وصف هشام مهنا، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، العدوان على غزة بعد مرور عام عليها، بالأزمة الإنسانية غير المسبوقة، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لا تزال اللجنة تتلقى نداءات استغاثة من الأهالي العالقين والنازحين وسط تواصل القصف الإسرائيلي، مؤكدًا عدم وجود أي مكان آمن في القطاع المحاصر.
وقال "مهنا" في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية": "نحن أمام علامة فارقة في التاريخ الإنساني في غزة، إذ لم نشهد مثل هذه الأزمة الإنسانية من قبل، ولا زلنا نتلقى نداءات استغاثة من الأهالي العالقين وسط القصف ومن النازحين الذين يتأثرون من أوامر الإخلاء التي يصدرها جيش الاحتلال في كل وقت، ما يؤدي إلى اضطرارهم من الخروج من أماكن وجودهم ونزوحهم إلى أماكن أخرى مجهولة وعديمة الإمكانيات".
وأضاف مهنا: "على مدار عام، لا يوجد مكان آمن في غزة، وهذه حقيقة راسخة في القطاع، خاصة مع اشتداد الحرب، إذ لم يتوقف القصف على مدار عام واستمرار دوي الانفجارات في جميع الأركان".
أزمة بيئية وصحية
وصرّح "مهنا" بأن هناك أخطارًا أخرى تحدق بالمدنيين المحاصرين في قطاع غزة، منها تفشي العديد من الأمراض المعدية نتيجة للأزمة البيئية والصحية التي خلّفها غياب توفير مضخات مياه الصرف الصحي وتعطلها، وانتشار ملايين الأطنان من القمامة، مع تكدس النازحين، وانعدام أدوات التنظيف وسبل النظافة.
من جهة أخرى، هناك خطر يحدق بالأطفال عام في قطاع غزة، وهو انتشار للتلوث بسبب الأسلحة وهو غير محدد حتى هذه اللحظة، قبل يومين فقد أحد الأطفال أرواحهم وتعرض طفلين آخرين لإصابات شديدة نتيجة لانفجار جسم مشبوه، وهذا من مخلفات الحرب، بحسب قوله لموقع "القاهرة الإخبارية".
وفي بيان نشرته اللجنة، اليوم الأحد، وحصل موقع "القاهرة الإخبارية" على نسخة منه، قالت فيه إنه: "منذ بدء العدوان على غزة العام الماضي، ازدادت التحديات التي تواجه سكان القطاع زيادة حادّة. وقبل 7 أكتوبر من العام الماضي، كان سكان غزة يعيشون بالفعل في ظل تحديات نتجت عن موجات متعددة من التصعيد في السنوات الأخيرة وعن آثار عمليات الإغلاق، ومحدودية وصول المساعدات الإنسانية".
وتابع البيان: "وبعد عام من العدوان المدمّر، أصبحت آلام الحزن والمعاناة التي يتكّبدها الملايين شديدة. ولا يزال المدنيون يعانون من وطأة الحرب الذي تسبّب في استشهاد عشرات الآلاف أو إصابتهم أو اختفائهم. وبلغ تدمير البنية التحتية الأساسية وانهيار الخدمات الأساسية – بما في ذلك الرعاية الصحية – مستويات كارثية. ويكافح الكثير من الناس من أجل البقاء على قيد الحياة وسط المشقات والتحديات المستمرة التي يواجهونها، بما فيها الأعمال العدائية الفعلية، والنزوح الواسع النطاق، وندرة الموارد".
واختتم البيان: "تكرّر اللجنة الدولية دعواتها إلى حماية السكان المدنيين، والوصول إلى جميع المعتقلين الفلسطينيين، وإلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك المبدأ الأساسي المتمثل في وجوب حماية المدنيين".
