الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ما هي التأثيرات الاقتصادية المُحتملة لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

  • مشاركة :
post-title
الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

ستُسفر الانتخابات الرئاسية الأمريكية اليوم، عن فوز أحد المرشحين، دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري أو كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، وبالنظرة الاقتصادية يُمكن القول إن فوز أي من هذين المرشحين ستكون له آثار اقتصادية كبيرة على الداخل الأمريكي والعلاقات الاقتصادية الخارجية.

وتأسيسًا على ما سبق يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على الآثار الاقتصادية المُحتملة من نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

مؤشرات أولية

يُمكن التعرف على المؤشرات الأولية للانتخابات الرئاسية الأمريكية من ملامح التصويت المبكر، وذلك على النحو التالي:

(-) حجم التصويت: أدلي حوالي 78.64 مليون شخص بأصواتهم في التصويت المبكر، إذ سجلت ولاية كارولينا الشمالية تصويت ما يُقرب من 4.5 مليون ناخب؛ رغم الدمار الذي سببه إعصار هيلين، كما سجل الناخبون في جورجيا رقمًا قياسيًا للتصويت المبكر، إذ أدلى 4 ملايين ناخب بأصواتهم، وفي بنسلفانيا صوت حوالي 1.7 مليون شخص عبر البريد، وشهدت 9 ولايات أخرى تصويت أكثر من 50% ممن لهم حق الانتخاب، وبُمقارنة هذه الإحصائيات بمعدلها في عام 2020، إذ بلغ إجمالي عدد التصويت في الانتخابات المبكرة حوالي 101.45 مليون ناخب، يتضح أن 77.52 % صوتوا في الانتخابات الرئاسية المبكرة في عام 2024 بالمُقارنة بعام 2020، وهو الأمر الذي جعل التوقعات تذهب إلى أن نسبة المشاركة في انتخابات 2024، ستتراوح بين 60 و66%.

(-) اتجاهات التصويت: أشارت النتائج الأولية بحسب تقديرات"NBC news" إلى أن الديمقراطيين المُسجلين حصلوا على 41% بينما حصل الجمهوريون المُسجلون على 39%، فوفقًا للشكل (1) تفوق الحزب الديمقراطي في ولايات واشنطن ومينيسوتا وميشيجان ونيويورك وأوريجون وكاليفورنيا، بنسب 54% و42% و46% و54% و40% و49% على الترتيب، بينما تفوق الجمهوريون في ولايات أيداهو ومونتانا وداكوتا الشمالية ويوتا وفلوريدا، بنسب 63% و47% و51% و54% و44% على الترتيب.

الشكل (1) يوضح اتجاهات الناخبين في بعض الولايات الأمريكية في يوم التصويت المبكر بحسب الحزب
تأثيرات اقتصادية

يُمكن توضيح التأثيرات الاقتصادية المُحتملة لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في النقاط التالية:

الآثار الاقتصادية لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية

(-) تأثيرات فوز دونالد ترامب: يترتب على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عدد من التأثيرات الهامة كما يلي:

(*) على مستوى الداخل الأمريكي: اتضح من التصريحات المختلفة لدونالد ترامب أن إدارة الاقتصاد الأمريكي، ستختلف بعض الشيء عن سياسة الديمقراطيين، وذلك في النقاط الآتية:

· تجديد معظم القوانين الضريبية: يتعهد دونالد ترامب أن يقوم بتغيير معظم أحكام قانون تخفيضات الضرائب لعام 2027، إذ يتضمن هذا القانون العديد من الأحكام التي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في عام 2025، ويتعهد ترامب بأن يجعل معظم هذه الأحكام دائمة، كما أشار إلى أنه سيتجه إلى إلغاء بعض الأحكام التي تتمثل في القيود التي يفرضها القانون على خصومات الضرائب المحلية والولائية على ضريبة الدخل الفيدرالية، بالإضافة إلى ذلك اقترح أن الشركات التي تصنع المنتجات في الولايات المتحدة الأمريكية، يُمكن أن يكون لها معدل ضريبي أقل بنسبة 15%، مُقارنة بمعدل الضريبة الحالي الذي يبلغ 21%، وهو الأمر الذي سيُحسن مناخ الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية في حال فوز المرشح الرئاسي دونالد ترامب.

