في قلب الزلزال الذي ضرب جنوب غرب اليابان، أمس الإثنين، عاد شبح الكوارث النووية ليطغى على الأذهان، بعدما تأثرت محطتان للطاقة النووية جراء الهزات الارتدادية العنيفة للزلزال الذي بلغت قوته 6.6 درجة، وأعقبه تحذير من تسونامي، فكان بمثابة اختبار جديد للقدرة اليابانية على التعامل مع الكوارث الطبيعية في ظل ذكرى كارثة فوكوشيما. ورغم الأضرار المحدودة التي سُجلت، تزايدت المخاوف من تأثير الزلازل المتكررة على محطات الطاقة النووية، التي تبقى نقطة حساسة في استراتيجية الطاقة الوطنية لطوكيو.
تعتبر المحطات النووية اليابانية، بما في ذلك محطة كاواوتشي وإيكاتا، من النقاط الحساسة بعد الكارثة النووية التي تسببت فيها تسونامي عام 2011، إثر زلزال قوته 9 درجات أسفر عن انصهار نووي في محطة فوكوشيما داي إيتشي. وأدت هذه الكارثة إلى إجلاء أكثر من 150 ألف شخص وتسبب في تلوث إشعاعي واسع النطاق.
وعقب فوكوشيما، أغلقت اليابان جميع مفاعلاتها النووية لفترة لإجراء مراجعات أمان شاملة، مع فرض تنظيمات أكثر صرامة قبل استئناف العمليات.
وبعد الزلزال الأخير، تم إصدار تحذيرات من تسونامي للمناطق الساحلية في محافظة ميازاكي ومحافظة كوتشي في جزيرة شيكوكو، لكن تم رفع جميع التحذيرات قبل منتصف الليل. ولم تسجل الحادثة أي إصابات كبيرة، رغم ورود تقارير عن بعض الأضرار الطفيفة. كما تعرّضت محطات كاواوتشي وإيكاتا إلى اهتزازات بقوة 3 درجات، وتم إصدار تحذيرات في محطة جينكاي القريبة.
وبدورها، قدرت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية قوة الزلزال بـ 6.9 درجة، لكنها قامت بتخفيض التقييم لاحقًا إلى 6.6 درجة. فيما وقع في جزيرة كيوشو، أصيب رجل واحد بجروح طفيفة بعد أن سقط أثناء هروبه. كما تسببت هزة أرضية في انهيار طفيف للتربة، وتضررت بعض أنابيب المياه تحت الأرض.
ورغم هذه الهزات، أكدت شركة كيوشو للطاقة الكهربائية عدم وجود أي انحرافات أو خلل في المحطات النووية بالمنطقة. وفيما يتعلق بالتسونامي، أفادت التقارير أن الأمواج، التي كانت قد قدرت في البداية بارتفاع يصل إلى 3.2 قدم، لم تتجاوز 0.7 قدم في ميناء ميازاكي.
وفي إطار تحليل الوضع، اجتمع خبراء من وكالة الأرصاد الجوية اليابانية مساء أمس الإثنين لتقييم ما إذا كان الزلزال الأخير مرتبطًا بالنشاط الزلزالي في حوض نانكاي، الذي يعرف بكونه منطقة نشطة تتعرض لزلازل قوية بشكل دوري. ومع ذلك، أكد الخبراء أنه لا حاجة لتدابير استثنائية في الوقت الحالي.
وبالنظر إلى تاريخ المنطقة الزلزالية، كان الزلزال الذي وقع في عام 1946 قبالة سواحل شيكوكو قد أسفر عن مقتل أكثر من 1300 شخص، وفي أغسطس من العام الماضي تعرضت المنطقة لزلزال بقوة 7.1 درجة، مما يبرز التقلبات الزلزالية المستمرة في تلك المنطقة.
ومن جهته، حذر شجيكي أوكي، أحد المسؤولين في وكالة الأرصاد الجوية اليابانية، من إمكانية حدوث هزات ارتدادية خلال اليومين أو الثلاثة أيام المقبلة. وفي الوقت نفسه، أشار ياماسا ساتو، رئيس قسم إدارة الأزمات في بلدية تاكانابي في محافظة ميازاكي، إلى أن "الاهتزاز كان قويًا لدرجة أنه كان من الصعب الوقوف لمدة 20 إلى 30 ثانية".