الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

محمد صبحي: أدرس تقديم جزء جديد من "يوميات ونيس" لإنقاذ جيل بأكمله (حوار)

  • مشاركة :
post-title
محمد صبحي

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

"عيلة اتعمل لها بلوك" ترصد 5 حقب زمنية من المجتمع المصري
هناك من يرى التزامي "ديكتاتورية".. وأساعد الشباب بكورسات تمثيل مجانًا

يحرص الفنان المصري الكبير محمد صبحي، على إثارة قضايا تهم الوطن العربي، والاهتمام بطرح موضوعات تؤثر في وجدان الجمهور والأجيال الجديدة، وفي حواره مع "القاهرة الإخبارية" كشف محمد صبحي، عن تفاصيل مسرحيته الجديدة "عيلة اتعمل لها بلوك" التي يقدم من خلالها 5 حقب زمنية، مرت بها مصر بداية من وقت الزعيم المصري سعد زغلول وصولا إلى شكل مصر بعد 200 عام مستندا في ذلك على تقارير عالمية، مشيرا إلى أنه واجه صعوبات على مستوى ملابس وديكور ومفردات وأغاني كل حقبة زمنية.

كما تطرق صبحي، في حواره إلى عودته للدراما التليفزيونية بعد غياب 10 سنوات، من خلال عمل كوميدي اجتماعي، وكذلك موقفه من تقديم جزء جديد من مسلسل "يوميات ونيس"، وتحدث أيضا عن سبب رفضه تقديم أعمال في موسم رمضان، والشرط الذي يضعه في جميع تعاقداته، وأيضا دعمه للشباب بكورسات تمثيل مجانية، وتفاصيل أخرى تحدث عنها في هذا الحوار :

لماذا تحمست لتقديم مسرحية "عيلة اتعمل لها بلوك"؟

كان من المفترض أن تُعرض المسرحية منذ فترة، لولا جائحة كورونا، حيث أجلتها وقدمت بدلاً منها مسرحية "نجوم الضهر"، لأنني أعتبر "عيلة اتعمل لها بلوك" رواية مسرحية صعبة جدًا، وهي شكلاً ومضمونًا من أقوى الأعمال التي تصدرت لها كمخرج، ومعنى اسم المسرحية أن كل عائلة تلغي مميزات ما قبلها، ولذلك نصل إلى أجيال مختلفة، وهذا الاختلاف يكون حول ماذا يسمع الأجيال زمان والآن، وكيف تفكر، والأشياء التي تحبها وتفضلها، وشكل التعليم، وكل الفروق سيشاهدها الشخص البالغ من العمر 70 عاما، وسيتذكر ما عاشه من خلال العرض، وحتى الأجيال التي لم تعاصر زمنًا معينًا ستشاهد وتعرف ما كان يدور فيه، حيث يُعرض للمشاهد 5 أزمنة عشناها بداية من أيام الزعيم سعد زغلول وحتى يومنا هذا، ونرى من خلالها ماذا حدث للإنسان في كل أسرة، وتوالى الأجيال والأزمنة التي عاشتها مصر، مع الحراك السياسي والثقافي والفكري والسلوك الإنساني والذوق العام، والمسرحية هي دعوة ألا نلغي من مورثاتنا أجمل ما فينا.

والمسرحية كوميدية غنائية استعراضية بالشكل العلمي للغناء، فهي ليست عرضًا نستمع فيه لبعض الأغاني، ولكن مع كل عصر نرى الأغاني التي كانت موجودة فيه، وشكل الفن وسلوك البشر مع بعضهم، مثل القرابة وصلة الرحم.

كيف واجهت كل هذا التحدي؟

نعم هو تحدٍ صعب جدًا، لكنه في الوقت نفسه يحمل متعة سمعية وبصرية وذهنية، وصعوبته هو كيف تعيش في عصر 1927 وهو العام الذي مات فيه سعد زغلول، ونقوم بربط مفردات اللغة في هذا الوقت،للأسف نرى أعمالا فنية تقدم توثيقًا عن 200 عام، ولكنها تستخدم مفردات الوقت الحالي، ولكنني في المسرحية كنت حريصًا جدًا على تقديم كل كلمة في محلها، والمفردات التي تتناسب مع كل عصر، فالعملية كانت قائمة على البحث الدقيق، وكل هذا يحقق متعة سمعية وبصرية ووجدانية للمشاهد.

