الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الحكومة الفرنسية الجديدة.. تحولات سياسية وتأثيرات على العلاقة مع بروكسل

  • مشاركة :
post-title
اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

بعد شهرين من الترقب والتكهنات، أعلنت فرنسا أخيرًا عن تشكيل حكومتها الجديدة، وهذا التغيير في المشهد السياسي الفرنسي يحمل في طياته تداعيات مهمة على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وعلى السياسات الداخلية والخارجية للبلاد، في هذا الصدد سلطت صحيفة "بوليتيكو" في نسختها الأوروبية، الضوء على أبرز ملامح الحكومة الجديدة وتأثيراتها المحتملة على المستويين المحلي والأوروبي.

صراع النفوذ بين ماكرون وبارنييه

وبحسب "بوليتيكو"، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون، نجح في الاحتفاظ بمؤيديه في الوزارات الرئيسية مثل الاقتصاد والطاقة، ما يشير إلى رغبة الرئيس في الحفاظ على السيطرة على الملفات الاستراتيجية التي تؤثر بشكل مباشر على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، فإن طريقة توزيع الحقائب الوزارية تكشف عن رغبة رئيس الوزراء الجديد ميشيل بارنييه في لعب دور أكثر فاعلية في الملفات المتعلقة بالاتحاد الأوروبي.

وذكرت الصحيفة، أن هذا التوجه يتجلى بشكل خاص في قرار جعل الوزراء المكلفين بشؤون الاتحاد الأوروبي والميزانية يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى بارنييه.

تداعيات الصراع الخفي

هذا الترتيب الجديد قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في كيفية صياغة السياسات الفرنسية تجاه الاتحاد الأوروبي، فمن ناحية، قد يؤدي إلى مزيد من التنسيق والتكامل في الموقف الفرنسي تجاه القضايا الأوروبية، وفقًا للصحيفة. 

ومن ناحية أخرى، قد يخلق توترات داخلية إذا ما تعارضت رؤية الرئيس مع توجهات رئيس الوزراء في بعض الملفات.

ونقلت "بوليتيكو" عن محللين، قولهم إن هذا الترتيب قد يكون محاولة من بارنييه، الذي يتمتع بخبرة واسعة في الشؤون الأوروبية، لتعزيز دور فرنسا في صياغة السياسات الأوروبية.

في الوقت نفسه، قد يشكل هذا تحديًا لماكرون الذي سعى منذ توليه الرئاسة إلى لعب دور محوري في تشكيل مستقبل الاتحاد الأوروبي.

تحديات اقتصادية هائلة

تواجه الحكومة الفرنسية الجديدة تحديات اقتصادية غير مسبوقة، على رأسها ضرورة خفض العجز الضخم في الميزانية، وقد تم تعيين أنطوان أرماند، وهو نائب شاب من حزب ماكرون يبلغ من العمر 33 عامًا، وزيرًا للاقتصاد والمالية لهذا الغرض.

وتشير "بوليتيكو" إلى أن أرماند مطالب بإعداد خطة متعددة السنوات لخفض العجز وتقديمها إلى بروكسل في غضون أيام قليلة لتجنب غرامة من الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه المهمة تبدو شبه مستحيلة، خاصة مع وجود ضغوط من حلفاء حزبه لعدم رفع الضرائب.

فرنسا تحت المجهر الأوروبي

تخضع فرنسا حاليًا لما يسمى بـ"إجراء العجز المفرط"؛ بسبب انتهاكها لقواعد الإنفاق الأوروبية العام الماضي، ما يضع الحكومة الفرنسية تحت ضغط هائل لتقديم مسار موثوق لخفض العجز وقائمة من الإصلاحات المعززة للنمو.

يرى خبراء اقتصاديون أن فرنسا قد تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق التوازن بين متطلبات بروكسل وضرورات الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، خاصة في ظل التوترات الاجتماعية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، وفقًا لتقرير الصحيفة. 

بارنييه يعزز قبضته على ملف الميزانية

في تطور لافت للنظر، تم وضع وزير الميزانية الجديد لوران سان مارتان تحت سلطة رئيس الوزراء مباشرة، بدلًا من وزير الاقتصاد، كما جرت العادة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الترتيب غير المسبوق يعطي ميشيل بارنييه سيطرة مباشرة على ملف الميزانية، ويشير إلى رغبته في المشاركة بشكل مباشر في المفاوضات مع بروكسل حول هذا الملف الحساس.

تداعيات التغيير على العلاقات مع بروكسل

كما يرى محللون أن هذا التغيير قد يكون له تأثير كبير على كيفية تعامل فرنسا مع المفاوضات المالية مع الاتحاد الأوروبي، إذ إن بارنييه، بخبرته الواسعة في الشؤون الأوروبية، قد يكون قادرًا على التفاوض بشكل أكثر فعالية مع بروكسل حول قضايا الميزانية.

في الوقت نفسه، قد يثير هذا الترتيب الجديد تساؤلات حول مدى استقلالية وزارة الاقتصاد في صنع القرار المالي، كما قد يؤدي إلى توترات محتملة بين مكتب رئيس الوزراء ووزارة الاقتصاد إذا ما تعارضت الرؤى حول كيفية إدارة الملف المالي.

الطاقة النووية

عادت أنييس بانييه-روناشيه، المعروفة بدعمها القوي للطاقة النووية، إلى منصب وزيرة الطاقة، ولكن هذه المرة بصلاحيات أوسع بكثير، فبدلًا من كونها وزيرة دولة تحت إشراف وزير الانتقال البيئي، أصبحت بانييه الآن تتمتع بسلطة كاملة في إدارة ملف الطاقة.

ملف التجارة

يبدو أن التحول نحو اليمين في الحكومة الجديدة سيكون له تأثير عميق على موقف فرنسا من الملفات التجارية، إذ تم تعيين صوفي بريماس، من حزب الجمهوريين اليميني، وزيرة للتجارة.

وبحسب "بوليتيكو"، فإن بريماس عارضت سابقًا وبشكل علني اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكندا (CETA)، كما أنها تعارض بشدة اتفاقية التجارة مع دول الميركوسور، واصفة إياها بأنها "مدمرة" للزراعة الفرنسية.