الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كيف سيتعامل ترامب مع تكلفة حرب إسرائيل في الفترة المُقبلة؟

  • مشاركة :
post-title
ترامب ونتنياهو

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

يُشكّل فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، دعمًا للاحتلال الإسرائيلي في حربه الحالية ضد قطاع غزة ولبنان من وجهة النظر الإسرائيلية، إذ وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عودة ترامب إلى البيت الأبيض بالعودة التاريخية في رسالة تهنئة نشرها عبر حساباته بوسائل التواصل الاجتماعي، أكد خلالها أن هذه العودة تُمثل تجديدًا قويًا للتحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يوضح أن الجانب الإسرائيلي يتوقع دعمًا واسعًا بدرجة كبيرة من الولايات المتحدة الأمريكية تحت رئاسة دونالد ترامب.

من الجدير بالذكر هنا أنه بحسب استطلاع رأي أُجرى بعد الانتخابات، فإن 67% من الإسرائيليين سُعداء بفوز دونالد ترامب.

وتأسيسًا على ما سبق؛ يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على اتجاهات تعامل دونالد ترامب مع تكلفة حرب إسرائيل في الفترة المُقبلة.

تقديرات مهمة

يُمكن توضيح مجموعة من التقديرات المهمة، وذلك على النحو التالي:

(*) دعم عسكري كبير: إن الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل يظل قائمًا باختلاف الرؤساء الأمريكيين، إذ إنه وفقًا لمعهد واتسون للشؤون العامة والدولية بلغ إجمالي إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية على العمليات العسكرية الإسرائيلية والعمليات الأمريكية ذات الصلة ما لا يقل عن 22.76 مليار دولار، ويشمل هذا الرقم مبلغ 17.9 مليار دولار وافقت عليه حكومة الولايات المتحدة الأمريكية كمساعدات أمنية لإسرائيل في غزة وأماكن أخرى منذ 7 أكتوبر 2023، وإضافة إلى ذلك أوضحت وكالة "أسوشيتد برس" أن 4.86 مليار دولار إضافية ذهبت لتكثيف العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، إذ يشمل هذا الرقم الحملة التي تقودها البحرية الأمريكية؛ لقمع الضربات على الشحن التجاري من قبل الحوثيين.

شكل (1) يوضح حجم الدعم العسكري الأمريكي لبعض الدول من 1946 إلى 2024 - مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي

ووفقًا لشكل (1) يتضح أن إسرائيل تحتل الصدارة في الدعم العسكري الأمريكي خلال الفترة من 1946 إلى عام 2024، إذ بلغ حجم الدعم الموجه لها حوالي 230 مليار دولار، بينما بلغ 105 مليار دولار لأفغانستان و95 مليار دولار لـ"جنوب فيتنام"، و70 مليار دولار لأوكرانيا، و50 مليار لكوريا الجنوبية، ومن هنا يتضح أن الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل لن يتوقف أبدًا.

(*) برامج سلاح مؤجلة: هناك العديد من برامج السلاح التي ستوردها الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، لكنها أُجلت لفترات لاحقة، إذ وافق مجلس النواب الأمريكي على صفقة بيع أسلحة ضخمة لإسرائيل بقيمة تزيد على 20 مليار دولار في أغسطس الماضي، إذ تتضمن 50 طائرة من طراز F-15A و F-15A+ بنحو 18.82 مليار دولار، وخراطيش هاون شديدة الانفجار عيار 120 ملم، وخراطيش دبابات عيار 120 مم، وصواريخ جو – جو متوسطة المدى، ومن المُقرر أن تبدأ عمليات التسليم في عام 2026، الأمر الذي يُشير إلى أن إدارة دونالد ترامب ستواجه التعامل مع هذه البرامج مؤجلة التسليم.

اتجاهات تعامل ترامب مع تكلفة حرب إسرائيل

(*) تكلفة باهظة على إسرائيل: ترتب على حرب إسرائيل تكاليف كبيرة على الجانب الإسرائيلي، تنقسم إلى تكاليف مباشرة للحرب وتكاليف غير مباشرة تأثر بها الاقتصاد، إذ قدرت وزارة المالية التكلفة المباشرة لحرب إسرائيل مع المقاومة الفلسطينية بنحو 100 مليار شيكل (26.4 مليار دولار)، ويعتقد بنك إسرائيل أن المبلغ الإجمالي من المحتمل أن يرتفع إلى 250 مليار شيكل (أي نحو 73 مليار دولار) بحلول نهاية عام 2025، وهو ما يُعادل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، مع التوضيح أن هذه التقديرات جاءت قبل الهجوم البري لإسرائيل على جنوب لبنان ضد حزب الله، ما يعني أن التكلفة المباشرة من المُرجح أن ترتفع بشكل كبير مع توسيع جبهة القتال في لبنان.

شكل (2) يوضح التكلفة التقديرية لحرب إسرائيل في عامي 2024 و2025

هذا فضلًا عن التكاليف الاقتصادية التي يتحملها الاحتلال الإسرائيلي من جراء الحرب، ففي الربع الثاني من عام 2024 تباطأ الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير، إذ انخفض بنسبة 1.4% مُقارنة بالربع ذاته من العام السابق، كما تضرر القطاع الزراعي، حيث إن 30% من الأراضي الزراعية في إسرائيل تقع في مناطق الصراع، الأمر الذي أثر على الحصاد بشكل كبير، كما تحولت ميزانية الحكومة من فائض بنسبة 0.6 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 إلى عجز بنسبة 4.2% في عام 2023، فخفض التصنيف الائتماني للاقتصاد الإسرائيلي من قبل وكالة موديز إلى" Baa1" من "A2"، مع البقاء على النظرة المُستقبلية السلبية، يوضح مدى الخسائر التي يُعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي من جراء الحرب.

اتجاهات مُحتملة

إن تعامل دونالد ترامب مع تكلفة حرب إسرائيل سيأخذ مجموعة من الاتجاهات، كما سيتم توضيحها فيما يلي:

(-) تقليل أمد الحرب: أشار دونالد ترامب خلال حلمته الانتخابية إلى أنه سيوقف الحرب في غزة، كما قال خلال مُقابلة مع الإذاعي المحافظ "هيو هيويت" في أبريل 2024: "انتهوا من الأمر ودعونا نعود للسلام ونتوقف عن قتل الناس"، ويُمكن القول إن الدافع الذي تبين للجميع وراء هذه التصريحات خلال فترة الانتخابات، هو رغبته في كسب أصوات العرب والمسلمين.

لكن الرئيس الأمريكي المُنتخب "دونالد ترامب" يواجه العديد من الأزمات الاقتصادية خلال فترة ولايته الثانية، إذ تجاوز حجم الدين الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية الـ35 تريليون دولار، وإضافة إلى ذلك فكما يُشير شكل (3) ارتفع عجز الموازنة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 6.2% في عام 2023، بالمقارنة بـ3.4% في عام 2017، فهذه الأزمات ستجعل ترامب لا يُحبذ تقديم تمويلات عسكرية إضافية لإسرائيل؛ لمواجهة متطلبات حربها ضد غزة ولبنان على المدى الطويل، لكن من الناحية الأخرى أشار ترامب في أغسطس الماضي أنه سيعطي لإسرائيل كل الدعم الذي تحتاجه للفوز، لكنه يريدهم أن يفوزوا بسرعة، الأمر الذي يوضح أن دونالد ترامب سيُقدم الدعم لإسرائيل في حربها الحالية، لكنه سيسعى ألا تستمر طويلًا، إذ إن أيديولوجية دونالد ترامب لا تُحب الحروب؛ لأنها باهظة الثمن، وما يؤكده في ذلك عزمه على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.

شكل (3) يوضح حجم العجز الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من 2016 إلى 2023- الخزانة الأمريكية

(-) تمويل التكلفة الاقتصادية للحرب: كما تم التوضيح أن حرب إسرائيل تشمل تكلفة مباشرة وتكلفة غير مباشرة (اقتصادية)، فمن المتوقع بشكل كبير أن تعمل إدارة ترامب على مُساندة الاحتلال الإسرائيلي في إنعاش اقتصاده من تأثيرات الحرب التي قام بها، من خلال تقديم التمويلات الميسرة، فقوة إسرائيل اقتصاديًا تخدم المصالح الأمريكية في المنطقة بشكل كبير.

(-) الاستمرار في تنفيذ برامج السلاح: في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ بـ53 صوتًا، ومع وجود فرص كبيرة للسيطرة على مجلس النواب، إذ حصل الجمهوريون حتى اليوم على 214 صوتًا، بينما حصد الديمقراطيون على 205 أصوات، سيكون هناك دعم كبير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فترة ولايته الثانية من قبل السلطة التشريعية الأمريكية، إذ من الُمرجح أن يستمر في تنفيذ برامج السلاح التي تم الاتفاق عليها مع الجانب الإسرائيلي، حيثُ أن دونالد ترامب سيظل داعمًا كبيرًا للاحتلال الإسرائيلي في إعادة بناء قوته العسكرية، خاصة بسبب أهداف ترامب الأساسية التي تتعلق بكبح جماح القوة الإيرانية في المنطقة، وتعطيل برنامجها النووي.

وفي النهاية يُمكن القول إن فوز دونالد ترامب بولاية ثانية لن يُغير كثيرًا من سياسة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع الاحتلال الإسرائيلي، فسيظل الدعم العسكري والاقتصادي الكبير لها، فميزانية الكونجرس لابد أن يُخصص منها مساعدات لإسرائيل؛ لإبراز قوتها في المنطقة، ولكن يُمكن القول إن الضغوط الاقتصادية التي سيواجهها ترامب في بداية حكمه، ستجعله يعمل على تقليل أمد الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة ولبنان؛ للتخلص من تمويلات إضافية تحتاجها إسرائيل لاستمرار الحرب.