كما أن الأمر لا يتعلق فقط بالماضي، ولكن المسرحية تأخذنا أيضا لمصر عام 2127، ونبدأ المسرحية بهذا العام ونرى كيف سنكون بعد 100 عاما، وهو أمر مبني على تقارير عالمية، وليس من اختراعي، لنرى أول نبتة في مواطن عام 2127 هي نفسها أول نبته للمواطن عام 1927، ونرى ماذا لو استمررنا على هذا النهج خلال 200 عام.

هل شاركت في الكتابة؟

العرض فكرتي ورؤيتي، وكنت متحمسا جدا لها، ولتقديمها منذ فترة.

المسرحية تجمع نجوما سبق أن عملت معهم من قبل، فهل تكرار عملك مع بعض الفنانين نابع من ارتياحك للعمل معهم؟

لا أستطيع أن أعلّم الفنان الأخلاق، ولكن أعرف كيف أعلّمه الفن، لذا أختار المستوى الذي يحترم نفسه كفنان، ولديه نفس العقيدة في تقديم فن يبني، وهو ما يريحني في شغلي، فلا يوجد إنسان مكتمل، ولكن أفضّل أن يكون عنده 90% أخلاق والتزام، و70% فن، وهو أفضل بالنسبة لي من أن يكون عكس ذلك.

البعض يرى أن مسرح محمد صبحي حازم، فما السبب في ذلك؟

للأسف لا يقولون حازما، ولكن يعبّرون عن ذلك بلفظ الديكتاتورية، وهذا جهل، لأن الديكتاتورية هي التفرد بالرأي، في حين أنني ملتزم في مواعيد فتح الستارة التي تفتح بالدقيقة، وبعد موعد فتح الستارة لا يدخل أحد حتى إذا أعاد التذكرة واسترجع أمواله، وطوال عمري على مدار 50 عاما أتّبع هذا الأسلوب، وللأسف هذا الالتزام يحولونه إلى اتهام، حيث يقولون صعب والبروفة تبدأ بالثانية، وممنوع دخول ضيوف أو زيارات، وهذه الإيجابيات تتحول إلى عيب بالنسبة للبعض، نعم أنا ديكتاتور في الالتزام، وعندما أقول للفنان إنه لابد أن يأتي قبل رفع الستارة بساعة ونصف لكي يجهز، فأنا أسبقه بثلاث ساعات، فهذا الالتزام أنا أول من ينفذه.

كما أن فرقة ستوديو الممثل التي أسستها كانت على غرار فرقة "أكتارز استوديو"، للمسرحي الروسي ستانيسلافسكي وهو أول من وضع منهج التمثيل والمسرح، فقد رفضت تسمية فرقتي باسم فرقة محمد صبحي؛ لأنني لا أقدم نفسي، بل فكري الذي تحول لمسرح، وأيضا مدينة سنبل، رفضت تسميتها باسمي لأنها مدينة ثقافية، وأنا أول من اقتحم الصحراء.

على ذكر ستوديو الممثل.. تعطي الفرصة لأجيال من الشباب بتعليمهم بالفرقة، حدثنا عن دورك في هذا الأمر؟

هذا أمر ضروري وأقدمه على مدار 50 عاما حيث أدرب الشباب مجانا، وليس مثل ورش التمثيل التي تحصل على مقابل من الشباب لتدريبهم، فأنا لا أقبل جنيهًا واحدًا لتدريب شخص، وهو ما يجعلني أختار الموهبة الحقيقية التي تستحق التدريب، وليس التي تدفع مقابلًا، ويتم تدريبهم على مدار من 4 إلى 6 أشهر، ويتم تخريج 30 شخصًا في كل مرة، وأختار أفضل العناصر للعمل في الفرقة الكبيرة، وقد خرّجت أجيالًا، منهم من أصبحوا نجوما بعد ذلك، بداية من عرض "بالعربي الفصيح"، و"هاملت" عام 1971، مثل هناء الشوربجي، وخالد زكي، وأحمد ماهر، وصلاح رشوان، وكلهم تلاميذي، وحتى الشباب الذين شاركوا في المسرحيات الأخيرة في "غزل البنات"، و"خيبتنا"، و"النحلة والدبور"، و"نجوم الضهر"، كانوا دفعة ستوديو الممثل عام 2017 التي تدربت ونجحت.

