كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يستعد لتنفيذ أكبر رفع للتعريفات الجمركية في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر، في قرار من المتوقع أن يُحدث تغييرات جذرية في خريطة التجارة العالمية، ويؤثر بشكل مباشر على الأسواق الدولية، ويأتي هذا الكشف في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تداعيات هذه السياسات على الاقتصاد العالمي.
خطة ترامب الاقتصادية
كشفت واشنطن بوست عن تفاصيل خطة ترامب الاقتصادية التي تتضمن فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الواردات القادمة من الصين، إضافة إلى رسوم تتراوح بين 10% و20% على جميع المنتجات الأجنبية الأخرى.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة التوازن للتجارة العالمية لصالح الصناعات المحلية الأمريكية، وتوفير إيرادات إضافية للحكومة يُمكن استخدامها في خفض ضرائب الدخل أو تمويل برامج أخرى.
ونقلت واشنطن بوست عن كليت ويليمز، المسؤول السابق في البيت الأبيض للشؤون الاقتصادية الدولية خلال فترة ترامب الأولى، تأكيده أن الرئيس المنتخب "مستعد تمامًا لتنفيذ التعريفات الجمركية، لكنه في الوقت نفسه منفتح على التفاوض، إذا رأى أن الاتفاق يخدم مصالح الولايات المتحدة بشكل أفضل."
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب يعتزم استهداف شركات بعينها مثل جون دير، إضافة إلى فرض رسوم خاصة على المنتجات المصنعة في المكسيك.
معركة معقدة
تكشف واشنطن بوست عن معركة سياسية واقتصادية معقدة بدأت تتشكل ملامحها منذ اللحظات الأولى لإعلان فوز ترامب، حيث اندلع صراع بين أجنحة مختلفة داخل الحزب الجمهوري للتأثير على السياسة الاقتصادية للرئيس المنتخب.
ويدور الصراع الرئيسي بين جناحين، وهما الأول المتمثل في المقربين من وول ستريت الذين يفضلون نهجًا أكثر اعتدالًا، والثاني يضم المتشددين في قضايا التجارة الذين يؤيدون فرض رسوم جمركية مرتفعة.
وتتركز المعركة الحالية حول التعيينات في المناصب الاقتصادية الرئيسية، خاصة منصب وزير الخزانة، الذي سيكون له تأثير كبير على تنفيذ السياسات الاقتصادية الجديدة.
ويتصدر جون بولسون وسكوت بيسنت، وهما من كبار المسؤولين الماليين الذين عملوا في حملة ترامب، قائمة المرشحين لهذا المنصب المهم.
تأثيرات اقتصادية
تشير الصحيفة إلى تحذيرات الخبراء الاقتصاديين من أن التعريفات الجمركية الجديدة، مقترنة بخطط ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإبطاء النمو الاقتصادي.
وقد بدأت هذه المخاوف تتجسد بالفعل في قرارات بعض الشركات الأمريكية. فعلى سبيل المثال، علق تيم زيمرمان، الرئيس التنفيذي لشركة ميتشل ميتال برودكتس في ولاية ويسكونسن، خططًا استثمارية بقيمة مليوني دولار كانت مخصصة لشراء أنظمة روبوتية جديدة.
ويرجع هذا القرار إلى المخاوف من التأثير المحتمل للتعريفات الجمركية على المنتجات التي تعبر الحدود الأمريكية المكسيكية عدة مرات خلال عملية التصنيع.
توقعات مستقبلية
رغم المخاوف المتزايدة، يبدو أن الأسواق المالية تتعامل بحذر مع التصريحات المتعلقة بالتعريفات الجمركية، إذ نقلت واشنطن بوست عن مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في جي بي مورجان، توقعه بأن "أسبابًا إجرائية" قد تؤخر تطبيق التعريفة الشاملة إلى ما بعد 2025، مع إمكانية اتخاذ إجراءات ضد المنتجات الصينية في وقت أقرب.
وارتفعت الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ في أول جلسة تداول بعد الانتخابات، حيث صعد مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 4% منذ إغلاق يوم الثلاثاء، مما يُشير إلى أن المستثمرين يركزون على وعود ترامب بخفض الضرائب وتقليل القيود التنظيمية أكثر من مخاوفهم من التعريفات الجمركية.