الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ذكرى رحيل سفير الفن اللبناني.. "الرحباني" ملحن نشيد الكونجرس وحاصد الجوائز العالمية

  • مشاركة :
post-title
إلياس الرحباني

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

البحث دائمًا عن الاختلاف، أمر شغل بال الموسيقار إلياس الرحباني، الذي تمر اليوم الذكرى الأولى لرحيله، إذ توفي يوم 4 يناير عام 2021 بعد إصابته بفيروس كورونا، وشكّل رحيله صدمة كبيرة للوسط الفني، وأيضًا لمحبيه، نظرًا لتأثيره البالغ في الموسيقى.

كان إلياس الرحباني قبل أن يدخل عالم الفن وعمره 3 سنوات فقط، يسمع صوت البيانو مقبلًا من خارج نافذته ببيته المتواضع، حيث كانت تعزف طالبات بإحدى المدارس، دون أن يعرف أن هذه آلة موسيقية، وظن أنها من صوت الطبيعة، حتى رأى شقيقته سلوى تعزف نفس المقطوعات الموسيقية على البيانو، ليُدرك هنا سر هذا الصوت الجميل الذي كان يسمعه دائمًا، ليَضع أصابعه للمرة الأولى على البيانو رفقة شقيقته، ويحاول تعلم العزف.

ورغم أن ظروف العائلة المادية لم تكن تسمح وقتها بأن يكون لديهم بيانو، فوجئ إلياس رحباني بأن الآلة الموسيقية دخلت منزلهم المتواضع، وبمُدرسين وموسيقيين بارزين محليًا وعالميًا يُعلمونه العزف، حتى كبر الحلم لديه وتمنى أن يصبح عازف بيانو عالميا شهيرا، لكن إصابة في يده جعلته يصرف النظر عن الحلم، ويذهب إلى عالم التجارة والأعمال، الذي لم يمكث فيه كثيرًا، فتركيبته الفنية لم تستوعب الأرقام والحسابات، وكانت مُبرمجة على الألحان، التي وصلت إلى أكثر من 6500 لحن ومقطوعة موسيقية.

عاد إلياس الرحباني بعد فترة قصيرة في التجارة، إلى عالم الموسيقى، لكن نظرًا لأنه من عائلة فنية وجد أمامه عقبات تتعلق بالمقارنات الجاهزة من قبل الجمهور والنقاد، مع ما يقدمه أخواه منصور وعاصي، وتساؤلات يطرحها إلياس على نفسه حول ما الجديد الذي يُمكن أن يميزه؟ ليجد ضالته في الذهاب للموسيقى الغربية، خصوصًا الفرنسية في بدايته، ساعده على ذلك أنه اطّلع على الموسيقى العالمية في صغره وشبابه، منها الـ "روك أن رول" وموسيقى الـ "جاز" إلى جانب الموسيقى الكلاسيكية والألحان الشرقية.

ووضع الفنان الراحل في بدايته ألحانًا لمطربين عرب مع اسم أجنبي مستعار، إذ قال عن ذلك: لجأت إلى هذه الطريقة لأنه كانت ستوجه لي اتهامات بسرقة الألحان بسبب اسمي العربي، فلم يكن هناك إدراك بأنني موسيقي عربي أضع ألحانًا فرنسية"، ليعترف بعد ذلك موسيقيون عالميون بإنجازه الإبداعي ويحصل على جوائز عالمية منها جائزة بمهرجان أثينا عام 1970 عن مقطوعةLa Guerre Est Finie أو "الحرب انتهت"، والجائزة الثانية في مهرجان لندن الدولي للإعلان عام 1995.

إدراك مدى تأثير موسيقى إلياس الرحباني واختلافها عن السائد، يجعلنا نتفهم أن نشيد "الكونجرس الأمريكي" من تأليفه وتوزيعه، كما وضع نشيدًا للدول الفرنكوفونية - الدول الناطقة باللغة الفرنسية- ليصبح بحق سفيرًا للفن اللبناني بالخارج، الأمر الذي أكد عليه في لقاء إعلامي قبل رحيله قائلًا: قولوا إن موسيقيًا لبنانيًا صنع هذه الألحان.. لا تذكروا اسمي ليس مهمًا ذلك.. فقط اذكروا اسم لبنان.. هذه وصيتي"، وكان الفنان الراحل صادقًا بحق في هذا النداء الذي جاء متزامنًا مع الأزمات التي يعاني منها لبنان حاليًا، إذ كانت أمنيته الأخيرة أن يخرج بلده من كبوته.

أكثر من 6 عقود وضع خلالها إلياس الرحباني ألحانًا مختلفة لنجوم عرب كبار، منهم فيروز في أغاني عدة أبرزها "طير الوروار" و"قتلوني عيونا السود" وغيرها، والمطربة صباح في "شفته بالقناطر" و"كيف حالك يا أسمر"، وعدة أغاني أخرى، لمطربين كبار قدم ألحانه لهم ليلتحقوا بمدرسته الخاصة دون أن ينسى أنه من عائلة الرحبانية.