وهناك دفعة 2022 يحصلون على تدريبات مجانا، والبعض يسألني لماذا أعطي الورش مجانا في حين أن هناك من يدفع 18 و20 ألفًا للحصول على كورس في أماكن أخرى؟ وأقول لهم إنني أعلّم الشباب من أجل قضية، وأن يكونوا إضافة للمهنة، ولا أضيف للوسط الفني ما يعيبه أو يدمره، ودائما أول محاضرة في كورسات التمثيل تكون كيف تحافظ على شرف المهنة.

يجمع مسرح محمد صبحي بين العمق في التناول والمتعة، كيف تحقق هذه المعادلة؟

أتذكر ما قاله لي الكاتب لويس عوض "أنت فنان مستفز"، فقلت له: "في عرضك أنا بذلت مجهود في المسرحية، ورجاء لا تكتب شيئًا عني يدمرني"، فردد كلامه قائلًا: "بقولك أنت فنان مستفز، جعلتني أنا والشخص الموجود بجواري نفهم ما تقدمه بالعرض"، وذلك في إشارة منه إلى أن المسرحية تستطيع الوصول لكل العقول، المتعلم والجاهل، وطلبت منه أن يسأل الفنانين ما عنوان بروفات المسرحية فقالوا له: "أن يخرج المثقف والأمي من العرض بوعي واحد".

وما ذكرتيه هو الأساس في المسرح الذي أقدمه، وهي أنها تجمع بين العمق والتبسيط، لأنني أريد من كل الفئات أن تفهم وتستوعب ما أقدمه، وهي خلطة صعبة لأننا للأسف مازلنا نُصر على أن الإسفاف و"التفاهة" هي ما تضحك، في حين أن أعمالي كلها أثبتت أن ما يضحك عندما تفكر بعقلك، وأن متعة المشاهد هي الأساس، والحمد لله المسرح الذي أقدمه في الصحراء بمدينة سنبل تكون صالة المسرح كاملة العدد من الجمهور منذ عام 2017، فالجمهور يثق فيما يقدم له ويضحك، وعندما يذهب إلى منزله أو عمله لا ينسى الرواية وتعيش معه.

هل فكرت في تقديم مسرحيتك تليفزيونيًا؟

بعد أن تكمل سنتين سيتم عرضها على الشاشة، حيث حصلت الشركة المتحدة على حقوق العرض التليفزيوني، وعرضت قناة cbc مسرحية "نجوم الضهر"، ولكنني لا أقدم مسرحية تليفزيونية أو للعرض التليفزيوني مباشرة، فالمسرحية تعيش حينما تعرض أولا على خشبة المسرح، وبعد عامين تذاع على الشاشة.

ارتبط المشاهد بمسلسل "يوميات ونيس".. هل لديك النية لتقديم جزء جديد منه؟

المسلسل فيه 28 أو 29 فنانا رحلوا عن الحياة، والجمهور ارتبط بأسرة ونيس، وحتى عند رحيل الفنانة سعاد نصر بعد الجزء الخامس، ظللت لمدة 10 سنوات، رافضا تقديم أي أجزاء أخرى من المسلسل، أو أن يكون هناك بديلا لسعاد نصر؛ لأنه يحطم المعنى الوجداني عند الناس بالعمل، ولذلك كان المشاهد سعيدًا من أول يوم في الجزءِ السادس والسابع والثامن، وأرى أنه عندما رحلت زوجة "ونيس"، وبدأت الأحداث في الجزء السادس بأن "مايسة"، تلك الشخصية التي قدمتها سعاد نصر، رحلت منذ 10 سنوات، فأصبحت الغائب الحاضر، وماذا سيفعل ونيس بعد رحيل زوجته؟ ثم قدمت جزءًا عن ونيس والأحفاد، ثم جزءًا عن "ونيس وأحوال البلاد".

وعندما أفكر في تقديم جزء جديد من ونيس في هذا العصر، بعد أن أصبح سجين نفسه، لأن العالم حوله تغير، فحينما قدمت ونيس عام 1994 رأيت بعض المآخذ البسيطة في الأسرة العربية، بينما حاليا يعيش في عزلة من نفسه، فهذه ليست شخصية ونيس، لأنه حتى وإن أنقذ كل من حوله سيجاهد لإنقاذ جيل بأكمله.

هل من الممكن أن تقدم جزءًا جديدًا؟

نعم، وارد جدًا ولكن ليس بنفس تركيبة ونيس التي عشناها في السابق، حيث سنرى في الجزء الجديد كيف أصبح ونيس وحيدًا وابتعد عنه كل الأشرار والخيرين في هذه الأسرة الكبيرة، وماذا سيفعل، فيقرر النزول للنجوع والقرى والأحياء البسيطة لإنقاذ جيل كامل قادم.

هل كتبت منه حلقات ؟

لا لم أكتبه، لانشغالي في التجهيز لمسلسل آخر قبله، والذي نجري كتابته وتحضيره، وهو عمل ضخم يعاصر اللحظات التي نعيشها، في إطار كوميدي اجتماعي.

هل ستقدم منه أجزاء؟

لا، جزء واحد فقط، فعلى الرغم من أنني قلت في السابق أنني سأقدم من "ونيس" جزءًا واحدًا، ولكن قدمت منه 8 أجزاء، ولكن لن أقبل أبدًا فكرة تقديم عمل على 10 حلقات، على المنصات، ولن أقبل أيضًا 200 حلقة، أو ورش العمل التي تكتب وتخرج، فأنا معترض على ورش العمل التي تكتب وتخرج، وأشبّه المسألة بعدم اقتناعي بأن يقوم نحات بصنع تمثال بمشاركة 10 نحاتين آخرين، فالنحات صاحب فكر في رأسه، يخرجه كمادة بالنحت، وكذلك المؤلف، فلم نسمع يوما استعانة أسامة أنور عكاشة أو محمد صفاء عامر أو جلال عبد القوي وغيرهم الكثير، الاستعانة بأي شخص ليشاركهم الكتابة، وهذا الأمر كنت حريصا عليه في كل أعمالي، مثل "رحلة سنبل بعد المليون" و"فارس بلا جواد"، و"ونيس" وكل أعمالي لم يشارك فيها أي ورش كتابة، ولكنها خرجت من عقل واحد فقط، ممكن أن تكون فكرة واحد فقط، وكتابة شخص آخر.

والأسوأ من ذلك أيضا، وجود ورش إخراج حيث يشارك في المسلسل 5 مخرجين، منهم من يصور مشهدين في مكان ما، وآخر يصور مشهدين في مكان غيره، فضلا عن كتابة 3 حلقات فقط قبل دخول التصوير، بينما أنا عندي منهج ثابت على مدار 50 عاما أن يكون المسلسل سواء 30 أو 60 حلقة جاهزًا كاملًاا قبل بدء تصوير أول مشهد، بل وكل ممثل معه جدول بكل مشاهده ومواعيدها باليوم والساعة، بينما ما نراه حاليا أمر مؤسف أن يحصل الممثل على 3 حلقات من العمل، ويبدأ التصوير، ويكتب المؤلفون الحلقات على الهواء في غرفهم، ويخرجون لتصويرها فالأعمال لا تكون متماسكة والأحداث غير منطقية.

كما أنني أسير بمنهج في أعمالي، فلا يمكن أن أبدأ التصوير إلا بعد أن يكون العمل جاهزًا ومكتملًا وأجريت بروفات لمدة شهر قبل تصويره، وأرفض قطعًا تقديم أي عمل بموسم رمضان، فعلى مدار 20 عاما أرفض تقديم أي عمل من أعمالي بشهر رمضان.

وسوم :