وحشية إسرائيلية
وفي محاولة من الاحتلال الإسرائيلي لإرهاب العاملين في القطاع الإنساني والمدني بالقطاع، وبالرغم من أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي منظمة محايدة وغير متحيزة ومستقلة تؤدّي مهمة إنسانية بحتة تنبع من اتفاقيات جنيف لعام 1949، إلا أن محيط مقرها بغزة تعرض للاستهداف الإسرائيلي، بعد ما قصف الاحتلال مخيمات النازحين بالقرب من مكتب الصليب الأحمر.
وأشار "مهنا" إلى البيان الصادر عن اللجنة، في وقت سابق، الذي قال "إنه قذائف من عيار ثقيل سقطت على بُعد أمتار من مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد ظهر يوم الجمعة، وقد ألحقت الضربة أضرارًا بهيكل المكتب الذي يحيط به مئات المدنيين النازحين الذين يعيشون في خيام، بما في ذلك العديد من العاملين الفلسطينيين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
هذا القصف الذي تسبب في تدفق أعداد كبيرة من الضحايا إلى مستشفى الصليب الأحمر الميداني القريب، حيث استقبل المستشفى 22 شهيدًا و45 جريحًا، مع تقارير عن وقوع إصابات إضافية.
لا أحد في مأمن
وأكد "مهنا" أن هذا الحادث الأمني الخطير هو واحد من عدة حوادث تعرّضت لها اللجنة، حيث وصلت الرصاصات الطائشة في السابق إلى منشآتها، مدينًا هذه الحوادث التي تعرّض حياة العاملين في المجال الإنساني والمدنيين للخطر.
وذكر المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أنه خلال عام من الحرب، واجهنا العديد من التحديات، من ضمنها عدم توفر الضمانات الأمنية لأعضائنا، حيث تعرّضت قافلة إنسانية للجنة الدولية للصليب الأحمر، لإطلاق نار في نوفمبر الماضي، التي كانت مؤلّفة من خمس شاحنات ومركبتين تابعتين للجنة الدولية، وتحمل إمدادات طبية منقذة للحياة إلى مرافق صحية، من ضمنها مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. ولحقت أضرار بشاحنتين، وأُصيب سائق بجروح طفيفة.
وبعد الواقعة، غيّرت القافلة مسارها ووصلت إلى مستشفى الشفاء حيث قامت بإيصال الإمدادات الطبية. وبعد ذلك، رافقت قافلة اللجنة الدولية ست سيارات إسعاف تقلّ مرضى مصابين بجروح خطيرة إلى معبر رفح.
وأكد مهنا "أن جميع المقرات اللجنة تحمل إشارة الصليب وهي إشارة محمية وموقعنا معلومة لدى أطراف الحرب، وبموجب القانون الإنساني الدولي، فإنها ملزمة باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين وإلحاق الضرر بالأهداف المدنية، بما في ذلك المرافق الإنسانية".
وقال "مهنا" إنه بعد مرور عام منذ اندلاع الحرب واستمرار المعاناة الإنسانية في قطاع غزة من مختلف الزوايا، أصبح من الضروري منع تدهور الوضع الإنساني أكثر من ذلك، وتجدد اللجنة الوطنية للصليب الأحمر ندائها، خاصة مع توسع بقعة الصراع في المنطقة التي امتدت خارج حدود غزة.
وأضاف: "كذلك ينبغي توفير الحماية للفرق الطبية والمستجيبين، ولا بد من إمداد المستشفيات بكل ما يلزم من أجل بقائها قيد التشغيل من مستلزمات طبية وأدوية وأجهزة وفرق إنسانية ووقود وضرورة وضع حد لإنهاء الكارثة".
وأكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أنه من الضروري لجم نيران الحرب، حيث لا بد من إحداث تغيير حقيقي وفوري، في حياة المدنيين في قطاع غزة، ولا بد من إتاحة الدعم الإنساني للوصول بشكل آمن ومستمر غير منقطع إلى كل أنحاء القطاع، مع توفير لتدابير الأمنية اللازمة لفرق الإنسانية التي سوف تعمل على إيصال هذا الدعم، من أجل تكثيف استجابتها وتحقيق الحد الأدنى من الاستجابة الإنسانية الملموسة التي تنعكس على المدنيين.