· تغيير سياسة التعامل مع التضخم: ستنعكس سياسة دونالد ترامب مع العالم الخارجي، على الداخل الأمريكي بشكل كبير في مؤشر التضخم، إذ إن توجهاته برفع الرسوم الجمركية وترحيل العمال المُهاجرين، من الممكن أن تؤثر سلبيًا على معدل التضخم، كما أن اقتراح دونالد ترامب، بأنه لابد أن يكون له رأي في السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي، ستكون له عواقب كارثية على هذه السياسة، حسبما أشار معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في دراسة جديدة له.

· تحركات مُغايرة لسعر الفائدة: من المُرجح بشكل كبير أن تتغير تحركات أسعار الفائدة في حال فوز دونالد ترامب، إذ أشار بنك "جيه بي مورجان" إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يوقف تخفيضات أسعار الفائدة في حال فوز دونالد ترامب، حيث يتوقع البنك أن تكون أسعار الفائدة أعلى في عهد دونالد ترامب، إذ إن السياسة المالية التوسعية التي ستشهدها الولايات المتحدة الأمريكية، ستؤدي إلى عجز كبير في الموازنة والتعريفات الجمركية التي سيُقررها، ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة.

· تعزيز نشاط البنوك: ستؤثر شخصية دونالد ترامب كونه رجل أعمال، على نشاط البنوك بشكل كبير، إذ إنه قبل يوم الانتخابات أدت أسهم البنوك الكبرى، بما في ذلك بنك جي بي مورجان أداءً قويًا، إذ يُشير محللو السوق المالي إلى أن فوز دونالد ترامب سيُعزز من عوائد البنوك من خلال المزيد من نشاط الاندماج، فأسهم البنوك وسوق سندات الخزانة توقعا فوز دونالد ترامب، من هنا جاء الانتعاش الكبير، كما يوضح الشكل (2) أن مؤشر داو جونز للبنوك الأمريكية ارتفع إلى 605.96 نقطة في نهاية يوم 4 نوفمبر 2024.

الشكل ( 2) يوضح مؤشر داو جونز للبنوك الأمريكية في 4 نوفمبر 2024

(*) على مستوى الاقتصاد الخارجي: من المُرجح بشكل كبير أن تظهر العلاقات الاقتصادية العالمية بشكل مختلف في حالة فوز دونالد ترامب، وذلك على النحو التالي:

· انخفاض التبادل التجاري: طرحت حملة المرشح الرئاسي دونالد ترامب، عدة مقترحات عن السياسة التجارية الخارجية، إذ أشارت إلى فرض ضرائب جديدة على السلع والخدمات المستوردة، إذ يتضمن ذلك فرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات، وهو الأمر الذي يُقلل من الرواج التجاري العالمي.

الشكل ( 3) يوضح حجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من 2001 إلى 2023

وتحديدًا في التجارة مع الصين، فتوجهات دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على البضائع الصينية، سيُخفض من التبادل التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بشكل كبير، فكما يوضح الشكل (3 )، فإن حجم الواردات الأمريكية من الصين، تذبذب خلال فترة حكم دونالد ترامب من 2017 إلى 2021، على الرغم من انتعاشها خلال الفترة التي سبقتها، وفي عام 2023 كانت الصين رابع أكبر شريك تجاري للسلع مع الولايات المتحدة الأمريكية بإجمالي حجم تجارة بلغ 575 مليار دولار، ورابع أكبر سوق تصدير للولايات المتحدة الأمريكية بقيمة صادرات تبلغ 147.8 مليار دولار، وهو الأمر الذي من المرجح ألا يستمر في حالة فوز دونالد ترامب.

· تدهور العلاقات الاقتصادية مع إيران: من المتوقع أن تكون العلاقات الاقتصادية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية غير مرنة بشكل كبير، فدونالد ترامب في فترة حكمه السابقة، عمل على فرض العديد من العقوبات الاقتصادية على طهران؛ للحد من تطوير إيران للأسلحة النووية، فمن هنا يُمكن القول إن ولاية ثانية لدونالد ترامب تعني مزيدًا من العقوبات الاقتصادية على طهران، وأن البرنامج النووي الإيراني سيواجه عقبات كبيرة.

(-) تأثيرات فوز كامالا هاريس: إن تعامل الديمقراطيين مع الاقتصاد الأمريكي والعالم الخارجي، سيكون لها العديد من التأثيرات الهامة، كما سنوضح على النحو التالي:

(*) على مستوى الداخل الأمريكي: تشتمل خطة كامالا هاريس على العديد من النقاط الاقتصادية، مثل تخفيض ضريبي جديد بقيمة 6000 دولار؛ لمساعدة الأسر الأمريكية على دفع تكاليف المعيشة المرتفعة للسنة الأولى من حياة الطفل الأول، وعلى الجانب الآخر ستعمل هاريس على زيادة معدل الضريبة على الأرباح الرأسمالية طويلة الأجل بنسبة 28% لأولئك الذين يكسبون مليون دولار أو أكثر، وهو الأمر الذي سيكون له تأثيران أحدهما سلبي والآخر إيجابي، فالأول يتمحور حول انخفاض النشاط الاستثماري داخل الولايات المتحدة الأمريكية، أما الثاني فيُشير إلى ارتفاع الإيرادات الضريبية للدولة، مما يترتب عليه زيادة الإنفاق على الخدمات، ومن الجدير بالذكر أن بنك جي بي مورجان توقع أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل بطيء في حال فوز كامالا هاريس.

وحول سياستها في تخفيض معدلات التضخم، ستتبع هاريس سياسة؛ لتخفيض تكلفة السلع على العائلات، والتي تتمثل في سلسلة توريد واسعة النطاق؛ لمنع الاضطرابات، وهذه السياسة سيكون لها تأثير إيجابي بعض الشيء على تحجيم الارتفاع في معدلات التضخم، ولكن من المؤكد أنها ستحتاج إلى سياسات تكاملية لتحقيق الغرض.

ويُمكن القول إن التأثير الإيجابي الأكبر لسياسة هاريس في الاقتصاد الأمريكي، هي اتجاهها نحو تقديم الحوافز للمشروعات التجارية الصغيرة، إذ تهدف إلى تقديم 25 مليون طلب جديد للأعمال التجارية الصغيرة بنهاية فترة ولايتها الأولى من خلال زيادة الخصم الضريبي لتكاليف بدء التشغيل عشرة أضعاف ليصل إلى 50 ألف دولار، بالإضافة إلى تقديم المزيد من القروض المُخفضة، مع تخصيص ثلث العقود الفيدرالية للشركات الصغيرة، وهو الأمر الذي سينعش قطاع الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.

(*) على مستوى الاقتصاد الخارجي: من المُرجح بشكل كبير أن تكون التأثيرات الاقتصادية الخارجية لرئاسة كامالا هاريس للولايات المتحدة الأمريكية أقل حدة من رئاسة دونالد ترامب، فسيظل التنافس التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن مستوى التعامل سيأخذ مسارًا آخر، إذ أشارت كامالا هاريس إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تُزيل المخاطر، وليس أن تنفصل عن الصين، إذ أوضحت أنها ستُحافظ على سياسة "صين واحدة" التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة طويلة، وبالإضافة إلى ذلك في حالة فوز كامالا هاريس ستنشط العلاقات الاقتصادية مع إيران، ومن هنا يُمكن القول أن العلاقات الاقتصادية الخارجية ستتسم بشيء من التوازن في حالة فوز كامالا هاريس.

وفي النهاية، يُمكن القول إنه على الرغم من الحقيقة التي تُفيد بأن تغيُر الرؤساء الأمريكيين لا يؤثر على السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية مع مختلف القضايا، لكن كل رئيس تكون له توجهاته المستقلة في إطار كل قضية يُقابلها، بشكل لا يؤثر على الإطار العام الذي تسير وفقًا له الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا فإن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تنعقد اليوم، سيكون لنتائجها تأثيرات اقتصادية عديدة.