مع فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتكثف الجهود الدبلوماسية بين إيران والترويكا الأوروبية في محاولة للتوصل إلى حل للأزمة النووية الإيرانية.
وكشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية عن تفاصيل المحادثات الجارية في جنيف، والتي ربما تمثل الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، في ظل مخاوف من عودة سياسة "الضغط الاقتصادي الأقصى" التي انتهجها خلال ولايته الأولى، ضد طهران.
المحادثات الأخيرة
وأظهرت تفاصيل المحادثات الأخيرة في جنيف تحولًا ملحوظًا في لهجة الطرفين نحو مزيد من البراجماتية، إذ نقلت "ذا جارديان" عن نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي تأكيده على استعداد بلاده لمواصلة المحادثات في المستقبل القريب، وهو تغير واضح عن تصريحاته السابقة التي انتقد فيها بشدة السلوك الأوروبي "المتمركز حول الذات وغير المسؤول".
وفي سياق متصل، قدمت طهران ما تعتبره مبادرة جدية لحل الأزمة، تتضمن تحديد سقف تخصيب اليورانيوم عند 60% والسماح بعودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذوي الخبرة إلى منشآتها النووية.
غير أن الموقف الأوروبي يبدو أكثر تعقيدًا، إذ تتزايد المخاوف من تعاون إيران العسكري مع روسيا في حرب أوكرانيا، وتنامي مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وهو ما يراه الأوروبيون مؤشرًا على مسار سري نحو تصنيع قنبلة نووية.
تصعيد تقني
في تطور لافت للنظر، كشف تقرير حديث للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن خطط إيرانية لتركيب نحو 6000 جهاز طرد مركزي جديد في منشأتي فوردو ونطنز.
وتهدف هذه الأجهزة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 5%، متجاوزة بذلك الحد المسموح به في اتفاق 2015 والبالغ 3.67%.
ويأتي هذا التصعيد التقني في وقت حساس، إذ أكد رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر، في تصريحات مشتركة مع نظيره البريطاني ريتشارد مور في باريس، أن خطر الانتشار النووي الإيراني سيكون "التهديد الأكثر خطورة" في الأشهر المقبلة.
معادلة معقدة
ويلعب الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان، الذي تولى منصبه في الصيف الماضي، دورًا محوريًا في هذه المرحلة الحساسة، إذ تعهد بتبني سياسة خارجية متوازنة تجمع بين الشرق والغرب بهدف رفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده.
غير أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حذر من أن عودة العقوبات الأممية قد تؤدي إلى تحول جذري في النقاش داخل إيران حول امتلاك الأسلحة النووية، رغم وجود فتوى دينية تحرم ذلك.
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الموقف الأوروبي من الرئيس الإصلاحي الجديد لم يكن على مستوى التوقعات الإيرانية، إذ دفعت دول الترويكا الأوروبية في 21 نوفمبر بقرار يطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإعداد تقرير "شامل" عن الأنشطة النووية الإيرانية، في خطوة قد تمهد لإعادة فرض العقوبات الأممية التي كانت مفروضة على إيران قبل توقيع الاتفاق النووي في 2015.
مستقبل غامض
ومع اقتراب موعد تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في يناير المقبل، يبدو أن الوقت يداهم الطرفين للتوصل إلى اتفاق، وتزداد المخاوف من أن تؤدي عودة سياسة "الضغط الأقصى" الأمريكية إلى تقويض جهود الإصلاحيين داخل إيران الذين طالما راهنوا على أن التعاون مع الغرب بشأن البرنامج النووي سيؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية.