الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"حماس" بعد "السنوار".. هل تتجاوز الحركة خسارة قادتها؟

  • مشاركة :
post-title
يحيى السنوار وإسماعيل هنية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أحدث إعلان حركة حماس عن استشهاد يحيى السنوار، أحد أبرز قادتها التاريخيين، هزة كبيرة في المشهد الفلسطيني، لكن محللين وخبراء يؤكدون أن الحركة ستواصل مقاومتها؛ رغم هذه الخسارة الاستراتيجية، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن تاريخ الحركة يشير إلى قدرتها على التكيف والاستمرار، رغم الضربات القوية التي تتلقاها.

تاريخ حافل

شكل السنوار، الذي رافق الحركة منذ تأسيسها في الثمانينيات، علامة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، وخلال سنوات قيادته، نجح في تطوير قدرات الحركة العسكرية والتنظيمية بشكل غير مسبوق.

يقول الدكتور محمد صالح، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، إن "السنوار كان يمثل جيلًا كاملًا من القادة الذين جمعوا بين الخبرة السياسية والقدرة على إدارة التنظيم في أصعب الظروف، لكن الحركة أثبتت دائمًا قدرتها على تجاوز خسارة قياداتها."

البنية التنظيمية تتجاوز الأفراد

وفي تحليل معمق للوضع الراهن، يؤكد فؤاد خفش، المحلل السياسي المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن "قوة حماس تكمن في بنيتها التنظيمية المتماسكة التي تتجاوز الأفراد."

ويضيف: "على مدى أربعة عقود، نجحت الحركة في بناء هيكل تنظيمي متين يعتمد على مؤسسات وليس على أشخاص، وهو ما يضمن استمرارها رغم الخسائر القيادية."

ويرى روبرت مالي، المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط في حديثه للصحيفة، أن "اغتيال القادة السياسيين نادرًا ما يؤدي إلى تغيير جذري في مسار الحركات المقاومة".

ويضيف: "التاريخ يعلمنا أن مثل هذه الضربات قد تؤدي إلى اضطراب مؤقت، لكنها لا تغير المعادلة الأساسية على الأرض."

دروس من التاريخ

تستذكر الصحيفة كيف واصلت الحركة نشاطها وتطورت بعد اغتيال قادة تاريخيين مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، إذ يشير دانيال ليفين، الباحث في معهد بروكينجز، إلى أن "تجربة العقدين الماضيين في الشرق الأوسط تظهر أن اغتيال القادة قد يؤدي إلى ظهور قيادات أكثر تشددًا."

ويضيف: "المنظمات التي تمتلك قاعدة شعبية وبنية تنظيمية قوية تستطيع تجاوز فقدان قياداتها."

ومن جانبه يقول الدكتور رمزي مرديني، الباحث في معهد بيرسون بجامعة شيكاغو: "التجربة التاريخية تؤكد أن اغتيال القادة لم يؤد يومًا إلى إضعاف روح المقاومة، بل على العكس، كان يؤدي في كثير من الأحيان إلى تصعيد المواجهة وظهور قيادات جديدة أكثر تصميمًا."

تحديات القيادة الجديدة وفرصها

يرى خبراء أن القيادة الجديدة للحركة ستواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة، ويشرح الدكتور حسن أبو هنية، خبير الجماعات المسلحة في معهد السياسة والمجتمع بالأردن، قائلًا: "التحدي الأكبر أمام القيادة الجديدة يتمثل في الحفاظ على تماسك الحركة وقدرتها على المناورة في ظل الظروف الصعبة الراهنة، لكن هذه التحديات قد تخلق أيضًا فرصًا لتجديد الخطاب وتطوير الاستراتيجيات."

تحولات في الاستراتيجية العسكرية

وتكشف الصحيفة عن تحول مهم في استراتيجية المقاومة خلال المواجهات الأخيرة. يقول العميد المتقاعد حسام عايش، المحلل العسكري: "المقاومة تعمل اليوم بنظام الوحدات الصغيرة المستقلة التي لا تتجاوز 12 مقاتلًا، وهو ما يمنحها مرونة كبيرة في الميدان ويجعلها أقل تأثرًا بفقدان القيادات العليا."

مستقبل المفاوضات والحل السياسي

يطرح غياب السنوار تساؤلات حول مستقبل المفاوضات وإمكانية التوصل لحلول سياسية، إذ يرى مايكل أيزنشتات، الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن "غياب السنوار قد يؤثر على ديناميكيات المفاوضات، لكن الحركة تمتلك قيادات أخرى قادرة على اتخاذ القرارات المصيرية". ويؤكد هذا التحليل تقارير دبلوماسية غربية تشير إلى وجود قنوات اتصال متعددة مع الحركة.

كما تنقل الصحيفة عن جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، قوله: "التحدي الحقيقي ليس في قدرة حماس على البقاء كتنظيم، بل في كيفية إدارة المرحلة المقبلة وسط الدمار الهائل في غزة". ويضيف: "فقدان السنوار قد يؤثر على المفاوضات الجارية، لكنه لن يغير موقف الحركة الأساسي."

الأبعاد الإقليمية والدولية

وتتناول الصحيفة تأثير هذا التطور على العلاقات الإقليمية للحركة، حيث يشرح الدكتور علي باكير، الخبير في الشؤون الإقليمية: "علاقات حماس الإقليمية تتجاوز الأشخاص وترتبط بمصالح استراتيجية متبادلة، قد تتأثر بعض قنوات التواصل مؤقتًا، لكن سرعان ما ستعود الأمور إلى مسارها الطبيعي."

استشراف المستقبل

تختتم نيويورك تايمز بتحليل لمستقبل المقاومة في غزة، إذ يقول روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن: "التحدي الحقيقي يكمن في كيفية التعامل مع اليوم التالي في غزة، مجرد إضعاف قيادة حماس لن يحل المشكلة الأساسية في المنطقة."

أما الدكتور خليل شاهين، مدير الأبحاث في مركز مسارات فيشير إلى أن: "التحدي الحقيقي يتجاوز مسألة القيادة إلى كيفية الحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني في ظل التحديات الراهنة، المقاومة ستستمر، لكن شكلها وأدواتها قد تتغير وفقًا لمتطلبات المرحلة."