوجلان بعض المقترحات التي تم فصلها عن إعلان الدعوة، وقال "أنصاري أوغلو" إن السبب وراء عدم تضمين هذه الاقتراحات في النص يرجع إلى التغيير الأخير في آراء أوجلان بالتوازي مع التطورات في تركيا.
أوضح: "تمت إزالة العقبات التي كانت تعترض الهوية واللغة الكردية، وتم تنفيذ الإصلاحات الديمقراطية.. والآن لابد وأن تنتهي أعمال العنف، ويجب التخلص من الأسلحة، ويجب إصلاح الهشاشة التي غذتها هذه الأعمال".
وفي دعوته، أشار أوجلان أيضًا إلى العملية التي بدأت بدعوة زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي.
وقال: "في هذا المناخ الذي خلقته الدعوة التي أطلقها بهتشلي، والإرادة التي أظهرها الرئيس (التركي) رجب طيب أردوغان، والتوجهات الإيجابية للأحزاب السياسية الأخرى تجاه الدعوة، أدعو إلى إلقاء السلاح وأتحمل المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة".
وبحسب أنصاري أوغلو، فإن أوجلان أكد بهذه التصريحات على النموذج الجديد الذي تبناه أردوغان وبهتشلي.
ولكن يرى رادبيه أن "عملية التحول الديمقراطي تبدو سريالية في بيئة لا يزال فيها أوجلان في السجن".