الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حسابات معقدة.. حكومة فرنسا بين تحديات بارنييه ولوبان

  • مشاركة :
post-title
مارين لوبان وميشيل بارنييه

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه فرنسا أزمة حكم غير مسبوقة، إذ عيّن الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس وزراء "مستقل" في خطوة تعيد البلاد إلى الاضطراب، وفقًا لصحيفة "بوليتيكو" الأوروبية.

وبحسب الصحيفة، يواجه ميشيل بارنييه، السياسي المخضرم من يمين الوسط، تحديات جمة في تشكيل حكومة مستقرة وسط برلمان منقسم بشدة.

رئيس وزراء بلا أغلبية

يفتقر بارنييه إلى الدعم الشخصي في الجمعية الوطنية الفرنسية، فمن الناحية النظرية، يمكنه الاعتماد على 47 نائبًا من معسكره اليميني الوسطي، و166 من معسكر ماكرون الوسطي، و نحو 21 نائبًا مستقلًا، إلا أن هذا العدد يظل أقل بكثير من الأغلبية المطلوبة البالغة 289 مقعدًا للحكم بفعالية.

وتشير "بوليتيكو" إلى أن التحالف اليساري المكون من أربعة أحزاب، الذي يمتلك 193 مقعدًا، غاضب من تهميشه من قبل ماكرون بعد رفض الرئيس تعيين مرشحتهم لوسي كاستيتس كرئيسة للوزراء.

ويعتزم هذا التحالف تقديم اقتراحات حجب الثقة في محاولة لإسقاط حكومة بارنييه.

معضلة مارين لوبان

في هذا السياق المتوتر، يبدو أن بقاء بارنييه مرتبط بحسابات زعيمة المعارضة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، فبإمكانها في أي لحظة، إضافة أصوات نوابها الـ142 إلى الـ193 صوتًا التي يمتلكها اليسار لتشكيل أغلبية قادرة على إسقاط حكومة بارنييه.

وفي مقابلات تلفزيونية خلال عطلة نهاية الأسبوع، صرّحت لوبان وكبار مساعديها بأن اليمين المتطرف لا يرغب في المساهمة في "الاضطراب المؤسسي والفوضى الديمقراطية" بفرنسا.

وتحدثت عن "الحكم على الحكومة الجديدة من خلال أفعالها" ووصفت بارنييه بأنه "رئيس وزراء تحت المراقبة".

أولويات متضاربة 

يشير تقرير "بوليتيكو" إلى أن لوبان قد تتسامح مع بارنييه، على الأقل في الوقت الحالي، طالما أنه يتبع سياسات تعالج أولويات حزب التجمع الوطني. وتأتي على رأس هذه الأولويات مسألة الهجرة، إذ يسعى الحزب إلى الحد بشكل كبير من الهجرة القانونية وغير القانونية إلى فرنسا، إلا أن هذا الموقف يتعارض مع سياسات الحكومات السابقة ويمثل نقطة خلاف رئيسية مع اليسار والوسط.

وتضع لوبان نصب عينيها تحسين مستوى معيشة الطبقتين العاملة والوسطى الدنيا في فرنسا، وهذا الهدف، وإن كان يحظى بتأييد واسع، إلا أن الخلاف يكمن في كيفية تحقيقه، فبينما قد تدفع لوبان نحو زيادة الحد الأدنى للأجور، قد يرى آخرون أن هذا سيضر بالاقتصاد على المدى الطويل.

أما الأولوية الثالثة فتتمثل في إصلاح النظام الانتخابي الفرنسي. يدعو حزب التجمع الوطني إلى التحرك نحو إلغاء نظام الانتخابات التشريعية ذات الجولتين لصالح نظام التمثيل النسبي من جولة واحدة.

هذا التغيير، إن تم تنفيذه، سيكون له تأثير عميق على المشهد السياسي الفرنسي، ويمكن أن يعزز موقف الأحزاب الصغيرة والمتطرفة.

أزمة مالية وشيكة

لكن التحدي الأكبر، كما تؤكد "بوليتيكو"، يكمن في كيفية تعامل لوبان مع الأزمة المالية الوشيكة التي تواجه فرنسا، فالبلاد بحاجة ماسة إلى مشروع موازنة لعام 2025 يهدف إلى خفض العجز بشكل كبير، إضافة إلى ذلك، هناك حاجة ملحة لتوفير 16 مليار يورو إضافية هذا العام، لإعادة العجز إلى المسار الصحيح الذي وعدت به فرنسا بروكسل والأسواق المالية.

هذا الوضع يضع لوبان في موقف صعب، إذ قد يتعارض دعم إجراءات التقشف مع وعودها للطبقات العاملة، بينما قد يؤدي رفضها لهذه الإجراءات إلى اتهامها بتعريض استقرار فرنسا المالي للخطر.

حسابات معقدة

تواجه لوبان معضلة حقيقية، فإذا أسقطت الحكومة الجديدة، فإنها تخاطر باتهامها بإغراق البلاد في الفوضى، وإذا دعمت إقرار موازنة "تقشفية" فستُتهم بأنها أصبحت سياسية تقليدية أخرى تدعم الوضع الراهن.

وتزداد حسابات لوبان تعقيدًا بسبب محاكمتها، المقررة في نهاية هذا الشهر، بتهمة اختلاس أموال من الاتحاد الأوروبي.

وإذا أدينت، فإنها تواجه حظرًا لمدة 5 سنوات من تولي المناصب العامة.