في قلب أوروبا، سقطت الحكومة الألمانية، وأرسلت أصداء زلزالها السياسي عبر برلين والعالم، فانهيار ائتلاف "إشارات المرور"، الذي جمع بين الديمقراطيين الاجتماعيين والخضر والديمقراطيين الأحرار، فتح أبوابًا للشكوك حول مستقبل أكبر اقتصاد في أوروبا، فكيف سيتعامل العالم مع تداعيات هذا الانهيار السياسي؟
شرارة الانهيار
أعلن المستشار أولاف شولتس، رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي، إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر، زعيم الحزب الديمقراطي الحر، على خلفية خلافات حول الميزانية.
هذه الخطوة، وفق تقرير لموقع "فير أوبزيرفر" الأمريكي، فجرت سلسلة استقالات في صفوف الديمقراطيين الأحرار، ما ترك الحكومة بلا أغلبية، ووسط انخفاض معدلات التأييد، أُعلن عن تصويت بحجب الثقة في 16 ديسمبر، يعقبه إجراء انتخابات جديدة في فبراير 2025.
النقطة الفاصلة
الشرخ الكبير في الائتلاف بدأ مع تسريب خطة ليندنر المثيرة للجدل بعنوان "تغيير ألمانيا"، التي اقترحت تخفيض المساعدات للأسر محدودة الدخل واللاجئين، ما أثار استياء شركاء الائتلاف.
ورغم التوترات المتصاعدة، جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما نُشرت أخبار حول نية شولتس الدعوة لانتخابات جديدة في وسائل الإعلام، ما دفع المستشار إلى اتخاذ قرار الإقالة.
تداعيات اقتصادية واسعة
على خلفية الرياح الاقتصادية المعاكسة، تواجه ألمانيا أزمة مالية حادة، وتسببت العودة إلى سياسة "كبح الديون"، التي تحد من الديون الجديدة، في شلّ حركة الحكومة وأدت إلى تقليص الإنفاق الثقافي والخدمات العامة.
وأثرت هذه الأزمة على الأسهم الألمانية، حيث هبطت أسهم شركات كبرى مثل بي إم دبليو ومرسيدس، في ظل مخاوف من عودة الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الأوروبية.
تحولات المشهد السياسي
مع اقتراب الانتخابات، تشير استطلاعات الرأي إلى صعود حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بينما يواجه الحزب الديمقراطي الحر خطر الخروج من البرلمان. ويبرز "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني كقوة شعبية متزايدة، خاصة في ولايات ألمانيا الشرقية.
في المقابل، يُعد حزب "ساهرا فاجنكنيخت" حديث النشأة خيارًا جديدًا للناخبين المحبطين من الأحزاب التقليدية، لكن قدرته على تشكيل تحالفات سياسية مستقرة لا تزال موضع شك.
التأثير على أوروبا والعالم
قد يؤدي التركيز الداخلي لألمانيا إلى تخفيف الضغوط المالية على دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا وفرنسا، لكنه يثير القلق بشأن استقرار منطقة اليورو على المدى الطويل. وحتى الآن، لم تظهر علامات واضحة على اتساع الفجوة بين الديون الألمانية ونظيراتها الأوروبية.
مع انهيار الحكومة الألمانية، تدخل برلين مرحلة غامضة تتسم بالتحديات السياسية والاقتصادية. وفي حين تتابع أوروبا والعالم تطورات المشهد، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن ألمانيا من اجتياز هذا الاختبار الصعب لتظل ركيزة الاستقرار في أوروبا؟