اقتربت حكومة ميشيل بارنييه في فرنسا من النضج، إذ أعلن حزب الجمهوريين اليميني موافقته على المشاركة في الحكومة الجديدة، رغم معارضة الكتلة اليسارية لاختيار الرئيس إيمانويل ماكرون السياسي اليميني لرئاسة الوزراء، وتجاهل نتائج الانتخابات التي أجريت في يوليو الماضي.
كشفت مصادر حزبية لصحيفة لوموند الفرنسية، أن نواب وشيوخ حزب الجمهوريين منحوا موافقتهم الرسمية على مشاركة أعضاء من حزبهم في حكومة "بارنييه".
وفي هذا السياق، قال لوران فوكييه، رئيس كتلة النواب الجمهوريين: "نحن مستعدون للمشاركة في الحكومة، مع الحرص على ضمانات لسياسة يمينية حقيقية في القضايا التي نعتبرها أساسية"، ما يشير إلى أن الحزب يسعى للحفاظ على هويته السياسية اليمينية حتى مع مشاركته في حكومة قد تضم أطرافًا من مختلف التيارات السياسية.
"حكومة جديدة"
وفي خطوة تعكس رغبته في إحداث تغيير جوهري، وعد "بارنييه" النواب بتشكيل "حكومة جديدة"، وليس مجرد إجراء تعديل وزاري، وهذا الوعد يأتي في إطار ما يسمى بـ"التعايش المتطلب" الذي يروج له قصر الإليزيه، مقر الرئاسة الفرنسية.
وفقًا للصحيفة الفرنسية، التقى بارنييه بـ97 نائبًا من أحزاب مختلفة خلال يومهم البرلماني الافتتاحي في محاولة منه لبناء جسور التواصل مع مختلف الكتل البرلمانية، وهو أمر ضروري لضمان استقرار حكومته المستقبلية.
ويواصل "بارنييه" جهوده الحثيثة لتشكيل حكومته الجديدة في ما يبدو وكأنه سباق ضد الزمن، إذ أجرى سلسلة من المشاورات في مقر رئاسة الوزراء، المعروف باسم "ماتينيون"، حيث التقى بقادة الأحزاب الرئيسية.
من بين هؤلاء القادة، التقى بارنييه بمارك فيسنو من حزب الحركة الديمقراطية، وهو حزب وسطي معروف بدعمه للاتحاد الأوروبي.
كما التقى بستيفان سيجورنيه من حزب الجمهورية إلى الأمام، وهو الحزب الذي أسسه الرئيس إيمانويل ماكرون.
إضافة إلى ذلك، اجتمع مع هيرفيه مارسيل من اتحاد الديمقراطيين والمستقلين، وهو حزب يميني وسطي.
في خطوة أخرى لتوسيع دائرة مشاوراته، زار بارنييه مدينة ريمس للقاء 33 نائبًا من مجموعة "آفاق"، وهو الحزب الذي أسسه إدوارد فيليب، رئيس الوزراء السابق، في محاولة منه لبناء تحالف واسع يضمن استقرار حكومته في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه فرنسا.
"انتخابات مسروقة"
في المقابل، نددت الجبهة الشعبية الجديدة، وهي تحالف يساري، بما وصفته بـ"الانتخابات المسروقة"، و جاء هذا الاتهام بعد اختيار ماكرون "بارنييه"، السياسي اليميني، كرئيس للوزراء، رغم فوز اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في 7 يوليو.
ويعكس هذا الموقف حالة الاستقطاب السياسي الحاد التي تشهدها فرنسا حاليًا بين اليمين واليسار، كما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه النظام السياسي الفرنسي في التوفيق بين نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية عندما تأتي بنتائج متعارضة.