في تحول للمشهد السياسي الفرنسي، يجد الرئيس إيمانويل ماكرون، نفسه في موقف غير مسبوق بعد تعيين ميشيل بارنييه، السياسي المخضرم من حزب الجمهوريين، رئيسًا للوزراء، وفي هذا الصدد تشير صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، إلى أن هذا التغيير لم يقتصر على تبديل الوجوه في الحكومة فحسب، بل أحدث زلزالًا في توازن القوى داخل أعلى مستويات الدولة الفرنسية.
ماكرون يتنحى جانبًا
وفقًا لصحيفة لوفيجارو الفرنسية، فإن تعيين ميشيل بارنييه، كرئيس للوزراء، حول مركز الثقل السياسي في فرنسا من قصر الإليزيه إلى مقر رئاسة الوزراء في ماتينيون.
هذا التحول الجذري يضع ماكرون في موقف دقيق، إذ لم يعد يتحكم في الرافعات الرئيسية للسلطة، لكنه أيضًا لا يجد نفسه في حالة تعايش سياسي بالمعنى الدقيق للكلمة.
وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن ماكرون يبدو مستعدًا للتكيف مع هذا الواقع الجديد، فقد أقر مسؤولون في قصر الإليزيه بأن القصر الرئاسي "لن يكون بعد الآن قوة دافعة للسياسات العامة"، ما يعكس تحولًا كبيرًا في نمط الحكم الذي اتبعه ماكرون منذ توليه الرئاسة.
العلاقة بين الإليزيه وماتينيون
رغم التحديات، يبدو أن هناك محاولات للتعاون بين ماكرون وبارنييه، إذ التقيا لتناول الغداء، أمس الاثنين، في ثاني لقاء بينهما منذ تعيين بارنييه.
ووصف أحد المستشارين اللقاء بأنه "نقطة مرحلية" ناقشا خلالها الجدول الزمني المقبل و"التوازنات الكبرى" في تشكيل الحكومة.
ومع ذلك، تظل هناك تساؤلات حول كيفية تطور هذه العلاقة، إذ يقول أحد النواب المقربين من الإليزيه، كما نقلت لوفيجارو: "إنه وضع غير مسبوق يتعين على كل منهما أن يجد مكانه فيه، لا أحد يملك دليل الاستخدام، وربما سنتعلم في أثناء المسير".
التحدي الأكبر لماكرون
يواجه ماكرون تحديًا كبيرًا يتمثل في إعادة تعريف دوره كرئيس للجمهورية، إذ يرى بعض المراقبين أن ماكرون قد يستفيد من التركيز على دور أكثر مؤسسية ودولية، مع الاستمرار في التواصل المباشر مع الفرنسيين.
ويقول أحد النواب المقربين من الإليزيه: "إنها فرصة لإعادة نسج علاقة مباشرة مع الفرنسيين دون أن يتم اللحاق به من قبل الأخبار السياسية الفورية".
هذا النهج قد يساعد ماكرون في تحسين صورته وتقييم عمله من قبل الرأي العام.
استراتيجية الابتعاد
يرى البعض أن من مصلحة ماكرون أن يبتعد عن الواجهة، إذ تنقل لوفيجارو عن إحدى الشخصيات التي التقت الرئيس مؤخرًا: "إنه من مصلحة ماكرون أن يتراجع، حتى لا يقع في الفخ إذا فشل بارنييه".
ومع ذلك، يبقى السؤال بحسب ما تشير الصحيفة، هل سيتمكن ماكرون حقًا من ترك العمل السياسي بين أيدي غيره؟، خاصة وأن هذا العمل سيؤثر على تقييمه النهائي، إذ يشكك البعض في قدرة ماكرون على التنحي جانبًا، نظرًا لطبيعته النشطة والمسيطرة.
الخطوات القادمة
رغم الحديث عن التراجع، يبدو أن ماكرون لا يزال حريصًا على الظهور في الميدان، إذ افتتح مصنعًا جديدًا لمختبرات سانوفي بالقرب من ليون، الثلاثاء الماضي، ومن المقرر أن يشارك في احتفالات الذكرى الثمانين لتحرير لوهافر، الخميس المقبل.
هذه الأنشطة، وإن كانت تُوصف بأنها "التزامات قديمة يتم الوفاء بها"، إلا أنها تشير إلى رغبة ماكرون في الحفاظ على حضوره وتأثيره في المشهد السياسي الفرنسي.