الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

في أول أيامها "المعدودة".. حكومة فرنسا تتعهد بآمال وسط الأزمات

  • مشاركة :
post-title
رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في خطوة تهدف لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية المتزايدة التي تواجه فرنسا، شهد، اليوم الاثنين، تشكيل حكومة جديدة برئاسة ميشيل بارنييه، ما يسلّط الضوء على ملامح التشكيل الجديد، والتحديات التي تنتظره، وردود الفعل المختلفة، استنادًا إلى تغطية شاملة من صحيفة "لو فيجارو".

رسائل قوية

شهدت وزارة الداخلية الفرنسية مراسم تسليم وتسلم مهام لافتة بين الوزير المغادر جيرالد دارمانان والوزير الجديد برونو ريتايو، الذي أكد في خطابه أولوياته الرئيسية قائلًا بحزم: "لن أتنازل عن شيء، ولن أتسامح مع أي إهانة جسدية أو لفظية ضد قوات الأمن".

ونقلت "لو فيجارو" عن ريتايو، قوله: "الرسالة واضحة: الفرنسيون يريدون مزيدًا من النظام في الشوارع وعلى الحدود".

وشدّد "ريتايو" على ثلاث أولويات رئيسية لوزارته هي: "الأولوية الأولى استعادة النظام، الأولوية الثانية استعادة النظام، الأولوية الثالثة استعادة النظام"، وأكد أن غياب النظام يهدد الحرية، معتبرًا النظام شرطًا أساسيًا للأخوة في المجتمع. ومع ذلك، أشار إلى أن التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها، متعهدًا بالصدق مع الفرنسيين.

الوزير المغادر جيرالد دارمانان والوزير الجديد برونو ريتايو
تطلعات جديدة

كما شهدت وزارة العدل تغييرًا بتعيين ديدييه ميجو وزيرًا، الذي استقبله إريك دوبون موريتي، الوزير السابق، في مراسم تسليم السلطة صباح اليوم، وركّز "موريتي" في خطابه الوداعي على إنجازات وزارته خلال السنوات الأربع الماضية.

وبينما تتجه التوقعات نحو الكيفية التي سيتعامل بها "ميجو" مع التحديات القضائية القائمة، فمن المتوقع أن يواصل الوزير الجديد العمل على تنفيذ قانون البرمجة للعدالة الذي أكد عليه سلفه، مع إمكانية إدخال رؤى جديدة لتعزيز النظام القضائي الفرنسي. 

ونقلت صحيفة "لو فيجارو" عن مصادر مطلعة أن "ميجو" سيولي اهتمامًا خاصًا بتسريع الإجراءات القضائية وتحسين ظروف عمل القضاة والموظفين في المحاكم الفرنسية.

وزير العدل دوبون موريتي وخليفته ديدييه ميجو
التحديات الاقتصادية

ولأن التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة الجديدة كبيرة، خاصة فيما يتعلق بإعداد ميزانية عام 2025، فقد أكد رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، في تصريحات نقلتها صحيفة "لو فيجارو"، عدم نيته زيادة الضرائب على عموم الفرنسيين.

وقال "بارنييه": "لن نُزيد الضرائب على جميع الفرنسيين، لا على الأكثر تواضعًا، ولا على العاملين، ولا على الطبقة الوسطى".

ومع ذلك، أشار إلى إمكانية فرض "ضرائب مستهدفة" على الأثرياء وبعض الشركات الكبرى، قائلًا: "لا أستبعد أن يشارك الأشخاص الأكثر ثراءً في الجهد الوطني"، إذ يأتي هذا التوجه في ظل البحث عن موارد إضافية لتمويل الميزانية الفرنسية وتقليص العجز، وفقًا للصحيفة. 

جدل جدول ضريبة الدخل

أثار الحديث عن إمكانية تجميد جدول ضريبة الدخل جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والاقتصادية، إذ اعتبر سيباستيان شينو، النائب عن حزب التجمع الوطني، أن هذا الإجراء يمثل "خطًا أحمر"، واصفًا إياه بأنه "زيادة ضريبية مقنعة".

وقال "شينو" في تصريحات نقلتها "لو موند": "سيقولون لنا إن هذا يمس الأكثر ثراءً، بينما في الواقع سيتم إدخال فرنسيين في الشريحة الضريبية الأعلى دون أن يروا زيادة في قوتهم الشرائية في السنوات الأخيرة"، ما يسلّط الضوء على التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة في موازنة الاحتياجات المالية للدولة مع حماية القدرة الشرائية للمواطنين.

البرلمان الفرنسي
توجيهات بارنييه

خلال اجتماع مع وزرائه الجدد، وجّه رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه رسائل مهمة لفريقه، تعكس رؤيته لأسلوب العمل الحكومي، إذ طلب منهم، حسبما ذكرت صحيفة "لو فيجارو"، أن يكونوا "لا تشوبهم شائبة ومتواضعين".

وأضاف بارنييه: "العمل أكثر من التواصل، والعمل قبل التواصل"، في إشارة واضحة إلى تفضيله للإنجازات الملموسة على الخطاب الإعلامي.

احترام التنوع

شدّد بارنييه على أهمية احترام جميع المواطنين الفرنسيين والأحزاب السياسية، داعيًا وزراءه إلى الاستماع إلى "الجميع"، إذ قال: "أفضل الأفكار يجب أن تأتي من الجميع"، مؤكدًا على نهج شامل في صنع السياسات، كما تعهّد بإدارة حكومة "جمهورية وتقدمية وأوروبية"، في محاولة لتوحيد مختلف التيارات السياسية خلف برنامج حكومي موحد.

ردود فعل المعارضة

لم تتأخر المعارضة في توجيه سهام النقد للحكومة الجديدة، إذ دعا جان لوك ميلونشون، زعيم اليسار المتشدد، إلى "التخلص في أقرب وقت ممكن" من هذه "الحكومة الخاسرة"، ما يعكس حدة الانقسام السياسي في فرنسا وصعوبة تحقيق توافق وطني حول السياسات الحكومية.

اليمين المتطرف

من جانبه، لم ير حزب التجمع الوطني، الممثل لليمين المتطرف، "أي مستقبل" لهذا التشكيل الحكومي، ما يضع مزيدًا من الضغط على الحكومة الجديدة لإثبات فعاليتها وقدرتها على تحقيق نتائج ملموسة في وقت قصير.

هشاشة الأغلبية البرلمانية

تشير "لو فيجارو" إلى أن الحكومة قد تسقط في أي لحظة إذا واجهت أغلبية من 289 صوتًا ضدها في الجمعية الوطنية. هذا الوضع يسلّط الضوء على هشاشة الأغلبية البرلمانية التي تستند إليها الحكومة، ما يجعل مهمة تمرير الإصلاحات والقوانين أكثر تعقيدًا.